سعود بن نايف يدشن الخدمات الرقمية والكاميرات الذكية بالشرقية    آل الشيخ يرأس وفد المملكة في الاجتماع البرلماني الأممي    أوربارينا يجهز «سكري القصيم» «محلياً وقارياً»    مكالمة السيتي    الخليج يتغلب على أهلي سداب العماني ويتصدّر مجموعته في "آسيوية اليد"    تبدأ من 35 ريال .. النصر يطرح تذاكر مباراته أمام السد "آسيوياً"    هيئة الشورى توافق على تقارير الأداء السنوية لعدد من الجهات الحكومية    «سعود الطبية» تستقبل 750 طفلاً خديجاً    «القمة غير العادية».. المسار الوضيء    أعضاء حكومة ترمب.. الأهم الولاء والتوافق السياسي    لغز البيتكوين!    الوعد ملهم.. العام المقبل    وزير التجارة: الاهتمام بالجودة لم يعد خيارًا بل واجب وطني تجسد في رؤية 2030    95 % إشغال فنادق الرياض خلال إجازة منتصف العام    الله عليه أخضر عنيد    «الأخضر» جاهز للقاء إندونيسيا.. ورينارد يكاشف الإعلام    الخليج يضرب أهلي سداب بفارق 21 هدفاً    وزير الدفاع يستقبل وزير القوات المسلحة الفرنسية    ستة ملايين عملية عبر «أبشر» في أكتوبر    المكتشفات الحديثة ما بين التصريح الإعلامي والبحث العلمي    الدرعية.. عاصمة الماضي ومدينة المستقبل !    أعاصير تضرب المركب الألماني    المملكة تقود المواجهة العالمية لمقاومة مضادات الميكروبات    سعودي يفوز بجائزة أفضل إخراج سينمائي في نيويورك    علاقات أمريكا والصين غموض مستمر وقلق يتصاعد    مجمع الملك سلمان يطلق النسخة الرابعة من «تحدي الإلقاء للأطفال»    للمملكة فضل لا يُحدّ    للمرة الأولى دعوة لاعتبار هجمات إسرائيل على غزة إبادة جماعية    تكريم رجال أمن بالطائف    شراكة إعلامية سعودية صينية واتفاقيات للتعاون الثنائي    رابطة العالم الإسلامي تدين استهداف قوات الاحتلال لوكالة "أونروا"    انتظام 30 ألف طالب وطالبة في أكثر من 96 مدرسة تابعة لمكتب التعليم ببيش    وزير الدفاع والسفير الصيني لدى المملكة يستعرضان العلاقات الثنائية بين البلدين    موافقة خادم الحرمين الشريفين على استضافة 1000 معتمر من 66 دولة    إحباط 3 محاولات لتهريب أكثر من 645 ألف حبة محظورة وكمية من مادة «الشبو»    نائب أمير منطقة مكة يستقبل المندوب الدائم لجمهورية تركيا    نائب وزير الخارجية يستقبل السفير الأمريكي لدى المملكة    جمعية "إرادة" تحقق الذهبية في جائزة التجربة التعليمية    وزير الصحة: 10 % نموي سنوي لقطاع الأدوية بالمملكة    تدشين 3 عيادات تخصصية جديدة في مستشفى إرادة والصحة النفسية بالقصيم    محافظ الطائف يلتقي مديرة الحماية الأسرية    نمو سجلات الشركات 68% خلال 20 شهراً منذ سريان نظام الشركات الجديد    القمر الأحدب يقترن بكوكب المشتري اليوم    حملة ميدانية على الباعة الجائلين المخالفين في غرب الدمام تسفر عن مصادرة 168 طنًا من المتروكات    "الأرصاد"سماء صحو إلى غائمة على جازان وعسير والباحة ومكة والمدينة    «الطاقة»: السعودية تؤكد دعمها لمستقبل «المستدامة»    اللجنة المشتركة تشيد بتقدم «فيلا الحجر» والشراكة مع جامعة «بانتيون سوربون»    5 فوائد صحية