حفلت المقالة التي نشرها الأستاذ الكاتب ميلاد حنا في "الحياة" 14/11/2001 بالأفكار الجديرة بالمناقشة، تأييداً أو تفنيداً. الفكرة الجوهرية في مقالته تؤكد أن الحملة الدولية التي تقودها كل من الولاياتالمتحدة الاميركية وبريطانيا للقضاء على "الارهاب الدولي" لا طائل منها، وذلك لأن الارهاب ظاهرة "فكرية" أولاً، لذا فتصفيته تتم بحملة فكرية توعوية قادرة على معالجة أسباب هذه الظاهرة وليس نتائجها. إن العنف لا يُولد إلاّ العنف، والفوضى لا تُولّد إلاّ الفوضى، ولا تكشف عن المطلق. هذه هي الحقيقة الفكرية التي نرى ضرورة الانطلاق منها لمعالجة ظاهرة "الارهاب الدولي". ومن هنا يمكن القول إن الجهود العنفية التي يبذلها التحالف الدولي، وخصوصاً أميركا وبريطانيا لن تحل المشكلة جوهرياً، وإن القضاء على بن لادن وتنظيم "القاعدة" سوف يؤدي الى تفريخ الأجيال الارهابية القادمة. وهذه الأفكار أكد الأستاذ ميلاد حنا عليها. ومن ناحية أخرى فنحن نخالفه الرأي وخصوصاً توهمه أن الحل يمكن أن يكون في تنازل اميركا الطوعي عن زعامتها للعالم. وإذا كنا نتفق مع الأستاذ ميلاد حنا على ضرورة أن تساهم "الحضارة العربية الاسلامية" في قيادة العالم والحضارة البشرية، لا سيما وهي حضارة ذات جذور ضاربة في عمق التاريخ الانساني، إلا أننا نخالفه في "توهمه" الكبير بأن اميركا ستقبل هكذا، ببساطة وطواعية فكرة التشارك مع الحضارات الأخرى في قيادة العالم. فالنظام الأميركي المصاب بعقدة "التفوق" و"العنجهية" وغرور القوة، لن يقدم طوعاً على فكرة التشارك هذه، وهو لن يتنازل عن قيادة العالم إلا حينما يتعرض لضغط من أقطاب وقوى عالمية أخرى. الحل، من وجهة نظري، يكمن في انتزاع الحضارات الأخرى، ومنها الصينية والهندية والعربية - الاسلامية والأوروبية واليابانية، لمواقعها انتزاعاً يجبر أميركا على قبول فكرة "المشاركة" في قيادة العالم، أي ببناء عالم متعدد الأقطاب، بدلاً من عالم القطب الوحيد، عالم تساهم في صنعه وقيادته الحضارات البشرية كلها من طريق الحوار والتفاعل والتكامل والإغناء المتبادل. سورية - فائز العراقي كاتب سياسي وأديب عراقي مقيم