استشهاد 18 فلسطينيًا في قصف الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة    السعودية تنهى مشاركتها في العاب القوى الآسيوية ب"5″ ميداليات    ضبط (20688) مخالفاً لأنظمة الإقامة والعمل خلال أسبوع    سانتوس جيزان يتغلب على ترجي الحقو بخماسية في ثاني أيام بطولة الأبطال بملعب بلدية صبيا    مصرع ما لا يقل عن 143 شخصًا في حريق قارب بالكونغو الديمقراطية    صدور موافقة خادم الحرمين الشريفين على منح ميدالية الاستحقاق من الدرجة الثالثة ل 115 مقيمًا لتبرعهم بالدم عشر مرات    موعد مباراة الأهلي القادمة بعد الفوز على الفيحاء    يايسله يتغنى في الأهلي بعد اكتساح الفيحاء    الجيش الأمريكي يقرر تقليص عدد قواته في سوريا إلى أقل من ألف    القصيم تحتفل باليوم العالمي للتراث    انطلاق البرنامج التدريبي والتأهيلي ل "هاكثون التحوّل"    انتهاء مهلة تخفيض المخالفات المرورية بنسبة (50%) وعودتها إلى قيمتها الأساسية    لاندو نوريس يتصدر التجارب الثانية بجدة وتسونودا يتعرض لحادث    القادسية يكسب النصر بثنائية في دوري روشن للمحترفين    «سلمان للإغاثة» يختتم الأعمال المتعلقة بتوزيع الأبقار على أمهات الأيتام والأرامل بسوريا    المملكة تدشّن مشاركتها في المعرض الدولي للنشر والكتاب بالمغرب 2025    القبض على 4 يمنيين بمكة لارتكابهم عمليات نصب واحتيال بنشر إعلانات حملات حج وهمية    عبدالله السلوم البهلال مدير تعليم عسير الأسبق في ذمة الله        إنتر ميلان يعلن إصابة مهاجمه قبل مواجهة برشلونة المرتقبة    قطاع وادي بن هشبل الصحي يُفعّل عدداً من الفعاليات    صيد سمك الحريد بجزر فرسان .. موروث شعبي ومناسبة سعيدة يحتفي بها الأهالي منذ مئات السنين    جمعية المودة تدشّن "وحدة سامي الجفالي للتكامل الحسي"    وزارة التعليم تعقد دراسة لمساعدي مفوضي تنمية القيادات الكشفية    القائد الكشفي محمد بن سعد العمري: مسيرة عطاء وقيادة ملهمة    إدارة الأمن السيبراني بالرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف تحصل على شهادة الآيزو    بلدية البصر تطرح فرصة استثمارية في مجال أنشطة الخدمات العامة    ٢٤ ألف زائر وأكثر من 4 آلاف اتفاقية في منتدى العمرة    محافظ الطائف يستقبل مدير عام الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف    نائب أمير الشرقية يعزي أسرة الثميري في وفاة والدتهم    خطباء المملكة الإسراف في الموائد منكر وكسر لقلوب الفقراء والمساكين    وفاة الفنان المصري سليمان عيد إثر تعرضه ل"أزمة قلبية"    إمام المسجد الحرام: الدنيا دار ابتلاء والموت قادم لا محالة فاستعدوا بالعمل الصالح    وزارة الرياضة ومجمع الملك سلمان للغة العربية يطلقان "معجم المصطلحات الرياضية"    إمام المسجد النبوي: التوحيد غاية الخلق وروح الإسلام وأساس قبول الأعمال    خالد بن محمد بن زايد يشهد حفل افتتاح متحف "تيم لاب فينومينا أبوظبي" للفنون الرقمية في المنطقة الثقافية في السعديات    تعاون بناء بين جامعة عفت واتحاد الفنانين العرب    محافظ صامطة يلتقي قادة جمعيات تخصصية لتفعيل مبادرات تنموية تخدم المجتمع    جامعة شقراء تنظم اليوم العالمي للمختبرات الطبية في سوق حليوة التراثي    إعاقة الطلاب السمعية تفوق البصرية    رسوم ترمب الجمركية ..