للزنجبيل    بيني وبين زوجي قاب قوسين أو أدنى    المتشدقون المتفيهقون    السخرية    البيان المشترك الصادر عن الاجتماع الثاني للجنة الوزارية السعودية- الفرنسية بشأن العُلا    دخول مكة المكرمة محطة الوحدة الكبرى    رحلة قراءة خاصة براعي غنم 2/2    وطنٌ ينهمر فينا    خطيب المسجد الحرام: احذروا أن تقع ألسنتكم في القيل والقال    ختام مسابقة القرآن والسنة في غانا    مركز عتود في الدرب يستعد لاستقبال زوار موسم جازان الشتوي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الرئيس الفرنسي يستبق قمة الفركوفونية في بيروت اليوم بمواقف سياسية ... ولحود يدعو الى ضرورة اعطاء فرصة للمبادرة العربية للسلام . شيراك يعد بباريس - 2 خلال أسابيع ويدعو الى استكمال تطبيق الطائف
نشر في الحياة يوم 18 - 10 - 2002

تنطلق في بيروت اليوم أعمال مؤتمر القمة الفرنكوفونية التاسع، واستبقها الرئىس الفرنسي جاك شيراك بنشاط حافل في العاصمة اللبنانية امس اطلق خلاله سلسلة من المواقف السياسية تناولت الوضع في لبنان والصراع في فلسطين المحتلة والتهديدات الاميركية بشن حرب على العراق.
وإذ استكملت بيروت امس اجراءاتها التحضيرية والميدانية للقمة التي ستستمر ثلاثة ايام، توالى وصول الوفود المشاركة فيها، وقد توقفت حركة الملاحة العادية في مطار بيروت الدولي بعد الظهر لاستقبال الطائرات الخاصة بالوفود. وكان لافتاً وصول الرئىس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة على رغم ان بلاده ليست عضواً في المنظمة الفرنكوفونية الدولية. وقالت مصادر رسمية معنية بالقمة ل"الحياة" ان حضور بوتفليقة يحمل إشارات متعددة منها الرغبة في طي صفحة العلاقة المتوترة لبلاده بالفرنكوفونية على خلفية الاستعمار الفرنسي للجزائر وحروبه والتاريخ الطويل من الصراع بين الطرفين، وفتح صفحة جديدة. ويحضر بوتفليقة، الذي لم يحسم الأمر الا في وقت متأخر، كمراقب، تلبية لدعوة خاصة من نظيره اللبناني الذي استقبله في المطار وعقد جلسة محادثات معه في مقر اقامته في فندق "فينيسيا".
ومن أبرز الواصلين نهار امس ايضاً الرئىس الفيتنامي تران دوك لوانغ ورئىس جمهورية مالي امادو توماني توريه ورئىس جمهورية جزر القمر عثمان الغزالي ورئىس السنغال عبدولاي واد ورئىس جمهورية بوروندي بيار بويويا. ومن رؤساء الحكومات: كندا جان كريتيان ومقاطعة كيبيك برنارد لاندري وغينيا لامين سيديمي وموريتانيا الشيخ العافية ولد محمد فونا.
} بيروت - "الحياة"
كان الرئيس الفرنسي جاك شيراك وزوجته السيدة برناديت وصلا الى مطار بيروت في طائرة الرئاسة الفرنسية، وكان في استقبالهما الرئيس إميل لحود وزوجته السيدة اندريه والرئيس نبيه بري ورئيس الحكومة رفيق الحريري وزوجته السيدة نازك.
وبعد مراسم الاستقبال، عقد لحود وشيراك خلوة في قصر بعبدا وانضم الى المحادثات لاحقاً اعضاء الوفدين اللبناني والفرنسي.
وأكد لحود أمام نظيره الفرنسي "ان وقوف بلاده الى جانب لبنان وتقديم الدعم المتواصل له في المحافل الاقليمية والدولية هما النتيجة الطبيعية لوقوف فرنسا الى جانب الحق والعدالة والسلام".
