هل أصبح منصب سفير النيات الحسنة لمنظمة الاممالمتحدة "موضة"؟ هل الفن والشهرة والمال هي فقط مقاييس اختيار الفنان لهذا المنصب أم يشترط أن يكون على دراية كاملة بالقضية التي يُروّج لها؟ وهل فقدت منظمة الأممالمتحدة نجوميتها وأرادت ان تستمدها من سفرائها نجوم الفن العالميين؟ وهل حقق بالفعل سفراء مصر الثلاثة حسين فهمي وعادل امام وصفية العمري ما خططت له المنظمة بعدما كسبت الكثير من تأييد دول العالم بفضل جهود الفنانة الايطالية صوفيا لورين في الصومال، والفنانة البلجيكية الراحلة أودي هيبورن؟ فما زال العالم يتذكر الفنانة صوفيا لورين وهي تخلع ثوبها الأنيق لترتدي بنطلوناً وقميصاً وحذاء "كوتش" وتسدل شعرها، وهو يتناثر هنا وهناك، على غير طبيعتها الساحرة، وتجلس وسط الموتى، وصفوف المحتضرين من النساء والاطفال والرجال في الصومال التي انهكتها الحروب الاهلية ومزقتها الانقلابات وألقت بشعبها فريسة بين براثن الفقر والجوع. وهي كادت تصرخ بأعلى صوتها وهي تقول: "شعب يموت، وأمة تحتضر، والعالم يتفرج كأن ما يجري في هذه البقعة لا يجري على سطح الارض التي نعيش فيها". لم ينس العالم مواقف الفنانة البلجيكية الراحلة أودي هيبورن من الاطفال والنساء في أثيوبيا عام 1988 كأول عمل انساني تقوم به لمصلحة منظمة الاممالمتحدة للطفولة اليونيسف لتلفت انظار العالم الى حال البؤس والشقاء التي تهدد هذا البلد نتيجة الحروب الدامية، ثم هجرت الفن وهي في اوج تألقها لتتفرغ لرعاية ملايين الاطفال المرضى والبؤساء. فقد عانت صوفي وأودي في طفولتهما، وخصوصاً أودي التي عاشت حياة المر والشقاء بعد تفجر الحرب العالمية الثانية، واحتلال المانيابلجيكا، فعرفت الجهاد، وكانت تحمل الرسائل والمنشورات ضد الحكم النازي، وهي لا تزال فتاة صغيرة، وكانت دائماً تحكي وتقول: "كانت صحتي ضعيفة، وكنت أنا وامي وجدتي نأكل القليل ونصنع الدقيق من لحاء الشجر، وفي الشتاء لم نكن نجد شيئاً، وعندما يأتي الربيع كنا نعيش على أي شيء نلتقطه من الحقول والغابات، وحين تحقق لي النجاح والرفاهية شعرت باحترام كبير للطعام". ونجحت أودي في اثيوبيا، وتحدثت بلسان الاطفال هناك الذين ليس في استطاعتهم التعبير عن انفسهم ومعاناتهم. فهل غامر الفنان حسين فهمي وزار اطفال فلسطين والعراق والسودان والصومال؟ ولماذا لم يقم الفنان عادل إمام بزيارة اللاجئين الصوماليين في الصومال وليس في اليمن؟ وماذا قدمت الفنانة صفية العمري لقضايا السكان في مصر وشمال افريقيا والشرق الاوسط؟ الوسامة.. والمعاناة عندما تولى الفنان حسين فهمي منصب سفير النيات الحسنة لبرنامج الأممالمتحدة الانمائي تساءل الكثيرون: هل سيستطيع ابن الباشوات الفنان الوسيم أن يحقق النجاح في كسب تعاطف العالم مع مساندة الفقراء إذ إن الفقر يعد من أهم القضايا التي تعوق حركة التنمية في برنامج الاممالمتحدة الانمائي؟ وهل سيقوم بزيارة المناطق العشوائية في مصر؟ أم سيغامر بزيارة مناطق الالغام مثلما كانت الاميرة ديانا تفعل، ونراه يلبس الخوذة، وملابس الحماية، وينتقل بين الحقول في منطقة العلمين التي ينام فيها أكثر من 17 مليون لغم منذ الحرب العالمية الثانية عندما زرعتها المانيا وبريطانيا وتركتها بعد انتهاء الحرب لتحصد اجساد آلاف المصريين الابرياء؟ وعلى رغم أن الفنان حسين فهمي ابن باشوات كانت والدته السيدة خديجة هانم زكي احدى رائدات العمل الخيري في مصر، وهي إحدى مؤسسات جمعية الهلال الاحمر وجمعية تحسين الصحة، كما ان شقيقه الراحل حسن فهمي كان احد سفراء مصر في الخارج، لذا فحياة الديبلوماسية ليست جديدة عليه. ولأن قضية الألغام هي المطروحة الآن على الساحة المصرية، سألته "الحياة": "هل جاءت بعثة الاممالمتحدة لتقدير خسائر الالغام الى مصر بناءً على طلب منك باعتبارك سفيراً للنيات الحسنة للبرنامج الذي يرعى هذه القضية؟ فأجاب بعد برهة من التفكير: "لا... فالقضية يتبناها البرنامج قبل ان اتولى هذا المنصب، وأنا لم ادع اللجنة، وإنما تمت الدعوة بناء على جهود سابقة". وهل نستطيع القول انك استطعت طوال هذه الفترة في هذا المنصب ان تلقي الضوء على قضية الألغام؟ فضحك وقال: "أنا مؤمن بمقولة الرجل المناسب في المكان المناسب، في الوقت المناسب، وفي الظروف المناسبة..." إذاً جاءتك القضية مصادفة ولم يكن لك دور فيها. قال: "أستطيع ان اقول إنها جاءت في الوقت المناسب الذي كنا ننتظر هذه اللجنة كي تنقل للامم المتحدة معلومات دقيقة عن حجم مشكلة الالغام في مصر، ونحمد الله أنها نجحت في نقل الرسالة الى الاممالمتحدة في نيويورك". وماذا عن قضية الفقر؟ رد قائلاً: "الفقر احد معوقات التنمية وليس كل القضايا، ومازال البرنامج يعمل بكل جهد لمكافحة الفقر في مصر". الماضي يطاردهم وعلى رغم الصعوبات التي تواجه الفنانة صفية العمري في صندوق الاممالمتحدة للسكان بسبب كثرة قضايا الصندوق، وعلى رغم أنها تحاول الترويج لمشكلات السكان بين كل طبقات أو فئات المجتمع العربي لكنها تعرضت لمشكلات كثيرة منها عملية النصب عليها من احد المواطنين الذي ادعى أنه أتاها من عند الشيخ الشعراوي لتعطيه آلاف الجنيهات وحصل منها بالفعل على المال. ولدى سؤال الفنانة صفية العمري عما حققته من نجاح طوال هذه السنوات في هذا المنصب، أجابت: "أنا احاول جاهدة أن احقق النجاح لقضايا السكان على رغم كثرة عددها، بل اعتقد أن صندوق الاممالمتحدة للسكان يقوم بتبني كل القضايا التي تدخل في صميم الكثير من برامج الاممالمتحدة الاخرى مثل الفقر واللاجئين والمخدرات، وقد قمت بزيارات عدة من اجل ذلك الى سويسرا واميركا وبتسوانيا، وكان من المقرر ان اقوم بزيارة الى النمسا ولكنها تأجلت". ولدى سؤالها كيف شعرت بأنها نجحت بالفعل في اداء مهامها، تنفست الصعداء وقالت: "يوم دعاني الامين العام للامم المتحدة السيد كوفي أنان لحضور قمة الألفية، وكانت دعوة بالهاتف مباشرة، فكل السفراء في مصر والعالم جاءتهم الدعوات إلى مكاتبهم إلا أنا، يومها شعرت أنني نجحت بالفعل". وهل هناك منافسة بينك وبين الفنان حسين فهمي والفنان عادل إمام؟ أجابت بكل حزم: "لا.. لا.. العلاقة بيننا طيبة، وليست هناك منافسة على النجاح في العمل الخيري، على رغم أن صندوق الاممالمتحدة للسكان يتولى كل قضايا برامج وصناديق ومنظمات ومكاتب منظمة الاممالمتحدة لم تحدث أي واقعة بيننا منذ تولينا جميعاً هذا المنصب". وختمت بأنها تريد ان تعمل على نهضة النساء في مصر. الزعيم.. واللاجئون وعندما تولى الفنان عادل إمام منصب سفير النيات الحسنة للمفوضية العليا لشؤون اللاجئين سارت علامات التساؤلات على وجه الرأي العام المصري والعربي عن علاقة عادل إمام بقضية اللاجئين الذين وصل عددهم الى أكثر من 25 مليون لاجئ ونازح في العالم، فهل سيستطيع أن يقوم بزيارة مخيمات اللاجئين في المناطق المتنازع فيها أم سيخشى على نفسه وسيكتفي بزيارتهم في دول اخرى بعيداً من مناطق النزاع؟ وعندما التقته "الحياة" وسألته عما قدمه للصوماليين اللاجئين في اليمن، اجاب: "لقد تعرفت إلى معاناة اللاجئين الصوماليين في مخيماتهم في اليمن، وهناك انتقدت الموقف العربي بعدما عرفت أن "قائمة التبرعات للدول المانحة لرفع معاناة اللاجئين تخلو من الدول العربية، ولما طالبت بإنشاء صندوق عربي لمساعدة اللاجئين لم تلق الفكرة ترحيباً". في يوم تنصيبك قلت انك ستساعد الفلسطينيين على رغم أن هناك فارقاً بين المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التي ترعى كل لاجئي العالم وبين الوكالة الدولية لغوث اللاجئين الفلسطينيين وتشغيلهم، فهل استطعت ان تعبر الحدود بين المفوضية والوكالة وتساعد اللاجئين الفلسطينيين؟ أجاب: "لم ترض الوكالة بتقديم المساعدات الى لاجئيها من المفوضية على رغم أنني اقمت حفلة في المغرب وجمعت مليون دولار لدعم القدس، أما على المستوى الدولي فلم استطع". فهل تشهد الايام المقبلة في ظل تفجر الوضع في منطقة الشرق الاوسط دوراً كبيراً لسفراء مصر الثلاثة في مجالات الفقر والبيئة والسكان واللجوء؟