أضاع الرئيس ياسر عرفات فرصة تاريخية قد لا تتكرر عندما حنث بوعده بالذهاب الى بيت لحم مشياً على قدميه، في حال تشبث رئيس حكومة اسرائىل، آرييل شارون، بقرار منعه من حضور قداس الميلاد. لقد كسب عرفات - والفلسطينيون معه - بعض التعاطف الدولي عندما أصرّت الحكومة الاسرائيلية على إبقاء الرئيس الفلسطيني في مقر اقامته الجبرية في رام الله. وكان الكل يترقب رد فعله، ومدى جديته في تحدي القرار الاسرائيلي. ولكنه اكتفى بخطاب متلفز تجاهل فيه كلياً ما وعد به قبل ساعات معدودة، وقرر الاذعان لغطرسة شارون وصقور حكومته. لو مشى عرفات لكان في امكانه تحقيق اول انتصار اعلامي لشعبه، ولتمكن بالفعل من رمي الكرة في ملعب شارون الذي كان امام خيارين محدودين احلاهما مرّ: إما ان يأمر جنوده بإفساح الطريق للرئىس الفلسطيني، وإما ان يأمرهم باعتقاله. وفي كلا الحالين انتصار لعرفات. ولو مشى عرفات، ونجح في الوصول الى بيت لحم، لكان استقباله اكبر من يوم دخوله الضفة الغربية للمرة الأولى بعد الاحتلال. اما لو اختار شارون اعتقال عرفات، فلكان بذلك يدق اول اسفين في نعش حكومته. فاعتقال الرئيس الفلسطيني نصر لهذا الاخير ولشعبه، لأنه بذلك يصبح فعلاً نيلسون مانديلا الفلسطيني. ولا اعتقد ان السجن أضرّ بمركز مانديلا على الاطلاق. فليتك مشيت يا أبا عمار! لندن - د. علي خليل