وقال: "ان اللبنانيين يشعرون، بأن العلاقات اللبنانية الفرنسية تتجاوز الاطار الطبيعي لأي علاقة بين دولتين صديقتين، الى ما هو أكثر رسوخاً وامتداداً عبر التاريخ. وهذه العلاقات ازدادت وثوقاً ومتانة خلال السنوات الماضية، من خلال المبادرات التي اتخذها الرئيس شيراك نحو لبنان والتي شملت مجالات كثيرة جعلت من التعاون اللبناني الفرنسي نموذجاً يحتذى وأرست قواعد متينة تعكس بوفاء ما يجمع بين الشعبين من أواصر الصداقة المرتكزة الى نظرة متجانسة الى الأحداث".
ونوّه لحود بما يبديه شيراك "من متابعة دقيقة للأوضاع في لبنان ومن حرص على تقديم المساعدة"، لافتاً الى ان "الجهود التي يبذلها لعقد مؤتمر "باريس - 2" خير دليل على الاهتمام الفرنسي المتنامي بمستقبل لبنان ومنعته الاقتصادية". وإذ لاحظ "ان التعاون الثنائي في الميادين الاقتصادية والثقافية والتربوية يشهد تطوراً لافتاً"، أشاد بإصرار شيراك على عقد القمة الفرنكوفونية "في الزمان والمكان نفسيهما على رغم الضغوط التي مورست في هذا المجال".
وخلال البحث في الوضع في منطقة الشرق الأوسط ركز لحود على "ضرورة اعطاء فرصة للمبادرة العربية للسلام".
وكرر لحود موقف لبنان من ضرورة استكمال الانسحاب الاسرائيلي من مزارع شبعا اللبنانية، وإطلاق الأسرى والمعتقلين في السجون الاسرائيلية، اضافة الى حق لبنان في ممارسة سيادته على أرضه ومياهه وسمائه. وشدد على ضرورة معالجة قضية الفلسطينيين، وفق القرارات الدولية، مكرراً في هذا الاطار رفض لبنان توطينهم على أرضه.
وفي الموضوع العراقي، اثنى لحود على مواقف شيراك حيال التهديدات المتواصلة ضد العراق، داعياً الى مقابلة الايجابيات التي صدرت عن بغداد في موضوع عودة المفتشين الدوليين، بإيجابيات مماثلة تمهد الطريق امام معالجة سياسية دولية للوضع القائم، مستذكراً الموقف الاجماعي للدول العربية لجهة اعتبار اي اعتداء على العراق كأنه اعتداء على الدول العربية كافة، معتبراً ان هذا الموقف لا يجوز تجاهله او التخفيف من أهميته.
وأعرب عن قناعته بأن "الادانة الواسعة للأعمال الارهابية والجهات التي تقف وراءها، تتطلب جهداً مشتركاً مبنياً على القوانين والمواثيق الدولية ومستظلاً غطاء الشرعية الدولية التي تميز بين الارهاب وحقوق الشعوب في النضال من اجل تحرير ارضها من الاحتلال، لا سيما ان التجربة الفرنسية في هذا المجال لا تزال ماثلة في الذاكرة الحديثة للشعوب". وتوجه شيراك ولحود مع اعضاء الوفدين الى حديقة القصر الرئاسي، حيث زرع وشيراك شجرة أرز.
واستكملت المحادثات اللبنانية الفرنسية في غداء عمل في القصر الرئاسي حضره بري والحريري، وانتقل الجميع الى افتتاح المبنى الجديد ل"المعهد الوطني للادارة" الذي أنشئ بموجب بروتوكول موقّع بين معهدي الادارة في فرنسا ولبنان لاعادة بناء الادارة العامة في لبنان وتنظيمها.
الجلسة البرلمانية
وانتقل شيراك الى ساحة النجمة التي احيطت باجراءات أمنية مشددة، اذ فرض منع للتجول في الشوارع المؤدية الى المجلس النيابي. وسبق شيراك الى المجلس النواب وأعضاء الحكومة. ورافق الرئيس بري ضيف المجلس الى قاعته، ولأن المجلس التأم في جلسة عامة استثنائية فإن مقدمتها شهدت تلاوة بلاغ وزير الداخلية الياس المر الى المجلس بفوز المرشح اسامة معروف سعد بالتزكية بمقعد نيابي عن محافظة الجنوب.
