} شكك الفلسطينيون في جدية التزام الحكومة الاسرائيلية فحوى البيان المشترك الذي صدر في نهاية لقاء الرئيس ياسر عرفات مع وزير الخارجية الاسرائيلي شمعون بيريز صباح امس، واشاروا الى الخطوات العملية التي تنفذها السلطات الاسرائيلية من قبيل اعادة ترسيم الحدود بين الضفة الغربية واسرائيل. وعكست العملية العسكرية النوعية التي نفذها الفلسطينيون ضد موقع عسكري اسرائيلي قرب مكان عقد الاجتماع، اصرار الفلسطينيين على مقاومة الاحتلال الاسرائيلي الذي اوقع شهيداً و11 جريحاً معظمهم من الاطفال فجر امس. لاقى الوجوم الذي علا ملامح الرئيس ياسر عرفات في بداية لقائه وزير الخارجية الاسرائيلي شمعون بيريز، صدى له في الشارع الفلسطيني الذي لم يستسغ اللقاء الذي عقد عشية الذكرى الاولى لاندلاع الانتفاضة، وسط حصار عسكري واقتصادي غير مسبوق واجراءات قضم واستيلاء على الأر اضي تنفذ على قدم وساق. وبعد نحو ساعتين ونصف ساعة من المحادثات، وخلافاً لما كان مقرراً لم يعقد عرفات وبيريز مؤتمراً صحافياً، بل تلا وزير الحكم المحلي الفلسطيني الدكتور صائب عريقات، في حضور المدير العام لوزارة الخارجية الاسرائيلية آفي غيل، "البيان المشترك" الذي رأى مراقبون انه لم يتمخض عن اي جديد. وتضمن البيان اربع نقاط رئيسة هي: -الاتفاق على تشكيل لجنة مشتركة عليا تضم رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني احمد قريع وعريقات وبيريز واحد جنرالات الجيش الاسرائيلي "لمعالجة أي قضايا قد تنشأ في ما يتعلق بتنفيذ تقرير لجنة ميتشل وتفاهمات تينيت الامنية التي اتفق الطرفان على ضرورة التزام تنفيذها". - استئناف التعاون الامني بشكل كامل وفقاً للاتفاقات السابقة. ويبذل الطرفان كل جهد ممكن لوقف اطلاق النار. - البدء في رفع الحصار والطوق الاسرائيلي عن الاراضي الفلسطينية واعادة انتشار الجيش الاسرائيلي. - اجتماع آخر بين عرفات وبيريز سيعقد خلال اسبوع. وقال وزير الاعلام والثقافة الفلسطيني ياسر عبد ربه بعد الاجتماع إن "من السابق لاوانه الحكم على نتائج الاجتماع، فالأمور مرهونة بمدى التزام اسرائيل على الارض ما اتفق عليه"، مضيفاً ان اللقاء "خطوة بداية ليس الا يمكن ان تتعثر او يمكن ان تكون مقدمة على الطريق". وقال عريقات انه "يجب الا يحمل لقاء واحد اكثر مما يحتمل"، مشيراً إلى ان الجانب الفلسطيني هدف الى "تكريس المبادئ في ما يتعلق بتنفيذ تقرير لجنة ميتشل ومحاولة رفع الحصار عن الشعب الفلسطيني". اسرائيليا، وصف بيريز اللقاء في مؤتمر صحافي اقتصر على المراسلين الاسرائيليين في قاعدة عسكرية قريبة من قطاع غزة، بأنه كان "جدياً". وأشار الى ان عرفات اثار مسألة قضية اغلاق "بيت الشرق" من جانب القوات الاسرائيلية، لكن بيريز قال إن الوقت غير ملائم لإثارة هذه القضية. ويستشف من مصادر مطلعة ان الحكومة الاسرائيلية لا تزال متمسكة بتجزئة تقرير "ميتشل" خصوصاً قضية وقف اطلاق النار اذ سمحت القوات الاسرائيلية، وفقاً للمصادر الاسرائيلية نفسها، بنقل عدد كبير من قوات الامن الفلسطينية الى الشريط الحدودي الذي يفصل مدينة رفح الفلسطينية عن مصر وذلك في محاولة لاعادة الهدوء الى هذه المنطقة التي لم تتوقف فيها عمليات تبادل اطلاق النار بين المقاومين وقوات الاحتلال. هجوم رفح وقرب الحدود المصرية - الفلسطينية، نفذ الفلسطينيون عملية عسكرية نوعية أثارت