أعاد الجيش الاسرائيلي احتلال مدينة طولكرم شمال الضفة الغربية في عملية قال رئيس الحكومة ارييل شارون انها تستهدف "الارهاب" وليس السلطة الفلسطينية. وردت القيادة الفلسطينية بمطالبة مجلس الامن ب"حماية دولية"، معتبرة ان العملية جزء من مخطط لاعادة احتلال تدريجي للمدن الفلسطينية، في حين هدد مسؤول فلسطيني في بيروت بأن الرد سيأتي "من لبنان" في حال استمرار الحصار والقتل والتدمير في فلسطين. وكان اللافت امس اتساع ادانة الاعتداءات الاسرائيلية بعد الصمت العربي والدولي، اذ توجه المبعوث الاوروبي ميغيل انخيل موراتينوس الى مقر عرفات في رام الله في زيارة وصفها بأنها تضامنية، في حين تلقى الرئيس الفلسطيني اتصالاً هاتفياً من الامين العام للامم المتحدة كوفي عنان اطلعه خلاله على المستجدات ووضعه في صورة الجرائم الإسرائيلية، كما توالت الادانات العربية من كل من المملكة العربية السعودية ودولة الاماراتالمتحدة والكويت والاردن وعُمان. كذلك اجرى الرئيس فلاديمير بوتين اتصالا مع الرئيس الفلسطيني بعدما تلقى منه رسالة وصفت بأنها "مهمة"، وسط "قلق" روسي على مصير السلطة ورئيسها بعد المعلومات التي حصلت عليها الاستخبارات الروسية. وعلمت "الحياة" في موسكو من مصدر ذي صلة وثيقة بالاستخبارات الروسية ان ثمة معلومات عن محاصرة عرفات في غزة، او "ترحيله" الى تونس واغتيال بعض قياداته، اضافة الى اعادة احتلال المناطق الفلسطينية وفق خطة عُرضت على واشنطن ولم يعرف ردها عليها. في غضون ذلك، أسفرت اعادة احتلال طولكرم عن مقتل فلسطيني، اضافة الى اعتقالات في صفوف "حركة المقاومة الاسلامية" حماس طاولت ثلاثة مسؤولين وصفتهم اسرائيل ب"المهمين" و"عدداً من المشتبه بهم" قدرت الاذاعة الاسرائيلية عددهم بعشرين فلسطينياً. لكن مصادر فلسطينية قللت من وزن الاعتقالات، كما اشارت الى ان الجيش فشل في اقتحام مخيم طولكرم، في حين عزز التصعيد الاسرائيلي الوحدة الفلسطينية التي هددها اعتقال الامين العام ل"الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" احمد سعدات وقيادات فلسطينية اخرى، اذ تلقى الرئيس الفلسطيني اتصالا هاتفيا تضامنيا من زعيم "حماس" الشيخ احمد ياسين الذي فرضت عليه الاقامة الجبرية في غزة. اما في مدينة رام الله، فلا يزال الوضع متوتراً، اذ استشهد فلسطينيان خلال الاشتباكات المسلحة المستمرة على اكثر من محور، فيما تتوقع الاوساط الامنية مزيداً من التدهور بعدما ابلغها الاسرائيليون بنية تنفيذ توغل جديد في المدينة، وطلبوا اخلاء المراكز الامنية ومنع اجهزة الامن في التدخل خلال التوغل. من جانبها، قال شارون ان احتلال طولكرم لا يستهدف السلطة، محذراً من ان اي تدخل لقوات الامن الفلسطينية سيلقى الرد المناسب. كما توعد ب"عمليات من نوع آخر" في حال استخدم الفلسطينيون صواريخ "القسام 1 و2" ضد اسرائيل، فيما وصف ضابط في الجيش احتلال طولكرم بأنه "عملية واسعة لكنها محدودة زمنياً" تهدف الى تنفيذ حملة اعتقالات وجمع الاسلحة وارضاء الرأي العام الاسرائيلي. ونقلت وكالة "رويترز" عن مسؤول منظمة التحرير الفلسطينية، أمين سر حركة "فتح" في لبنان العميد سلطان أبو العينين قوله في مؤتمر صحافي في مخيم الرشيدية صور ان الأربعاء "سيكون يوم غضب في المخيمات تضامناً مع عرفات" في خطوة تشكل "بداية لتحرك فلسطيني في لبنان سيتطور مع تطور الأحداث في فلسطين... وإذا استمر الحصار والقتل والتدمير في فلسطين فسيكون الرد الفلسطيني من لبنان، وعلى الولاياتالمتحدة ان تتحمل نتائج سياستها لأن ما يحصل هو صناعة أميركية بامتياز". واستوضحت "الحياة" ابو العينين ما يقصده بالرد من لبنان وهل يشمل الوسائل العسكرية فقال: "أنا قلت ان الرد سيكون من اكثر من مكان وبكل الوسائل، لأننا كفلسطينيين لا يجوز ان نبقى متفرجين، اذ لا شيء مقدساً في لبنان اذا انتهت فلسطين". وأضاف: "لا يهمنا ما قد يحصل من نتائج. فليتوقعوا ان يكون الرد من اكثر من مكان ولسنا خائفين من تهمة الارهاب. وباستثناء الموقف المشرف لولي العهد السعودي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز وبعض العرب، فإنه من المعيب جداً هذا الصمت العربي المخجل الذي يرى ويسمع الحصار الاسرائيلي على عرفات. ولا أريد ان أفتح جرحاً في ما يخص القمة العربية وأقول اكثر من ذلك". وامس تمنى عرفات للمرة الاولى في مسيرته النضالية "الشهادة وانا في رباط القدس" التي قال انه "يراها حياً او شهيداً". ورغم ان عرفات تحدث مراراً وبطرق غير مباشرة عن مدى الخطر المحدق به شخصياً، الا ان تمنيه الشهادة "وهو في ارض الرباط اي فلسطين" يؤكد من جانب ان الخطر اقرب مما يعتقد الكثيرون، ومن جانب آخر، يعتبر رداً حاسماً على الاشاعات الاسرائيلية التي تروج لرحيله عن ارض الوطن. ورغم تضييق الخناق عليه ومحاصرته في رام الله، تحدث قريبون منه ان معنوياته مرتفعة وان روتينه على ما هو عليه بل زاد ساعات عمله.