بري
وألقى بري كلمة رحب فيها بشيراك "الذي قصد من زيارته ان تسبق القمة الفرنكوفونية نتيجة اصراره على عقدها وانجاحها تأكيداً على وفاء فرنسا لالتزاماتها تجاه لبنان ودعمه معنوياً ومادياً، وتأكيد ان بلدنا لا يمثل ضرورة لبنانية وعربية فحسب، بل ضرورة عالمية كنموذج للعيش المشترك، ومنبر لتلاقي الحضارات والأديان بفضل تواجده على طرق الشرق والغرب والاسلام والمسيحية". وأضاف مخاطباً شيراك: "كل لبناني يتذكر العبارات النبيلة المملوءة بالعاطفة التي تضمنتها كلمتكم من على منبر المجلس النيابي اللبناني في 4 نيسان أبريل عام 1996". وأكد بري ان "أكثرية اللبنانيين تنحاز من دون تردد الى القيم الديموقراطية واحترام الحريات العامة وان القلق الذي يسود بعض الأوساط والتعبيرات الواضحة لها، انما تمثل قمة الاختلاف او الائتلاف في اطار المعارضة او الموالاة وليس التنكر لضرورة الدولة، ان ما يحكم العلاقات على مساحة لبنان هو التسامح في الدرجة الأولى ودائماً الحوار". وأضاف: "ان هذا الحوار وان بدا ساخناً ومعقداً او ملتبساً أحياناً الا انه يعبر عن قيم النظام البرلماني الديموقراطي الذي يزداد ترسخاً في بلدنا ويؤكد ان لبنان كان وسيبقى حديقة للحرية التي نريدها مسؤولة وتحترم حرية الآخرين وحدود القانون". وتابع بري: "لقد تعلمنا من تجربة فرنسا ومن الثورة الفرنسية الى اليوم، ان الحرية المطلقة شر مطلق وان السلطة المطلقة شر مطلق أيضاً". ولفت بري الى "ان هناك مسعى للنيل من الاستقرار العام في بلدنا يحاول ان يستخدم عناصر الانتشار اللبناني لخلق شكوك في طبيعة الدولة ودورها ويحاول الضغط على موقع ودور اصدقائنا في النظام الدولي وفي الطليعة فرنسا ودورها، ويحاول النيل من أشقائنا وفي الطليعة سورية من طريق محاولة خلق شرخ في العلاقات السورية - اللبنانية"، وقال: "ان جل ما نطمح اليه هو ان ترقى علاقتنا بأشقائنا الى مستوى العلاقات بين دول الاتحاد الأوروبي واننا نلتزم طبيعة مماثلة للعلاقات الاقتصادية والتشريعية والثقافية والسياسية على رغم ان ما يجمع لبنان وسورية من علاقات أعمق من أي علاقة مماثلة بين دول الاتحاد الأوروبي. يبقى ان نعول كثيراً على استمرار مساهمة فرنسا في التنمية الاقتصادية لبلدنا ونعتمد على دعمكم في بناء شراكة أوروبية محسوسة مع لبنان كما اننا نعتمد في شكل اساسي على تبنيكم ورعايتكم لعقد مؤتمر "باريس -2" المخصص لدعم لبنان". وعبر باسم البرلمانيين العرب واللبنانيين عن "قلقنا من خطة اسرائيلية كاملة لترحيل الفلسطينيين مؤجلة الى ما بعد استكمال عناصر الحرب الاميركية المتواصلة ضدّ العراق، وانقل اليكم قلقنا من ان اسرائىل تعد العدة للانتقام من لبنان ومن سورية والضغط على لبنان لمنعه من استخدام موارده المائية وكذلك من خلال الخروق اليومية للمياه الاقليمية وللأجواء اللبنانية وهي أكثر من ان تعد وتحصى". وأضاف: "أوجه عنايتكم الى ان كبح التهديدات العدوانية يتوقف على اشعار اسرائيل بأنها ليست استثناء لا تطبق عليها القرارات الدولية وانها ليست فوق الرقابة على اسلحتها النووية وما تمتلكه من اسلحة الدمار الشامل". وشكر "موقف فرنسا الدائم من قضايا لبنان والعرب العادلة، وموقفها المميز من التلويح بالقوة او استخدامها لمعالجة الملف العراقي".
