كشفت مصادر مؤتمر إعادة اعمار أفغانستان، الذي اكتمل نصابه، أن المساعدات ستُعلن في بيان مشترك يتعهد بإعانات متواصلة غير متقطعة للأفغان على ثلاث مراحل تبدأ بالاغاثة الإنسانية ثم إعادة التأهيل والتنمية. وقالت مصادر رفيعة المستوى في المؤتمر ل"الحياة" إن المساعدات ستكون مشروطة بتعهد حكومة حميد كارزاي الموقتة اجراء انتخابات عامة في غضون سنتين ونصف السنة، ومواصلة الحكومة المنبثقة من تلك الانتخابات التزام اتفاق السلام الحالي. وأضافت أن الشرط الأهم لنجاح مقررات المؤتمر الحالي هو "اتفاق الأفغان في ما بينهم ونجاحهم في تشكيل حكومة ديموقراطية تحترم حقوق الانسان وتقف ضد الارهاب ولها علاقات جيدة مع الدول المجاورة". وقال أحد المصادر ان الدول المانحة متفقة جميعاً على أن "الشرط الوحيد والرئيس لنجاح مساعينا هو أن ينفّذ الافغان اتفاقاً في ما بينهم يجب أن نراه ونلمسه على المدى البعيد". وأضاف أن المشاركين يشددون على"حكومة ديموقراطية أفغانية تقضي على الارهاب ولها علاقات طبيعية مع الدول المجاورة وتحترم حقوق الانسان وحقوق المرأة". وأشار الى ضرورة مساعدة السلطة الافغانية الجديدة على "تطوير إطار سوق وآلية توليد لمصادر للدخل وتطوير نظام للضرائب على المدى المتوسط، وأن يواكب المنح الدولية انفتاح تدريجي في أفغانستان. وعُقدت مساء أول من أمس، حفلة استقبال رسمية لممثلي الدول المشاركة التي زاد عددها على خمسين، بينها ست دول عربية هي: السعودية، التي تشارك في رئاسة المؤتمر، والإمارات والكويت وقطر وتونس، إضافة الى وزير الخارجية المغربي. واقتصرت الخطابات على كلمة افتتاحية من وزيرة الخارجية اليابانية ماكيكو تاناكا شددت فيها على مواصلة اهتمام طويل المدى باستقرار أفغانستان وازدهارها على أساس أن التحديات التي تواجهها أفغانستان تواجه العالم أيضاً. ودعا رئيس الحكومة الافغانية الموقتة حميد كارزاي، في كلمة مقتضبة، الى مساعدة دولية عاجلة ومستمرة لبناء أفغانستان جديدة تقوم بدورها المطلوب في المجتمع الدولي. ويتوقع أن تركز المرحلة الاولى من إعادة البناء على تقديم مساعدات طبية وإمدادات مائية وغذائية للاجئين العائدين. اما الثانية فتهدف الى اعادة التأهيل Rehabilitation وبناء المدارس والمستشفيات وغيرها من المرافق المدنية، تليها مرحلة إعادة تنمية تركز على البنية الأساسية مثل الطرق والسكك الحديد. وستُنظم برامج تدريب للأفغان، خصوصاً النساء، في مجالي التعليم والعناية الصحية. ويحاول المراقبون استكشاف ما سيدور في الجلسات الرسمية المغلقة، وقد تفادى ممثلو الجهات الرئيسة في المؤتمر وهي أميركا واليابان والسعودية والاتحاد الأوروبي، الاعلان عن حجم المساعدات المالية المتوقعة والبرنامج الزمني لإنفاقها وقنوات تسليمها والجهة التي ستتسلمها. وقالوا ان ذلك يتطلب تنسيقاً بين المشاركين لوضع تقديرات أولية كمرجع وليس هدف، وأن المؤتمر الحالي ليس مؤتمراً للدول المانحة "لأن من المبكر جداً تحديد احتياجات عملية اعادة البناء". وقالوا ان الرسالة الأهم هي اظهار وقوف المجتمع الدولي الى جانب افغانستان من خلال التزام على المدى الطويل، لا بتقديم مال سريع. وستبدأ جلسات المؤتمر صباح اليوم بخطاب تلقيه ساداكو اوغاتا المبعوثة اليابانية الخاصة لشؤون افغانستان ورئيسة الوفد الياباني. وتلي ذلك كلمات لرئيس الوزراء الياباني جونيتشيرو كويزومي والامين العام للأمم المتحدة كوفي انان، فرئيس الحكومة الافغانية الموقتة وممثلي الدول الرئيسة في المؤتمر. بعد ذلك تبدأ اجتماعات مغلقة للوفود يقدم الافغان خلالها تفاصيل مخططاتهم لإعادة البناء وتحدد كل دولة مساهماتها، وستعقد الجلسة الختامية غداً الثلثاء. لا مساعدات عسكرية وقال مساعد وزير الخارجية الأميركي لارسن في تصريح خاص ل"الحياة" ان مؤتمر اعادة بناء افغانستان لن يناقش القطاع العسكري الافغاني، بل سيقتصر على المساعدات في المجالات المدنية. وأضاف: "نوافق جميعاً على ضرورة تعزيز الأمن في افغانستان، خصوصاً بواسطة اجهزة شرطة محترفة يجب ايجادها بسرعة، لكن المؤتمر الحالي سيركز فقط على اعادة البناء والتأهيل في قطاعات انسانية مثل ازالة الألغام والتثقيف والإغاثة وتطوير المرأة الافغانية والمتطلبات الانسانية العاجلة". وأشار ايضاً الى اهمية تقوية دور الجهاز القضائي الأفغاني. ويشارك لارسن ضمن الوفد الأميركي الذي يترأسه وزيرا الخارجية والخزانة كولن باول وبول أونيل. وردّاً على سؤال عن امكان ضياع اموال المساعدات بسبب الفساد كما حصل في روسيا، اجاب لارسن ان حكومته تشعر بوجود التزام قوي من جانب كارزاي لإدارة نظام كفيّ لا يتسامح مع الفساد. وتابع: هذا الموقف موضع ترحيبنا لأنه يساعد السلطة الافغانية على تأسيس آلية لأنظمة ضبط الانفاق وضمان شفافيته.