واشنطن، كابول، برلين - أ ف ب، رويترز - أعلن السفير الأفغاني لدى الولاياتالمتحدة سعيد طيب جواد أن رفض البرلمان الأفغاني السبت الماضي معظم أسماء الوزراء ال24 الذين رشحهم الرئيس حميد كارزاي للانضمام الى حكومته الجديدة «أمر جيد لهذه الديموقراطية الهشة». وقال جواد المقرب من كارزاي لمحطة «بي بي اس» التلفزيونية: «لعله تراجعاً موقتاً للرئيس، لكنه أيضاً خطوة الى الأمام بالنسبة الى الديموقراطية في أفغانستان»، مضيفاً: «إنني مسرور فعلاً لتنفيذ البرلمان الأفغاني بمهمته كما يجب». وقلل جواد من تأثير هذا الوضع، خصوصاً انه جرت الموافقة على الحقائب الأساسية وبينها حقيبة الدفاع، وتوقع إعادة ترشيح كارزاي أسماءً رفضها البرلمان، مشيراً الى وجود نقص في المرشحين الأكفاء في هذا البلد الذي تجتاحه الحرب. وقال: «سيعاد تعيين أعضاء رفضوا سابقاً، بسبب نفوذهم السياسي الكبير، وسيكون على البرلمان أن يتخذ القرار حول الوجهة التي يريد جر البلاد إليها». ورأى خبراء أن الرئيس كارزاي قد يستطيع تحويل رفض البرلمان لغالبية مرشحي حكومته إلى فرصة لتشكيل حكومة أكثر نزاهة تضم وجوهاً جديدة. وقال وحيد مجده، الكاتب والمحلل المقيم في كابول: «كارزاي غير مستاء بدرجة كبيرة. يمكن أن يختار 17 شخصاً آخرين، وربما سيطرح هذه المرة أشخاصا يثق فيهم المجتمع الدولي». وقال دبيلوماسي غربي في كابول: «ستسنح لكارزاي فرصة اللجوء إلى الوزراء الذين لم يرغب في وجودهم في بادئ الأمر، لكن عليه الاسترضاء»، فيما صرح هارون مير، الشريك المؤسس في المركز الأفغاني للبحوث والدراسات السياسية في كابول: «لا أعتقد بأن كارزاي كان يضع خطة مسبقة، لكنه يملك الآن فرصة للظهور بصورة الزعيم الوطني»، علماً أن صورته تضررت في الانتخابات الرئاسية الأخيرة التي أجريت في 20 آب (أغسطس) الماضي، في ظل تقارير عن حصول عمليات تزوير واسعة في مصلحته. وتابع مير: «يستطيع أن يدعو المعارضة للمشاركة، وبعدها لن يستطيع أحد لومه لأنه يمكن أن يقول نحن في وضع هش». ورجح مير تهاون الرئيس في موضوع تصويت البرلمان، إذ زار ولاية هلمند في اليوم ذاته، على رغم مواجهته برلماناً معادياً وغير متماسك، ما يعني أنه لم يشعر بأنه يطرح فريقاً مثالياً. ونفى كبير الناطقين باسم كارزاي عم الأخير بالأسماء التي سيرفضها البرلمان، لكن البعض يقولون إن الرئيس امتلك حسابات مسبقة. وكشف مسؤول أن وزيراً أبلغه أن كارزاي قال له إن «هذه الحكومة ليست نهائية وستكون هناك إجراءات مطولة أي اعتراضات». والتزم البرلمان الأفغاني بالمرسوم الرئاسي الذي أصدره كارزاي أول من أمس، وأمر فيه بإرجاء العطلة الشتوية للنواب حتى الانتهاء من الموافقة على مرشحي الحكومة الجديدة، وبينهم المرشح لمنصب وزير الخارجية. وقال حسيب نوري، رئيس العلاقات الإعلامية في البرلمان، إن «مجلس النواب ينتظر من الرئيس الأفغاني أن يقدم لائحة جديدة تتضمن 17 مرشحاً بحلول السبت المقبل». انتقاد المساعدات على صعيد آخر، اتهم وزير الخارجية الأفغاني رانغين دافدر سبانتا في مقابلة مع صحيفة «فرانكفورتر روندشاو» الألمانية، الدول المانحة لبلاده بتقديم مساعدات قليلة لأفغانستان لتعزيز إدارة نفسها بنفسها، واعتبر أن كلامها في شأن قادة الحرب الأفغان غير متوازن. وقال