شيراك
وألقى شيراك خطاباً استهله بالقول: "لا شيء يشبه علاقة فرنسا بلبنان. وتنطق لغة القلوب متى التقى اللبنانيون والفرنسيون. دعوتموني اليوم الى هذا الصرح لسماع صوت فرنسا، فستسمعون كما عام 1996 صوت الصداقة والإخاء. لا شيء في مسيرة بلدكم، مأسوياً كان احياناً، ام رائعاً غالباً، الا ويثير اهتمام فرنسا".
وقال ان بيروت "تعود الى احتلال موقعها كمدينة الحوار، جامعة في احضانها مختلف الحساسيات والمواهب واللغات التي يضمها عالم الفرنكوفونية، ومنظمة اللقاء بين عالم الفرنكوفونية والعالم العربي، كنموذج مثالي لحوار الحضارات والثقافات".
وأضاف: "انكم تجسدون الوحدة الوطنية المستعادة. انتم حراس قيم التسامح والديموقراطية وحقوق الانسان والحريات التي لا يمكن للبنان ان يكون هو نفسه من دونها. انها قيم سهلة المنال، ولكم يعود دور حمايتها من كل ما يضعفها. ولكم ايضاً دور الحرص على تمثيل مختلف الاتجاهات السياسية والاجتماعية في صرحكم، وعلى امكان التعبير لأي فرد في بلدكم بكامل الحرية. انكم تحملون على كاهلكم حيزاً اساساً من مصير لبنان".
واستعاد اتفاق الطائف وقال: "تلزمكم المتابعة والانتهاء من تطبيقه، وإعادة بناء الدولة بكامل صلاحياتها. اي الدولة التي يجد جميع اللبنانيين انفسهم فيها، الدولة المنصفة في خدمة الجميع، دولة القانون محط ثقة المواطنين، تبدد مخاوفهم من المستقبل. دولة ذات سيادة كاملة ومستقلة قادرة على اسماع صوتها وفرض احترامها". وأضاف: "مرة اخرى بامكانكم الاعتماد على مساندة فرنسا. انها مساندة نؤكدها دوماً، وخصوصاً في احلك الساعات، مؤدين الثمن احياناً من حياة ممثلينا وجنودنا. مذكرين ومنذ عام 1978، بحرصنا على سلامة اراضي لبنان وعلى استقلاله وسيادته، ومدينين بشدة احتلال اسرائىل لجنوب لبنان. ومذكرين ايضاً من دون هوادة بأحكام القرار 425، مع تقديمنا المساهمة المباشرة في قوات الأمم المتحدة في الجنوب. لقد كنا أول من دان مأساة قانا، وهذا قبل الحصول على تشكيل مجموعة رقابة في نيسان ابريل 1996، لتقوم بحصر النزاعات وبحماية المدنيين. كما شاركنا جميع اللبنانيين فرحة التحرير لدى انسحاب اسرائيل في ايار مايو عام 2000. ومنذ ذلك الوقت، تعمل السلطات اللبنانية على اعادة حضور الدولة في المنطقة المحررة. لكن يلزم المتابعة قدماً في هذا المنحى ان كان في المجال الامني أو في مجال الادارة والخدمات العامة". واعتبر شيراك "ان اعادة سلطة الدولة الى كامل هذه المنطقة تمثل انفراجاً وتشجيعاً لسكان عاشوا الاحتلال أكثر من عشرين عاماً. ويتيح ايضاً لفرنسا وللمجموعة الدولية التحرك بنشاط اكبر لإنماء هذا الجزء من الاراضي اللبنانية".
