بعد اقل من اسبوع على اعلان الدكتور جورج كيري كبير اساقفة كانتربري نيته التقاعد مبكراً في تشرين الثاني نوفمبر المقبل، انطلقت حملة مسمومة لتشويه سمعة أقوى المرشحين لخلافته على رأس كنيسة انكلترا، الدكتور مايكل نظير علي 51 عاماً، اسقف روتشستر الباكستاني الأصل. ولم يستبعد مؤيدو نظير علي ان تكون وراء الحملة دوافع عنصرية. وفي خطوة غير مسبوقة، أعلن ولي العهد البريطاني الأمير تشارلز تأييده لمرشح آخر هو اسقف ويلز ريتشارد تشارترز، المعروف بنزعته الليبرالية. وكانت العائلة المالكة تتجنب في السابق الافصاح عن خيارها المفضل. ومن المفترض ان تقدم "لجنة التعيين الملكية"، التي تتألف من 13 عضواً يحق لهم التصويت، توصية باسمي اثنين من المتنافسين الى رئىس الوزراء توني بلير. وتناولت صحيفتا "الاوبزرفر" و "صنداي تلغراف" امس خفايا الصراع الدائر في أروقة الكنيسة الذي لا يقل شراسة عن نظيره في الاحزاب السياسية. وكانت صحيفة "التايمز" نشرت اول من امس لائحة بالإشاعات التي يروجها خصوم نظير علي، ومن بينها اتهامه بتقديم معلومات كاذبة عن مؤهلاته الاكاديمية وتاريخ ميلاده بعدما امضى وقتاً أطول من المتوقع لاكمال دراسته الجامعية في كراتشي. وكشفت الصحيفة ان كنيسة انكلترا، التي يبلغ عدد اتباعها 70 مليون شخص في أرجاء العالم، كانت اجرت تحقيقاً سرياً في خلفية اسقف روتشستر الشهر الماضي، ونقلت عن ناطق باسمها قوله ان المسؤولين فيها "مقتنعون بأن لا أساس لهذه الادعاءات". وقالت جامعة اكسفورد الجمعة الماضي ان نظير علي نال فعلاً شهادة الماجستير في الآداب من سانت ادموند هول. كما اكد مارك هاردينغ عميد كلية اللاهوت الاسترالية في سيدني ان الاسقف حصل على الدكتوراه في اللاهوت في 1985. ومن بين الإشاعات الاخرى التي روّجت في اوساط الكنيسة وثبت عدم صحتها بشكل قاطع ان الاسقف، وهو متزوج ولديه ابنان، كانت لديه زوجة سابقة. لكنه لم ينف اتهاماً آخر، اقل ضرراً، بأنه كان "على صلة بالكنيسة الكاثوليكية" قبل انضمامه الى الكنيسة الانغليكانية في 1969، عندما بلغ عمره 20 عاماً. واكد نظير لصحيفة "صنداي تلغراف" انه كان كاثوليكياً بالفعل في مرحلتي الدراسة الابتدائية والثانوية في باكستان ولمدة سنة في الجامعة هناك. واثارت الإشاعات التي استهدفت نظير علي، أول اسقف أبرشية غير ابيض، تساؤلات عن احتمال وجود دوافع عنصرية وراء الحملة ضده. وقالت صحيفة "التايمز" ان رجل دين لم تكشف هويته وصف نظير علي الاسبوع الماضي بأنه "بابوي باكستاني". وسئل نظير علي اذا كان واجه نزعات عنصرية في الكنيسة، فقال: "يصادف المرء العنصرية في شتى الاماكن، وحسب تجربتي، فإنه لا يوجد مكان مثالي". وعبّر عن أمله في ان "تسمو الكنيسة فوق مثل هذا الموقف بشأن طريقة اختيار زعيم مسيحي"، مشيراً الى ان ما يعنيه هو "كيف تبدو الكنيسة في نظر الأمة". واصبح نظير علي في 1984 أصغر اسقف انغليكاني سناً في العالم، واختاره كبير اساقفة كانتربري الراحل اللورد رانسي ليكون مساعده في 1986، وعيّن في منصب اسقف روتشستر في 1994، ليصبح اول اسقف أبرشية غير ابيض في كنيسة انكلترا. ويعتبر ضليعاً في اللاهوت وخبيراً في الاسلام. ومن بين مؤلفاته "الاسلام: منظور مسيحي" 1983 و "شهداء وقضاة: التسامح والمحاكمة في الاسلام" 1989. وعلى رغم تأييده لسيامة النساء كاهنات وقسيسات، فإنه يتبنى موقفاً متشدداً ضد رجال الدين المثليين، ويُحسب على التيار المحافظ في الكنيسة.