تجتاح اعلانات "المسابقات" القنوات الفضائية العربية بشكل لم نعهده من قبل. فكثيراً ما ينقطع انسجام المشاهد بأحد الأفلام او المسلسلات ليظهر أمامه مطرب مشهور او فتاة شقراء جميلة لتدعوه للاتصال "الآن" بالهاتف الذي يظهر رقمه على الشاشة كي يربح "حتماً" مليون دولار جائزة كبرى، اضافة الى جوائز أخرى. ولا يذكر المعلن تكلفة الاتصال الهاتفي المطلوب للاشتراك في المسابقة معتمداً على بريق مبلغ الربح "مليون دولار" الذي تزوغ له أبصار المشاهد فيندفع للاتصال من دون ان يدري ان المكالمة التي تستمر دقائق عدة قد تكلفه راتباً بأكمله. ولا غرابة في ذلك، اذ تجيب على المتصل آلة تسجيل ترحب به وتجعله ينتظر، ثم تحوله الى صوت آخر يمتحنه بسؤال أولي، فإن افلح بالاجابة عنه ينتقل الى سؤال ثان وثالث حتى يصل الى سؤال المسابقة التي ترشحه ليصبح مشتركاً. وقد لا يفلح المتصل بالاجابة عن كل الأسئلة، وهذا ما يحدث غالباً فتتمنى له آلة التسجيل حظاً أوفر في المرة المقبلة. ويتكلف المتصل اجرة المكالمة التي تكون طبعاً أغلى من المكالمات الدولية العادية والتي يتفق على سعرها بين اصحاب الاعلان وشركات الهاتف، ما يجعل المجال مفتوحاً لربح كبير لا احد يعرف مقداره. وهكذا تتخذ هذه الاعلانات التجارة هدفاً أوحد على حساب شرائح المجتمع التي تجذبها كلمة "مليون دولار نقداً". وتلجأ بعض الاعلانات، الى جانب الترغيب بالربح، الى الترهيب بالموت، كما في اعلان يدعو الى الصلاة ويصف وصفاً مسهباً خاتماً الاعلان بالقول: "أقم صلاتك قبل مماتك". فإذا كان الهدف الحث على ممارسة الصلاة في اوقاتها، نتساءل عن ضرورة هذا التخويف اذ ان القائمين على هذا الاعلان تخلوا عن الحكمة والموعظة الحسنة التي أمر بها الله عندما قال: "ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن".