بدا ان المواقف والاجراءات التي اعلنها الرئيس الباكستاني برويز مشرف، أول من أمس، بدأت تؤتي ثمارها في اتجاهه انهاء التوتر بين نيودلهي واسلام آباد. اذ أعلن البيت الابيض ان الرئيس الاميركي جورج بوش تحادث هاتفياً مع قادة البلدين أمس وان الجانبين وافقا على العمل على خفض حدة التوتر الذي دفعهما الى اكبر حشد عسكري على الحدود. وشكر بوش الذي تقود بلاده حملة دولية لمكافحة الارهاب مشرف على خطابه الذي تعهد فيه الا تستخدم بلاده قاعدة للارهاب ووعد بشن حملة على المتشددين. ورحبت نيودلهي أمس بالالتزام المعلن لباكستان بعدم دعم الارهاب او السماح لأي كان باستخدام اراضيها في اي مكان خصوصاً في ولاية جامو وكشمير الهندية. الا ان وزير الخارجية الهندي جاسوانت سينغ قال في مؤتمر صحافي انه لن يحكم على التزام الرئيس الباكستاني الا ب"الافعال الملموسة التي سيقوم بها" ضد "الارهاب عبر الحدود". واستبعد تماماً تدخل اي طرف ثالث في حل النزاع على كشمير كما اقترح مشرف بدعوته الولايات المحتدة الى "اداء دور ايجابي" في النزاع. وقال: "لا يوجد مكان لتدخل طرف ثالث" مكرراً الموقف التقليدي لنيودلهي. لكن سينغ اوحى بإمكان التوصل الى هدنة بين الجيشين اللذين لا يزالان يتواجهان عبر الحدود، مضيفاً ان الهند مستعدة للقيام بالمثل واعطاء الرئيس الباكستاني الفرصة لتطبيق سياسته. وواصلت اسلام آباد حملتها ضد الجماعات الاسلامية، وشنت قوات الأمن الباكستانية حملة مطاردات ومداهمات بحق الجماعات الإسلامية المتشددة الخمس التي حظرتها الحكومة الباكستانية، أول أمس، وطاولت الحملة خلال اليومين الماضيين أكثر من 500 من كوادر الأحزاب المحظورة، فيما لجأت الجماعات الكشميرية المسلحة غير المحظورة إلى التعاطي مع تداعيات الخطاب الرئاسي الذي سيحرمها من تجنيد المقاتلين في صفوفها ومن جمع التبرعات لصالح العمليات التي تقوم بها ضد القوات الهندية. وكشفت مصادر كشميرية مسلحة رفضت الإفصاح عن هويتها ل "الحياة" أمس أنها ستعمل على التجنيد وجمع التبرعات بشكل سري فيما توارت قيادات الجماعات المسلحة عن الأنظار خشية تعرضها للاعتقال. وتفاوتت ردود فعل الأحزاب السياسية الباكستانية على خطاب الرئيس الباكستاني. فبعدما كان منتظراً أن ترد الأحزاب الإسلامية بعنف على الخطاب نظراً الى انه يستهدفها بشكل مباشر، انقلبت الصورة اذ هاجمت الأحزاب العلمانية الخطاب بعنف وعلى رأسها حزب "الرابطة الإسلامية" بزعامة نواز شريف و"حزب الشعب" بزعامة بي نظير بوتو. واتهم الحزبان مشرف بالفشل في الاعتراف بأخطاء سياسته التي قادت إلى المواجهة مع الهند. واعتبر حزب "الرابطة الإسلامية" أن مشرف يحجم عن الحوار الوطني في هذه الظروف العصيبة في وقت يستجدي الحوار مع الهند وأكد أحد المسؤولين في جماعة "العسكر الطيبة" في اتصال هاتفي مع "الحياة" أمس مفضلاً عدم الكشف عن هويته أن الحركة ستواصل نشاطاتها المسلحة ما دامت عملياتها تتركز في الجزء الخاضع لسيطرة الهند من كشمير. واستبعد مسؤولون في "جيش محمد" أي تأثير للقرار الباكستاني على نشاط الحركة في كشمير الخاضعة للسيادة الهندية، لكن الجماعات الإسلامية الكشميرية المسلحة الأخرى التي استثناها الحظر تخشى في المقابل أن يشملها هذا القرار في حال شن مقاتلوها أي هجوم في كشمير. ويفيد بعض التقارير أن الحكومة الباكستانية أصدرت أوامرها إلى الاستخبارات العسكرية المتهمة بتأسيس هذه الجماعات بالعمل على نقل مكاتبها إلى كشمير لتخفيف الضغوط على اسلام آباد بعد إغلاق معسكرات التدريب التي أقامتها هذه الجماعات في بعض المناطق. ويتردد أن الحكومة أمرت الاستخبارات بمساعدة الشرطة في اعتقال العناصر المطلوبة من الجماعات المحظورة وهو ما يضع المؤسسة الأمنية في ظروف صعبة كونها هي التي أنشأت هذه الجماعات