منح الرئيس اللبناني إميل لحود حبيقة وسام الأرز من رتبة كومندور "نظراً إلى عطاءاته من أجل لبنان". ووضع الوسام على النعش ممثل الرئيس في المأتم الرسمي وزير البيئة ميشال موسى. وشارك الرئيس السوري بشار الأسد في مراسم التشييع ممثلاً بقائد جهاز الأمن والاستطلاع في القوات السورية العاملة في لبنان اللواء الركن غازي كنعان، وحضر أيضاً ممثلان لرئيسي المجلس النيابي نبيه بري والحكومة رفيق الحريري، ووزراء وسياسيون وآلاف من اللبنانيين. إن تشييع إيلي حبيقة في حشد رسمي لافت يتعارض مع مواقف بعض الصحافة اللبنانية الذي شيع القتيل على قاعدة "بشر القاتل بالقتل ولو بعد حين"، معتبراً حبيقة جزءاً من العنف والدموية وأميراً من أمراء الحرب اللبنانية الذين مارسوا القتل بكل صوره وأهدافه. فهل يعكس هذا التضامن الرسمي المفاجئ اقتناع الحكومتين اللبنانية والسورية بتورط إسرائيل بالحادث، أم أن "الالتفاف" حول الجنازة هدفه لجم الاتهامات الجانبية التي ترددت فور وقوع الجريمة، وتطييب بعض الخواطر من الهجمة الفلسطينية عليه، وتفويت فرصة التذرع بحبيقة للهجوم على المسيحيين وحزب الكتائب، وفتح ملفات التلال والمخيمات و"البلاوي الزرقاء"؟ لا شك في أن إعطاء حبيقة وساماً جمهورياً، وحضور كل الأطراف مراسم دفنه نقلا المغدور من مغامر وتاجر حرب وخصم لأطراف وطوائف عدة في لبنان والخارج، إلى شخصية وطنية. لذلك سيجري تغيير مجرى الحوار حوله وفي شأن ماضيه وأعماله ومواقفه، ويُغلق ملفه أو بعضه، ويدخل موضوع قتله الشرس في القائمة اللبنانية للمسكوت عنه، وهي قائمة طويلة فيها أسماء واغتيالات واتفاقات وأسرار تشيّب الرأس، والكشف عنها صار ضرباً من المستحيل حتى يقضي الله أمراً كان مفعولا، وربما سيكون مستحيلاً في المدى المنظور معرفة من وكيف ولماذا قتل إيلي حبيقة. إذا كان المصري يفتخر بالشطارة ويردد "إحنا اللي دهنا الهوا دوكو"، فمن حق اللبناني أن يقول "ولو ما نحنا اللي دهنا السياسة دوكو".