غضباً كبيراً في اوساط قيادة الجيش الاسرائيلي، وأدت الى اصابة خمسة جنود اسرائيليين، وصفت جروح اثنين منهم بأنها بين المتوسطة والخطرة. واعلنت "حركة المقاومة الاسلامية" حماس مسؤوليتها عن الهجوم في رفح، وقال بيان للحركة: "تعلن كتائب الشهيد عز الدين القسام مسؤوليتها عن نسف بناية اتخذها الارهابيون الصهاينة وكراً لممارسة عملياتهم الارهابية من قتل واغتيال لابناء شعبنا وافساد في الارض وذلك في مدينة رفح الصمود". وقالت مصادر اسرائيلية ان تحقيقاً بدأ لمعرفة كيفية نجاح الفلسطينيين في زرع قنبلة ناسفة بحجم كبير في نفق يبعد اربعة امتار فقط عن مدخل الموقع العسكري المقام في المنطقة. واضافت انه تم اكتشاف وتدمير نحو 70 نفقاً حفرها الفلسطينيون لتهريب الاسلحة. واعربت عن استهجانها لعدم كشف النفق المذكور رغم توفر الآلات والمعدات الحديثة بحوزة الجيش الاسرائيلي. وقصفت القوات الاسرائيلية قبل العملية وبعدها الاحياء السكنية الفلسطينية في مدينة رفح، خصوصاً في مخيمي يبنا والشابورة، ما اسفر عن استشهاد الصبي محمود ابو قشطة 16 عاماً جراء اصابته برصاصة من العيار الثقيل في الرأس، فيما اصيب اربعة اطفال آخرين من بينهم طفل في الثانية من العمر بشظايا ورصاصات في انحاء مختلفة من أجسادهم ووصفت جروحهم بأنها خطرة. واصيب جراء القصف خمسة فلسطينيين آخرين. خطة الفصل واستقبل الشارع الفلسطيني لقاء عرفات - بيريز الذي جرى عشية الذكرى الاولى للانتفاضة بفتور، وشكك الفلسطينيون في النيات الاسرائيلية، اذ يشاهد الفلسطينيون بأم أعينهم عمل الجرافات والآليات العسكرية الاسرائيلية على حاجز قلنديا العسكري الذي يفصل شمال الضفة الغربية، خصوصاً محافظة رام الله، عن مدينة القدس. وقالت مصادر اسرائيلية ل"الحياة" ان هذه الاعمال تأتي في اطار خطة عمل وضعها شارون بالتعاون مع الاجهزة العسكرية المختلفة لتحويل الحاجز العسكري الى معبر حدود شبه دولي على غرار معبر "ايرز" في قطاع غزة. واقامت القوات الاسرائيلية خلال ساعات الليل برجاً عسكرياً كبيراً فوق التلة المطلة على الحاجز وحفرت الخنادق حول الاحياء الفلسطينية في المنطقة مثل "حي نسيبة السكني" ومخيم شعفاط وبدأت بتشييد الجدران الحجرية التي تفصل بين مستوطنتي "بسغات زئيف" و"النبي يعقوب" والاحياء الفلسطينية المحاذية لها في اطار عملية الفصل العنصري واعادة رسم الحدود داخل المدينة المقدسة. وقالت المصادر ذاتها ان شارون يسعى الى انهاء تنفيذ خطة العزل واقامة الاحزمة العسكرية على حساب اراضي الضفة وقضم المزيد من الأراضي قبل حدوث أي تغيير سياسي في اسرائيل. وتشمل الخطة وضع بوابات حديد واصدار بطاقات ممغنطة وتصاريح للفلسطينيين ونصب كاميرات تصوير ووضع معدات لفحص المتفجرات وغير ذلك. وفي مدينة طولكرم التي نفذت القوات الاسرائيلية فيها اجراءات العزل على طول خط التماس بين الضفة واسرائيل، حذر المواطنون من عواقب هذه الاجراءات التي تشكل تهديداً مباشراً على اراضيهم التي باتت في حكم الواقع الاسرائيلي مفصولة كليا عن باقي المحافظة. وقالت مصادر فلسطينية ان خطة العزل الذي تنفذها الحكومة الاسرائيلية تندرج في اطار الخطة الشارونية لاقامة "حزامين امنيين" على طول خط التماس بين الضفة واسرائيل بما يضمن قضم المزيد من الاراضي الفلسطينية التي ستضم الى الدولة العبرية سوية مع المستوطنات في هذه المناطق.