سبانتا: «يقدم المجتمع الدولي إمكانات قليلة للحكومة الأفغانية، ويمنحها نفوذاً محدوداً»، موضحاً أن المجتمع الدولي «لا يسمح لكابول إلا بإدارة نسبة 20 في المئة من المساعدات، أما الباقي فتديره البلدان المانحة، فيما تبقى كابول مسؤولة عن كل أخطاء إعادة الإعمار». وطالب الوزير الأفغاني بتخصيص الأموال بطريقة أكثر شفافية وفاعلية، مشيراً بالدرجة الأولى الى الولاياتالمتحدة التي تعتبر المانح الأكبر. وأشار الى أن الجنود الإضافيين الذين ستنشرهم واشنطن في أفغانستان سيكلفون 30 بليون دولار في السنة. والمال المخصص لجندي أميركي واحد يكفينا لإعداد 60 جندياً أفغانياً». وقال سبانتا انه يتطلع الى المؤتمر الدولي حول أفغانستان المقرر في لندن في 28 الشهر الجاري لوضع ملامح إعادة الإعمار الدائمة، وتعزيز بناء الشرطة والجيش الأفغانيين. وندد سبانتا بمواقف بعض الدول المانحة التي تصنف قادة الحرب بين جيدين وسيئين، «فيما عملت دول مانحة كثيرة مع أشخاص مماثلين وأشخاص متهمين بارتكاب جرائم حرب. هذا الأمر يجب أن يتوقف». وتعتزم واشنطن ربط مساعداتها المالية الى أفغانستان بالجهود التي تبذلها كابول لمكافحة الفساد. ودعت الرئيس الأفغاني الى اختيار وزرائه في الحكومة الجديدة من ذوي الخبرة وليس من قادة الحرب. تقربر بان وأكد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في تقرير جديد أصدره عن أفغانستان أن المنظمة الدولية لا تستطيع مواصلة دعم الانتخابات في أفغانستان في المستقبل من دون إدخال إصلاحات على عملية الاقتراع، علماً أن لجنة الانتخابات الأفغانية أعلنت السبت الماضي أن الانتخابات البرلمانية ستجرى في 22 أيار (مايو) المقبل. واعترف بوجود «أوجه قصور حولت الانتخابات الى أزمة سياسية»، ما قوض الثقة في القيادة الأفغانية واستعداد المجتمع الدولي للمشاركة في جهود الإعمار في البلاد. وقدمت الأممالمتحدة دعماً مالياً وتقنياً للجنة المستقلة للانتخابات التي عينتها الحكومة الأفغانية، ورشحت أيضاً ثلاثة من الأعضاء الخمسة الذين ضمتهم لجنة الشكاوى الانتخابية. وبين الإصلاحات التي شدد بان على ضرورة تنفيذها، مراجعة آلية تعيين أعضاء اللجنة المستقلة للانتخابات من أجل ضمان حيادها وادخال تحسينات على نظام تسجيل الناخبين، وتطوير عملية المراقبة المحلية وتعزيز الإطار القانوني. وأدى الخلاف حول انتخابات آب (أغسطس) الى انقسام داخل بعثة الأممالمتحدة في أفغانستان نفسها، بعدما اتهم نائب رئيس البعثة الأميركي بيتر غالبريث رئيسه النروجي كاي إيدي بالفشل في التعامل بحزم مع الغش. وأقيل غالبريث في أيلول (سبتمبر) الماضي. وأشار بان الى أن محنة الانتخابات وتزايد العنف في القتال ضد متمردي حركة «طالبان» ساهما في إيجاد مناخ من التشاؤم في أفغانستان. وأضاف: «إذا لم يتم تصحيح الاتجاهات السلبية، فان الوضع برمته سيصبح غير قابل للإلغاء. إننا الآن في مرحلة حرجة. الوضع لا يمكن أن يستمر كما هو إذا كان لنا أن ننجح في أفغانستان. هناك حاجة الي تغيير في طريقة تفكير المجتمع الدولي، وأيضاً طريقة تفكير الحكومة الأفغانية». وضم بان صوته الى الدعوات التي تطالب الولاياتالمتحدة ودول أخرى بتكثيف جهودها المدنية، لمجاراة تعزيز المساعي السياسية وجهود التنمية.