مصلحة لبنان برباطة الجأش
ونبه الى ان "يلزمنا ان نظل حذرين لأن مخاطر التصعيد قائمة، فلنتفاد الاثارة من الجانبين. اننا ندعو جميع الاطراف، كما تعهّدوا، الى احترام "الخط الأزرق" الذي وضعته الأمم المتحدة، والى البرهنة مهما كان الظرف على رباطة الجأش. إنها مصلحة لبنان ومصلحة جميع اللبنانيين. فباحترام القانون الدولي ايضاً يجب ان تسوّى النزاعات في شأن الموارد المائية. وفرنسا مستعدة اذا شاء لبنان، لأن تقدّم مساهمتها لتسوية الامر".
وانتقل الى الشأن الاقتصادي وقال: "تعرفون مساهمتنا منذ غداة الحرب في اعادة بناء البلد، ويتوجه اهتمامنا اليوم الى شؤون الانماء. وفي هذا الصدد قررنا وضع لبنان ضمن دائرة الشركاء الأولى في مجال التعاون عندنا. لكن مواصلة الانماء عندكم ترتبط اليوم بنجاح اعادة هيكلة النظام المالي لاقتصادكم. وعلى لبنان اليوم التحكم بعجز الموازنة وبخفضها وتخفيف عبء الديون، لأن المسألة تتجاوز الاعتبارات الاقتصادية والاجتماعية وحدها، إنما تطاول استقرار البلد ذاته وبالتالي استقرار المنطقة بمجملها. ولمساعدة لبنان في هذا الشأن، طلبت بالاتفاق مع رئيس الوزراء من شخصية بارزة في عالم المال الدولي، حاكم شرف مصرف فرنسا مدير عام سابق لصندوق النقد الدولي السيد ميشال كامديسوس، الدفاع عن ملف لبنان لدى اعضاء مجموعة الثمانية، ولدى شركائنا الأوروبيين والعرب، ولدى المنظمات المالية الدولية. وقد تضافرت الجهود من اجل عقد اجتماع دولي في الاسابيع المقبلة واتخاذ التدابير التي ستساعد لبنان على مواجهة صعوباته. ويؤدي بلدكم، عبر الجهود التي بذلتها حكومتكم، دوره في هذا الاتجاه. ولا شك عندي في ان مجلسكم سيقدم كامل دعمه لتطبيق هذه السياسة الجريئة والضرورية".
ونوّه شيراك بجهود لبنان لمكافحة تبييض الاموال، "ما ركز دور بيروت كموقع مالي ودولي. ولقد ظهرت نتائج ملموسة لذلك، وهذا ما يمثل تشجيعاً لمواصلة تنقية الوضع المالي وتحديث جهاز الدولة، والإتاحة للاقتصاد اللبناني بالعودة الى دائرة المنافسة الدولية". وقال: "سيعطي اتفاق الشراكة الاخير بين لبنان والاتحاد الأوروبي الذي سيعرض عليكم قريباً، برنامج الاصلاحات وتطبيقها دفعاً قوياً. فهو يربط لبنان بأوروبا ويؤكد وحدة المصير، ويساعد في تمتين الصلات بجيرانكم العرب المتوسطيين. كما ان إنشاء المجموعة الأوروبية المتوسطية الجديدة، وحلول سلام عادل وشامل، ندعو اليه بكل أمانينا، سيتيح للبنان تعزيز استقلاله وتوطيد تعاونه مع بلدان المنطقة".
