حذر تقرير برلماني مصري من استمرار الاعتماد على احتياط النقد الأجنبي للبلاد في سد الثغرة القائمة بين العرض والطلب للعملات الأجنبية. ودعا الحكومة إلى اعتماد سياسة مزدوجة، طويلة وقصيرة الأجل، لتغطية النقص في إيرادات العملة الصعبة. لفت التقرير الذي أعدته اللجنة الاقتصادية والمالية في مجلس الشورى إلى انخفاض الاحتياط الاجنبي في مصر بما يقترب من خمسين في المئة خلال خمسة أعوام، اذ هبط إلى نحو 12 بليون دولار من نحو 5،22 بليون دولار. وعزا التقرير انخفاض حصيلة النقد الأجنبي في مصر إلى "عوامل عدة من أهمها النقص في ايرادات العملة الصعبة نتيجة الآثار السلبية لأحداث الإرهاب في أيلول سبتمبر الماضي، والتي أدت إلى انخفاض حاد في إيرادات السياحة واسعار النفط ودخل قناة السويس وشركات الطيران". ولفت إلى أن "سعر الدولار ارتفع باطراد حتى تجاوز في بعض الأحيان خمسة جنيهات مقارنة بزيادة لم تتجاوز ثلاثة قروش ونصف القرش على مدار سنوات عدة". ويذكر أن مصر شهدت أزمة حادة في الاسابيع الأخيرة تتصل باختفاء الدولار من الاسواق، إضافة إلى تدابير حكومية حاولت إحكام السيطرة على الارتفاع المطرد للواردات، ما أدى إلى ارتفاع كبير في سعر الصرف دفع الحكومة إلى إعلان سعر واقعي جديد تسبب في انخفاض قيمة العملة الوطنية بمقدار ثمانية في المئة. وتناول التقرير البرلماني جوانب عدة لأوضاع الاقتصاد المصري الذي يواجه مشاكل عدة في الآونة الأخيرة، وخصوصاً فيما يتعلق بالخلل الشديد في ميزان الصادرات والواردات لصالح الأخير بفارق 12.5 بليون دولار سنوياً. وفي وصفه للحالة الراهنة، لفت التقرير إلى أن "الاقتصاد الوطني يعاني حالة من الكساد حيث توقف عدد كبير من المنشآت الاقتصادية عن العمل، وتراكم المخزون السلعي الراكد لدى شركات عديدة إضافة إلى الزيادة الكبيرة في عدد حالات الإفلاس والتراجع الواضح على اقتناء العقارات وزيادة حجم المعروض منها". وأوضحت الأرقام التي عرض لها التقرير استيراد سلع من خارج البلاد لها مثيل محلي بما قيمته نحو تسعة بلايين دولار العام قبل الماضي، وذلك في أول مؤشر من نوعه يعلن عنه في الصلة بين زيادة الواردات وركود الانتاج الوطني. وكان لافتاً ما أورده التقرير من استيراد مصر بقولاً محفوظة بنحو 530 مليون جنيه، علماً أن مصر من أشهر الدول في زراعة وإنتاج البقول. ويشار إلى أن الرئيس مبارك طالب الحكومة مرات عدة بوضع استراتيجية شاملة لإعادة التوازن بين الصادرات والواردات، وأجرى تعديلاً وزارياً قبل أشهر ألغى بمقتضاه وزارة الاقتصاد وأسس بديلاً عنها وزارة التجارة الخارجية التي تعنى فقط بشؤون تنمية الصادرات الوطنية. وفي هذا السياق، دعا التقرير البرلماني الذي سيبدأ مجلس الشورى مناقشته اليوم الحكومة إلى تبني تدابير طويلة الأمد لتحقيق زيادة ذات أهمية في الصادرات السلعية الوطنية تقوم على خفض كلفة الانتاج من خلال التحديث التكنولوجي وتخفيف الأعباء المالية الضرائب على المنتجات المحلية.