جنيف - أ ف ب - للمرة الاولى في تاريخه، قرر "المنتدى الاقتصادي الدولي" التخلي عن منتجع دافوس الشتوي في جبال الالب السويسرية للانتقال الى رمز الرأسمالية الدولية نيويورك التي باتت حساسة اثر الاعتداءات التي استهدفتها في 11 ايلول سبتمبر الماضي. ويأتي انتقال المنتدى الى نيويورك، حيث ستجري دورته الحالية بين 31 كانون الثاني يناير والرابع من شباط فبراير في فندق والدورف استوريا الفخم، نتيجة ازدياد عدم التفاهم بين المنظمين والسلطات السويسرية المحلية والاقليمية والفيديرالية بعد تظاهرات تزداد حدتها عنفاً احتجاجاً على الاجتماعات التي تعقدها النخب السياسية والاقتصادية الدولية. واعرب مؤسس المنتدى عام 1971 كلاوس شواب عن قلقه ازاء ارتفاع حدة الاعتراضات على مواضيع مرتبطة بالعولمة خصوصا منذ اجتماع منظمة التجارة الدولية الذي عُقد في سياتل الاميركية في كانون الاول ديسمبر 1999. وشهد "منتدى دافوس" خلال انعقاد دورتيه عامي 2000 و2001 موجة من الاحتجاجات العنيفة قام بها معارضون يؤكدون رفضهم ترك مصير البشرية لحفنة من الاوليغارشيين من انصار الليبرالية المطلقة. وبمواجهة موجة الاعتراضات هذه، اضطرت السلطة المحلية في المنتجع ومعها سلطة كانتون غريزون حيث تقع البلدة، كما السلطات الفيديرالية ايضاً، الى اتخاذ اجراءات بوليسية اكثر حدة من السابق بموجب ضغوط مارسها منظمو المنتدى فضلاً عن التجار واصحاب الفنادق الذين ابدوا قلقاً على نشاطاتهم. وتحولت البلدة عام 2001 الى معسكر حصين تحت حراسة الجيش ووحدات من الشرطة واخضعت الوديان المؤدية الى البلدة لتدقيق صارم يهدف الى منع المعارضين من تنظيم تظاهرات. وخلال الدورة، ابدى احد المسؤولين السابقين عن المنتدى وهو كلود سمادجا حزماً شديداً في مواجهة ممارسات الاقليات الصغيرة او مجموعات تتوخى العنف ومثيري المشاكل الذين يستغلون الاحداث الدولية كاماكن من اجل اجتذاب انتباه وسائل الاعلام. وادت هذه التصريحات الى المزيد من العزم لدى المعترضين لتحدي الشرطة التي منعتهم من الوصول الى دافوس. وبعد فشلهم في الوصول الى دافوس، اقدم عدد منهم على تدمير الاسواق التجارية في محطة القطار في زوريخ التي تبعد مسافة 200 كلم عن المنتجع. واثارت هذه المواجهات جدلاً بين السلطات السويسرية، بمختلف مستوياتها، تناولت مسؤوليتها عما حصل ومن سيدفع فاتورة الاضرار التي لحقت بالمباني والسيارات. من جهته، بدا المنتدى الذي اعتراه المزيد من القلق حيال انعكاس الاعتراضات العنيفة على نشاطاته بتقطير كلماته حول عزمه على مغادرة دافوس. وفي السادس من تشرين الثاني نوفمبر الماضي، اعلنت ادارة المنتدى رسمياً قرارها عقد الدورة الحالية في نيويورك، في اشارة الى التضامن مع المدينة اثر الاعتداءات، من دون ان توضح ما اذا كانت الدورة المقبلة ستُعقد في دافوس. واعتبر جزء كبير من الرأي العام السويسري تخلي المنتدى عن دافوس بمثابة ضربة جديدة بعد انهيار شركة "سويس اير" للطيران ومذبحة برلمان كانتون زوغ اواخر ايلول الماضي، حين اطلق معتوه النار فقتل 15 شخصاً ومن ثم حريق نفق غوتار الذي قضى على 11 شخصاً. العودة سنة 2003 ووعدت الحكومة بتقديم جميع الضمانات المالية والامنية لكي يعود المنتدى الى دافوس. وقال شواب الذي لم يخف يوماً تمسكه بالمنتجع ان المنتدى سيعود الى مكانه سنة 2003. واضاف خلال مؤتمر صحافي عقده في مقر المنظمة الواقع في ضاحية كولوني الراقية قرب جنيف: "سنرى ماذا سنفعل في السنوات المقبلة، دعونا اولاً نجري تقويماً لاجتماعات نيويورك قبل عودتنا الى دافوس".