أول الكلام: للشاعرة اللبنانية/ سوزان عليوان: - هم ذاتهم الذين تغذُّوا على الدم السائل من براءتنا جدَّتها... في البلد البعيد حدَّثتها عن نجمة تملكها إرث الجدَّة تأخر كثيراً ما زالت تنتظره... ما زال ريشها يحلم بالهواء!!
أصدق ما في ذاتك: هو إحساسك الذي تُعطيه بلا مقابل ودون ان تترقب اصداء له من الآخرين... لأن العطاء فيه: يُشكّل حياة كاملة لعواطفك التي تحيا بها داخل الناس، ويحيا الناس داخلك بها. وإذا كان الشعور الإنساني في عصرنا اليوم: يرتكس بالمصادمات المادية، ويتشوه بالزيف، وينغمس في العنعنات الذاتية... فذلك لأن الإنسان نفسه يعاني هذا الوهن العاطفي، بعد ان أثقلت عواطفه: امتهانات المصالح وذل الاحتياج، وطوَّحت بأحلامه: فجيعة المعايشة، وقسوة المكابدة لتقلبات المطامع الشخصية التي تغرق بروحه في وحول الشخصانية التي تطمع في التفرد! وقد يكون ما أرسمه هنا بالكلمة - في رأي البعض - هو ضرب من التهويم والتأمل البنفسجي، أو هو تكثُّف للشعور الدرامي الذي يحسه الإنسان كلما ضغطت عليه متغيرات العصر... لكنه يجسد في عاطفة الإنسان: تلك اللمحة الضوئية التي لا بد ان تسري من الروح الى منطلقات المعاني التي تبقى في حياة الإنسان هي: التشكيل الرائع لمعنى الحياة، والحب، و... الموت!
إن وقع اقدام الناس، وهي تركض: يعلو في رأسي، ويخلخل الصدر... ويبقى البحث عن البوح هو: الابتسامة الضائعة فوق شفاه الأحياء... كأن الحياة بلا روح، وبلا معان، وبلا عواطف: تتحول الى ليل الشتاء القارس... فإذا الصدر: بارد يتراخى، وإذا النظرة: كسولة فارغة انطفأ بريقها، وإذا البوح: نبرة مستعارة من حنجرة بائع الخردة!! لماذا؟!! لأنه لا يمكن لك ان تعتقد: أن في إمكانك جعل عواطفك - كإنسان - هي مجرد: "ترانزيت" تتوقف بها او فيها عند محطة، ثم تواصل استهجانك لكل ما في الحياة من: قيم، وخلق، وحس... فإذا اكتشفت عواطفك مرة فمن الصعب ان تكذب بها، وإذا كانت عواطفك صادقة فمن المستحيل ان تجافي عواطف الناس وألاّ تكشفها! وربما كانت هذه الصفة واضحة في رؤى إنسان يحترم معطيات الروح في معايشته للحياة وللأحياء... فالإنسان: حالة نفسية تتأثر بميلاد المعاني في الشعور، وتتأثر بذاكرة الناس عن: المودة والألم، والحنان والقسوة، والخصام والتآلف.
ذلك يجعلني لا أنسى عبارة قديمة، ما زلت أرددها لكاتب - أظنه كامل الشناوي - فلسف العاطفة ومزجها بماديات الحياة، وحاول ألاّ يسلخ معنى البقاء بين الأحياء، فقال: - "أحياناً... أشعر انني قلب كبير، وهذا القلب يتسع لكل الناس - اللي يسوى، واللي ما يسوى!- وعندما تمتلئ حياتي بالناس، اخطف رجلي الى داخل قلبي فلا أجد لي مكاناً بين الناس الذين استوطنوه... لقد ضاق قلبي مني، وإذا امتلأ: أوجعني، فليس كل الناس يريحون... وإذا خلا قلبي: أوجعني، لأنه لا يقدر ان يحيا بدون الناس. وإذا لم يكن هناك قلب... لم اكن هناك! ومن الصعب ان يكون القلب كالفندق... يدخله الناس من باب، ويخرجون من باب آخر... كتعامل الناس لبعضهم البعض الآن"!!