أمضى المصور الصحافي أورلندو سويرو خلال العام 1954، وقتاً مع سيناتور شاب - تزوج حديثاً - وزوجته بعد ان أقاما في مقاطعة واشنطن. حينها التقط سويرو لحظات البراءة والمودة التي عاشها جاك وجاكي كينيدي مثل أي زوجين عاديين، ربما للمرة الوحيدة في حياتهما. تزوج السيناتور جون فيتزجيرالد كينيدي وجاكلين لي بوفييه في نيويورك، رود آيلند، في 12 أيلول سبتمبر 1953. كان زواجهما الحدث الاجتماعي الأبرز في ذلك العام. وانتشرت صور العروسين في الصحف والمجلات في كل أنحاء البلاد. بدا جاك يافعاً، لكن فارق العمر بينه وبين عروسه كان لافتاً. فهو كان في السادسة والثلاثين فيما لم تتعد جاكلين الرابعة والعشرين من عمرها. بعد ستة أشهر من الزواج أمضى مصور صحافي شاب هو اورلندو سويرو، خمسة أيام مع آل كينيدي مصوراً اياهما. استمتع بتعاونهما الكامل والسماح له بمشاركتهما الأوقات الحميمة الأمر الذي رفضاه في ما بعد مخصصين ذلك لقلة من المصورين، إذ غدت جاكلين أكثر حرصاً على حياتها وحياة أولادها الشخصية. وهكذا بات سويرو الشخص الوحيد الذي امتلك صوراً وثائقية للزوجين في ذلك العام. كانت عائلة كينيدي استأجرت في ذلك الوقت بيتاً مؤلفاً من ثلاثة غرف في دانت بلايس في جورجتاون. الكتب التي تناولت سيرة حياتهما بعد ذلك مرت مرور الكرام على هذه المرحلة. لكن الأشهر القليلة التي أمضاها الزوجان في بيتهما الأول كانت، ربما، الوقت الأجمل الذي عرفاه طوال حياتهما الزوجية. البوم الزواج "كان جاك وجاكي يبحثان في ذلك اليوم عن صورة معينة" يقول سويرو. "كان معهما بوبي شقيق جاك وزوجته ايثيل. أخرجا علباً عدة وفجأة وقعت صور زواجهما من علبة على الأرض. فبدأ الأربعة بالتفرج عليها". كان بوبي اشبين جاك وايثيل احدى اشبينات جاكي، وهم جيران في جورجتاون... أمضوا وقتاً مرحاً متفرجين على الصور ومتذكرين أحداث الزواج. ويذكر المصور أصوات الضحك. "بدا لي، كما يقول، ان جاك وجاكي مريبان جداً وعلاقة حبهما قوية لا تقهر". آل كينيدي وليم في الصور التي أخذها سويرو في دانت بلايس والكابيتول، غالباً ما يبدو فيها ك. لميون بيلينغز وهو صديق جاك في المدرسة. و"ليم" كان بمثابة أخ لكينيدي تبنته العائلة كلها وغدا مقرباً جداً من جاكي بعد الزواج. كان لسويرو الحظ في تصوير الثلاثة جالسين على حافة في الكابيتول الأميركي. "كان ليم يعانق جاكي لإثارة غيرة جاك" كما يذكر المصور. "وكانوا يتمازحون في ما بينهم وقالت جاكي لجاك: عليك ان تنتبه لنفسك جيداً، وإلا فأنا لدي ليم". فستان السهرة نهار السبت في 8 أيار مايو دعي السيناتور وزوجته الى حفلة عشاء رسمية في منزل الصحافي جو السوب، حفظ سويرو الذكرى في صورة تبدو فيها جاكي تنزل السلالم في ثوب أبيض فضفاض وجاك ينظر اليها بإعجاب. عبر السيناتور عن ذلك بالقول "تبدين رائعة"، مضيفاً بخفته المعهودة "لكن إذا وقفت بالعرض فإنك ستخيبين آمال نصف رجال أميركا". وكان رد جاكي على انتقاده ان وقفت وشدت ربطة عنقه. طالبة الجامعة كانت جامعة جورجتاون قريبة من منزل آل كينيدي. وكان يعيش في الجيرة، التي لم تكن مشهورة وايجاراتها باهظة في العام 1954، كما الحال اليوم، عدد كبير من الطلاب. ولكي تتواصل جاكي مع اهتمامات زوجها السياسية تسجلت في دروس التاريخ في الجامعة. عندما حضرت الصف المرة الأولى لم يتعرف اليها أستاذها جول دافيدس واستغرب عندما صفق لها التلاميذ عند دخولها واعتقد ان الأمر لا يتعدى مجرد كونه اعجاباً بالشابة الجديدة. وتنبه في ما بعد، عند قراءة جدول الأسماء الى انها زوجة السيناتور كينيدي. جاك وجاكي والرسم في الوقت الذي كانت جاكي تحاول مشاطرة زوجها اهتماماته السياسية، رغبت ان تدخله الى مجال الفن الذي تحب. لذا قدمت له هدية في عيد الميلاد، باعتبارها المناسبة الأولى التي تجمعهما والعائلة في بالم بيتش، مجموعة باهظة الثمن من الدهون الزيتية. "في الحال، كما يخبر ليم بيلينغز، تجمع كل أفراد العائلة حول الهدية، عابثين بالألوان والفراشي، متنافسين ليقدم كل واحد منهم أكبر قدر من الرسوم في أقل وقت ممكن. أمضوا على هذه الحال النهار كله ما أثار دهشة جاكي وأحزنها وكادت تبكي. هي قدمت الهدية لجاك بكل جدية فيما اعتبرتها العائلة مزحة. بعد عدة أشهر قدمت لزوجها المجموعة ذاتها. وطيلة عطل الأسبوع في نيسان ابريل وأيار كان جاك يجلس في الحديقة يرسم. وكان قرأ مذكرات وينستون تشرتشل أحد مثله العليا وأهدته جاكي الكتاب لتؤكد له ان الرجال الحقيقيين يرسمون أيضاً. بتشجيع من زوجته أخذ جاك هوايته على محمل الجد وركز عليها وكان يؤخذ بها أحياناً. ورسم لوحات عدة تظهر مدى حبه للبحر. وعمدت جاكي بكل فخر الى اختيار اطارات اللوحات في محل في جورجتاون. "كانت مهتمة جداً بالموضوع" كما يخبر سويرو "وقد ناقشت ما تريده بكل تفاصيله. كان لها ذوق خاص بالفن". بعد اختيارها الاطار حملت اللوحة الى المنزل وساعدها سويرو في تعليقها على الحائط. كان جاك سعيداً جداً بلوحاته لدرجة انه قدم واحدة أو اثنتين هدية لبوبي وايثيل. جاكي والأعمال المنزلية اثناء الاقامة في دانت بلايس تمرنت جاكي على الأعمال المنزلية مع مدبرة المنزل ماتي بين. وكانت السيدة بين توجه جاكي أثناء ترتيبها المنزل وطهي الطعام لجاك والتحضير لسهرات في المنزل. النزهات بعد ظهر أحد الأيام خرج جاك وجاكي وبوبي وايثيل في نزهة الى الحديقة العامة ليلعب الشقيقان كرة القدم. "كان جاك يمرر الكرة لشقيقه على الطريق قبل الوصول الى الحديقة، ولم تنفك جاكي تنبهه الى السيارات" كما يقول سويرو. ما لم يعرفه سويرو في ذلك الوقت ان كاميرته سجلت لحظات جميلة في حياة جاك وجاكي كينيدي. لحظات براءة. وها ان صوره تدخل التاريخ مجدداً.