تسوية عادلة
وانتقل للحديث عن الوضع في المنطقة فقال: لن تستعفي فرنسا وستواصل العمل من أجل تسوية عادلة لهذا النزاع على قاعدة قرارات مجلس أمن الأمم المتحدة". وقال: "تسوية عادلة للفلسطينيين كشعب له الحق بالعيش في دولة ذات سيادة. فنحن لم نرض ابداً باحتلال مخالف للقانون، باحتلال يذل ويفقر. باحتلال يغذى من جيل الى جيل بالحقد والضغينة. وتسوية عادلة ايضاً لاسرائيل التي لها حق مطلق في العيش ضمن حدود آمنة ومعترف بها، وللاسرائىليين الذين لهم الحق بالأمن. تدين فرنسا من دون تحفظ العنف الارهابي". ورأى "ان المطلوب في البداية العودة الى الحوار كما يتطلب مجلس الأمن. وعلى كل من الاطراف ان يبرهن عن حسن ارادته. ان كانت السلطة الفلسطينية فبالاصلاح، وان كانت اسرائيل فبالانسحاب من الاراضي الفلسطينية. وسنواصل جهودنا من دون كلل لإعادة البحث عن حل سياسي في إطار مؤتمر دولي. ان هذه الجهود تعتمد على توصيات مجموعة الاربعة، كما تعتمد على الفرصة التاريخية المتمثلة بالخطة العربية للسلام التي تبنتها قمة بيروت في آذار مارس الماضي". وشدد على ان "لن يكون السلام شاملاً عادلاً ودائماً الا اذا شمل لبنان وسورية، والا اذا قدم حلاً منصفاً لقضية اللاجئين الفلسطينيين، حلاً يأخذ في الاعتبار مصالح لبنان. هذا موقف فرنسا الثابت". وقال: "في الوقت نفسه، فإن التطور نحو هذا السلام الذي نتمناه بكل صدق، سيتيح للبنان وسورية موافقة علاقاتهما وإنجاز الانسحاب الكامل للقوات السورية من بلدكم طبقاً لاتفاق الطائف".
أزمة العراق
وتوقف عند ازمة اخرى "تهدد أمن المنطقة وهي الازمة العراقية"، وقال: "تضع فرنسا كل امكاناتها بهدف احترام الشرعية. إن نزع السلاح العراقي هو امر ملزم، كما يجب ان تطبق جميع القرارات. لا يمكننا ان نتساهل مع تحديات العراق لالتزاماته وان يمثل تهديداً للسلام وللاستقرار. اقول جميع القرارات لكن ليس غير القرارات. اننا نود العمل في شكل جماعي في اطار الأمم المتحدة التي وحدها تضمن شرعية اي عمل. وهذه ضرورة اخلاقية وسياسية على السواء، وهذا ضمان الفاعلية. ولأن مستقبل العلاقات الدولية معرض ايضاً للخطر. فالخيار العسكري كملاذ اخير ليس قدراً. فلنراهن قبل على المسؤولية وعلى الأمن في ظل السلام".
وجدد تأكيده ان "ليس لبنان وحيداً، فنحن الى جانبه وسنواصل تعبئة المجموعة الدولية لمصلحته بهدف مساعدته على استعادة موقعه الكامل والبارز بين الأمم.
ثم صافح شيراك كل الوزراء والنواب والمدعوين الذين حضروا الجلسة، وتولى بري التعريف، وتبين ان شيراك يعرف عدداً منهم. وكانت وقفة لافتة بينه وبين النائب وليد جنبلاط، فيما قال النائب بيار أمين الجميل لشيراك "اننا سررنا جداً بخطابك".
جنبلاط
وقال جنبلاط ل"الحياة" ان شيراك ذكّره بهدية قدمها اليه حين زاره في قصر الاليزيه وانه يضعها في مكتبه ويتذكره كلما نظر اليها. وعلّق على بعض ما جاء في خطاب شيراك قائلاً: "ان اشارة الرئىس الفرنسي الى الانسحاب السوري وفقاً لاتفاق الطائف تدعونا الى التذكير ايضاً بأن هناك اتفاقات ومعاهدات بين حكومتي البلدين ثم ان اعادة الانتشار السوري في لبنان تمت في غالبيتها، قبل زيارة الرئىس بشار الاسد للبنان السنة الماضية وبعدها". وامتدح تناول شيراك سورية ولبنان على اساس وحدة المسارين في عملية السلام.
وانتقل شيراك الى السرايا الكبيرة لاجراء محادثات مع الحريري. وجال بنظره على ابنية السرايا التاريخية، ولم يكن زارها خلال زيارته السابقة للبنان. وشارك شيراك في حضور الجلسة الختامية للجمعية الدولة لرؤساء البلديات الفرنكوفونية في مقر الاونيسكو. وجلس مع الحريري مساء في أحد مطاعم وسط بيروت الذي كان يعج بالرواد وصافح من اقترب لتحيته وقبل الأطفال. وجال بين المقاهي ولم تواكبه اجراءات أمنية لافتة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.