} واشنطن - "الحياة" - سجلت عودة الحياة السياسية الى واشنطن، بعد صدمة 11 ايلول سبتمبر، حدثاً جديداً إذ عاد أيضاً مسلسل الفضائح السياسية التي تطاول عادة مقام الرئاسة، وإذا بكواليس واشنطن تنشط مع تكشّف خفايا افلاس شركة "انرون" وامكان ان تكون للبيت الابيض معرفة مسبقة بالوضع المنهار للشركة الضخمة. وقد بدأت وزارة العدل بالتحقيق في قضية الافلاس بعد بروز احتمالات خرق للقوانين في الاعمال التي سبقت الاعلان عن الافلاس، ومنها كيف استطاع عدد من كبار موظفين في "انرون" ببيع حصصهم في الشركة المفلسة، فيماما تلاشت مدخرات وقيمة حصص المستثمرين التي كانت تقدر ب 30 بليون دولار. عناصر الفضيحة الكلاسيكية موجودة، وهي تكتمل شيئاً فشيئاً: الشركة كانت من ابرز المتبرعين لحملة انتخاب الرئيس بوش ولوزير العدل جون آشكروفت الذي خسر موقعه في مجلس الشيوخ. وهناك وثائق مهمة اختفت وهي تتعلق بحسابات الشركة. كما ان اتصالات مع البيت الابيض قبل مدة قصيرة من اعلان الافلاس. ثم ان نائب الرئيس ديك تشيني او معاونيه عقدوا ما يقارب ستة اجتماعات خلال السنة الماضية مع ممثلين عن شركة "انرون"، وأجرى مسؤولون كبار في الشركة اتصالات مع اعضاء في حكومة بوش. هذه المعطيات حتمت على البيت الابيض اطلاق حملة تطويق اعلامية لموضوع "انرون" وهو ما يصار اليه عادةً حين تلوح في الافق بوادر أزمة أو فضيحة سياسية. ويصر البيت الابيض على ان الادارة لم تفعل شيئاً لانقاذ الشركة حين بدأت تتخبط حتى لا تُتهم بأنها تكافئ شركة ساهمت في تمويل الحزب الجمهوري، كما ان الاجتماعات التي عقدهها تشيني او معاونوه مع ممثلين عن الشركة هي جزء من مشاورات يجريها نائب الرئيس في اطار فريق عمل خاص يترأسه لوضع سياسية طاقة جديدة للولايات المتحدة. ومع ذلك وجدت وزارة العدل ما يكفي من الاسباب لفتح تحقيق حول امكان ان يكون حصل خرق للقوانين في مسلسل افلاس "انرون". وأحجم الوزير آشكروفت عن التدخل في القضية لئلا يتهم بتعارض المصالح كونه تسلم سابقاً تبرعات من الشركة. وترك اعتذار آشكروفت صدى سلبياً لدى الرأي العام لأنه دلّ الى تورط الجمهوريين في اعمال "انرون". ويأتي استغلال الديموقراطيين فضيحة "انرون" في وقت يزداد الاقتصاد الاميركي تخبطاً وفيما تشير اصابع الاتهام الديموقراطية الى سياسة بوش الضريبية. كما أنها تأتي قبل شهور قليلة من انطلاق حملات الانتخابات التشريعية التي يطمح الديموقراطيون فيها الى استعادة السيطرة على مجلس النواب بعد خسارة البيت الابيض. وسواء تبين ان الادارة متورطة في اعمال غير قانونية أم لا فإن فضيحة "انرون" ستترك أثراً سلبياً في وضع بوش والجمهوريين، أولاً لأنها تعزز الاتهامات المجهة دائماً الى الجمهوريين بأنهم "حزب الشركات الكبرى" وهذه المرة هناك خصوصية تكساس وشركات النفط. فالرئيس بوش من تكساس وهو ونائبه تربطهما علاقات مع شركات النفط. وثانياً لأنها تأتي في ظل احباط اقتصادي يسوده قلق الفرد الاميركي على وظيفته ومستواه المعيشي. وبذلك تكون قضية افلاس "انرون" اول فضيحة في عهد بوش الذي تعهد ان يدير البيت الابيض بعيداً الفضائح، وان يعيد الاعتبار الى مقام الرئيس بعد سلسلة من الفضائح السياسية والاقتصادية والجنسية طبعت ثماني سنوات من حكم بيل كلينتون للبيت الابيض.