بكين - رويترز - لم يكن جورج بوش الابن أول رئيس أميركي يبدأ رئاسته بخلاف مع الصين... حدث هذا مع بيل كلينتون وجورج بوش الاب ورونالد ريغان وجيمي كارتر... وفي جميع الحالات أعقب الجدل تحسن في العلاقات. وبعد مرور عام على تولي بوش الابن الرئاسة يبدو أن الدورة نفسها تتكرر. إذ تخلى الرئيس الأميركي عن اللهجة المتشددة التي استخدمها في حملته الانتخابية عندما وصف الصين بأنها "منافس استراتيجي"، فيما غلف النسيان الى حد كبير حادث تصادم بين طائرة تجسس أميركية ومقاتلة صينية في نيسان أبريل الماضي. كما هدأ غضب بكين في شأن صفقة أسلحة أميركية لتايوان. غير أن المحللين يرون على رغم ذلك أن المظاهر قد تكون خادعة. وتتفاعل وراء التحسن في العلاقات الذي يعود أساساً الى مساندة الصين للحرب التي تقودها واشنطن ضد الارهاب، خلافات عميقة قد تنفجر في أي وقت. إذ لا تزال واشنطن قلقة في شأن سجل بكين في ما يتعلق بحقوق الانسان والانتشار النووي، فيما ينتاب الصين قلق حول خطة الدفاع الصاروخي الاميركي وموقف واشنطن تجاه تايوان. ومما يزيد العلاقات تعقيداً أن الحرب في أفغانستان تثير مخاوف بكين من احتمال وجود عسكري أميركي على المدى الطويل في المنطقة المجاورة لها. وتبقى قضية تايوان التي تعتبرها الصين إقليماً متمرداً يجب ضمه بالقوة إذا لزم الامر من أكثر المواضيع الشائكة. وفي الايام الاولى لرئاسته بدد بوش الغموض الذي كان سائدًا منذ أعوام قائلاً إن الولاياتالمتحدة ستبذل "ما يلزم" للدفاع عن الجزيرة. وأغضبت الولاياتالمتحدةالصين بمبيعات أسلحة لتايوان شملت للمرة الاولى غواصات. كما مضى بوش قدمًا في تنفيذ برنامج الدفاع الصاروخي من جانب واحد وانسحب من معاهدة الصواريخ المضادة للصواريخ على رغم معارضة الصين التي تخشى أن تضعف الدرع الصاروخية ترسانتها النووية وأن تمتد لتغطية تايوان. إلا أن الاجواء تشهد تحسنًا. فالصين تعاونت مع الولاياتالمتحدة في الحرب ضد الارهاب وقدّمت معلومات استخبارات وأجرت تحقيقات في المعاملات المصرفية وساندت العمليات العسكرية في أفغانستان. كما سمحت لحاملة طائرات أميركية بالرسو في هونغ كونغ في طريقها الى أفغانستان، ويعتقد البعض أنها لعبت دورًا رئيسًا في إقناع باكستان بمساندة الولاياتالمتحدة في بداية الامر. وخفف بوش من حدة لهجته جزئيًا لأن الولاياتالمتحدة اعتبرت الصين وهي دولة رئيسة في آسيا ومجاورة لافغانستان مهمة من الناحية السياسية للحرب ضد الارهاب. وعندما قابل بوش الرئيس جيانغ زيمين للمرة الاولى في تشرين الاول اكتوبر في قمة آسيا والمحيط الهادىء في شانغهاي بدوَا صديقين قديمين. وقبيل رحلة بوش الثانية الى الصين المقررة الشهر المقبل لا تزال الصين مثار قلق للولايات المتحدة على رغم التعاون الاخير. إذ تحدث تقرير وزارة الدفاع الذي يصدر كل أربعة أعوام، والذي تسلمه الكونغرس مطلع تشرين الاول الماضي، عن "منافس عسكري لديه قاعدة موارد ضخمة" ينمو في آسيا، في إشارة واضحة الى الصين. ويمكن أن تثير تقارير أفادت أن الصين عثرت على أجهزة تنصت مخبأة في طائرة اميركية الصنع خاصة بالرئيس الصيني زوبعة. لكن شانغ شي شن الاستاذ في كلية العلاقات الدولية في بكين اعتبر أن تجاهل وسائل الاعلام هذه التقارير لمدة ثلاثة أيام يشير الى رغبة في عدم السماح لمشكلات بسيطة بتقويض التحسن في العلاقات. وقال شانغ: "الحكومة الصينية لا تود أن تحول حوادث صغيرة الى أمور ضخمة... جميع الدول تتجسس". وأعلن وزير الخارجية الاميركي كولن باول أول من أمس أنه لم يتطرق على المستوى الرسمي الى هذه القضية، مؤكداً أن لا انعكاسات لها على زيارة بوش للصين. وأضاف أن "لا علم له باتصالات بين الحكومة الصينية" والسلطات الاميركية "حول هذا الحادث المزعوم الذي علمنا به عبر الصحف".