} بلغ استهتار اسرائيل مداه بالنسق العالمي لمناهضة العنصرية عشية اختتام اعمال مؤتمر ديربان وذلك بتنفيذها محاولة اغتيال جديدة راح ضحيتها فلسطينيان فيما نجا الفلسطيني الثالث المستهدف باعجوبة، وايضاً من خلال تسريع خطواتها العسكرية لعزل مدينة القدسالمحتلة وسلخها عن امتدادها الفلسطيني ضمن نظام فصل وصفه الفلسطينيون بأنه عنصري يكمل المشهد الفلسطيني الاوسع الذي يخضع لسياسة حصار وخنق وتجويع منذ نحو عام. وفي غضون ذلك، رفض شارون رفضاً قاطعاً اي رقابة دولية على وقف النار بين الفلسطينيين وسلطة الاحتلال على رغم ما اعلن في اسرائيل من ان وزير خارجيته شمعون بيريز ابدى موافقة مبدئية في شأنها. أستشهد شابان فلسطينيان فيما نجا ثالث هو رائد الكرمي من محاولة اغتيال استهدفته شخصياً نفذتها مروحيتان حربيتان اسرائيليتان في آخر سلسلة من عمليات الاغتيال التي تشنها الحكومة الاسرائيلية ضد الكوادر الفلسطينية. ونفذت هذه الجريمة هذه المرة في مدينة طولكرم شمال الضفة الغربية، في خطوة رأى فيها الفلسطينيون رسالة استهتار اسرائيلية بالقائمين على مؤتمر ديربان المنعقد في جنوب افريقيا. وروى شهود عيان ل"الحياة" ان مروحيتين اميركيتي الصنع من نوع "أباتشي" قصفتا سيارة الجيب التي كانت تقل الكرمي ورفيقيه عمر صبحة من كوادر الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ومصطفى عاهد من كواد حركة "فتح" باربعة صواريخ موجهة اخطأ اولها الهدف ما مكن الكرمي من القفز والنجاة بعد اصابته بجروح طفيفة فيما قضى رفيقاه بعد ان مزقت الصواريخ جسديهما. وتزامن القصف مع ساعة خروج تلاميذ المرحلة الابتدائية من مدارسهم ما اثار حالة من الرعب والفزع في صفوف الاهالي والطلبة معاً. واعلن الجيش الاسرائيلي في بيان ان محاولة الاغتيال استهدفت الكرمي الذي تتهمه اسرائيل بتنفيذ عمليات عدة ضد اهداف اسرائيلية بما في ذلك قتل وجرح عدد من المستوطنين. وتوعدت "الشعبية" و "فتح" بالانتقام لمقتل كادريهما في العملية. ووصف الوزير في السلطة الفلسطينية نبيل شعث الهجوم الاسرائيلي بانه "جريمة تضاف الى مسلسل الجرائم التي ترتكبها اسرائيل بحق الشعب الفلسطيني بدم بارد". وفي مدينة القدس ومحيطها، واصلت الجرافات وقوات الاحتلال الاسرائيلي المعززة حفر الخنادق ونصب الحواجز ووضع السواتر الترابية والمكعبات الاسمنتية في اطار عملية العزل والفصل التي اعلنت اسرائيل انها تنوي تنفيذها وارجأت الشق المتعلق باقامة مناطق عسكرية اسرائيلية مغلقة لخلق "حزام امني" في ما تسميه "منطقة التماس" لحين اقراره بشكل رسمي من قبل المجلس الوزاري الاسرائيلي المصغر للشؤون الامنية والذي من المقرر ان يترأسه شارون نفسه بعدما عاد من زيارته الى موسكو. وتركت الاجراءات العسكرية الاسرائيلية الفلسطينيين يعايشون اساليب قمع جديدة وطرق معاناة يصعب حتى على اصحاب المخيلات الاكثر سوداوية توقع حدوثها على الارض. وكشفت مصادر صحافية اسرائيلية ان الميل لدى صانعي القرار في اسرائيل هو "ابقاء الحد الادنى من القرى العربية وعدم ابقاء مستوطنات يهودية داخل منطقة التماس" حيث سيحظر دخول الفلسطينيين من غير سكانها الا بعد حصولهم على تراخيص خاصة. أما الفلسطينيون الذين تقع اراضيهم الزراعية داخل "منطقة التماس" فلن يستطيعوا دخول اراضيهم في ساعات الليل اذ سيفرض نظام منع التجول فيها. واشارت صحيفة "هآرتس" العبرية انه سيسمح في اطار "خطة منطقة التماس" للجنود الاسرائيليين اطلاق النار باتجاه اي شخص موجود في المنطقة المغلقة في ساعات الظلام فيما ستقام محاكم عسكرية ومنشآت اعتقال لأي "متسللين" يلقى القبض عليهم. وكان القرار المبدئي باقامة المناطق العسكرية المغلقة التي ستقسم على ارض الواقع بعض القرى الى قسمين فيما تعزل الواحدة عن الاخرى قد اتخذ في اوائل حزيران يونيو الماضي. وقالت مصادر اسرائيلية ان القرار ارجئ اكثر من مرة ولكنه سينفذ في الاسبوع المقبل على الارجح. واعلن شارون بعد عودته من زيارة لموسكو وُصفت اسرائيلياً بأنها "كارثية"، انه سيتخذ قراراً نهائياً بشأن تنفيذ الخطة خلال اجتماعه مع اركان المؤسسة العسكرية - السياسية مساء الخميس، مشيراً الى ضرورة بحث "العوامل القضائية والقانونية" المترتبة على هذه المسألة. ورجح مراقبون ان يكون شارون أرجأ تنفيذ الخطة بأكملها الى ما بعد انفضاض مؤتمر ديربان الذي أصدرت المنظمات غير الحكومية فيه بياناً وصفت فيه اسرائيل بأنه دولة تفرقة عنصرية. ونفى شارون وجود خلافات بينه وبين وزير خارجيته بيريز بشأن تشكيل جهاز رقابة دولي على قرار وقف النار بين اسرائيل والفلسطينيين، وقال ان اسرائيل لن توافق بأي شكل من الاشكال على وجود رقابة دولية وان "الوزراء جميعاً يوافقون على ذلك". واضاف ان "دور الاممالمتحدة في قضية الجنود المختطفين في جنوبلبنان وفي مؤتمر ديربان" يزيدان من اصرار اسرائيل على رفض وجود رقابة دولية. وكانت مصادر اسرائيلية اشارت الى ان خلافاً نشأ بين بيريز وشارون على خلفية الاعداد للقاء عرفات - بيريز بشأن مسألة جهاز الرقابة الدولية. وقالت "هآرتس" ان بيريز يؤيد مطلب الفلسطينيين في هذا الشأن كخطوة اساسية لوقف النار والخروج من الوضع الراهن. واعلن بيريز نفسه امس ان "تقدماً ما" حدث خلال لقاءاته التحضيرية للاجتماع مع عرفات، مضيفاً انه سيعمل على عقد "سلسلة لقاءات وليس لقاء واحداً" مع الرئيس الفلسطيني.