التصعيد وسيناريوهات التراجع المحتملة    في توثيقٍ بصري لفن النورة الجازانية: المهند النعمان يستعيد ذاكرة البيوت القديمة    وزير الدفاع يلتقي أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني    نائب أمير منطقة جازان يضع حجر أساسٍ ل 42 مشروعًا تنمويًا    معرض اليوم الخليجي للمدن الصحية بالشماسية يشهد حضورا كبيراً    24 ألف مستفيد من خدمات مستشفى الأسياح خلال الربع الأول من 2025    تجمع القصيم الصحي يدشّن خدمة الغسيل الكلوي المستمر (CRRT)    مشاركة كبيرة من عمداء وأمناء المدن الرياض تستضيف أول منتدى لحوار المدن العربية والأوروبية    قطاع ومستشفى تنومة يُنفّذ فعالية "التوعية بشلل الرعاش"    يوم الأسير الفلسطيني.. قهرٌ خلف القضبان وتعذيب بلا سقف.. 16400 اعتقال و63 شهيدا بسجون الاحتلال منذ بدء العدوان    5 جهات حكومية تناقش تعزيز الارتقاء بخدمات ضيوف الرحمن    "التعليم" تدشن مشروع المدارس المركزية    بقيمة 50 مليون ريال.. جمعية التطوع تطلق مبادرة لمعرض فني    معركة الفاشر تقترب وسط تحذيرات من تفاقم الكارثة الإنسانية.. الجيش يتقدم ميدانيا وحكومة حميدتي الموازية تواجه العزلة    الاتحاد الأوروبي يشدد قيود التأشيرات على نهج ترامب    القيادة تعزي ملك ماليزيا في وفاة رئيس الوزراء الأسبق    قيود أمريكية تفرض 5.5 مليارات دولار على NVIDIA    قوات الدعم السريع تعلن حكومة موازية وسط مخاوف دولية من التقسيم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



30 مليون عاطل عن العمل في بلاد ال17 ألف جزيرة . ميغاواتي تقود اندونيسيا الى التجديد
نشر في الحياة يوم 07 - 09 - 2001


ميغاواتي سوكارنو بوتري...
عود على بدء السلالة!
اندونيسيا احمد سوكارنو، مؤسس الدولة المستقلة عام 1945، المستعادة من هولندا منذ 1605... تاريخ من صفحات الاستعمار الأوروبي ومغامرات قراصنة البحار السبعة وأحلام الثروات والسلطة.
ميغاواتي: عودة الى الطفولة في قصور الرئاسة، وحنين الى صورة احمد سوكارنو الستينات، احد ابطال باندونغ مؤتمر دول عدم الانحياز وفرسان الأفرو - آسيوية: شوان لاي - نهرو - تيتو - عبدالناصر - نكروما... والخطابات النارية ضد الامبريالية، ونضالات التحرر واستقلال الدول النامية!
في مذكراته، كتب سوكارنو عن ابنته: "ولدت في 23 كانون الثاني من العام 1947 في مدينة يوغيا كارتا، في ساعة العاصفة. ميغاواتي تغني: بنت العواصف الهوجاء".
السيدة الهادئة، الساكتة، المتماسكة، المتقنة فن الانتظار... ثلاثون سنة، كابوس بشكل جنرال - رئيس أرّق لياليها.
لم تنس لحظة ذلك "الأيلول الدموي" من العام 1965 عساكر الجنرال سوهارتو - الولد المدلل لوالدها - يقصفون القصر الرئاسي ويقتادون "المعلم" وسط الرماد والنار والدموع والدماء... اغلب الظن ايضاً، لم تنس لحظة طردها الجنرال من رئاسة حزب النضال الديموقراطي، والاحتلال الدموي لمقرات الحزب، فجعل منها - على غير هوى - رمزاً للنضال.
واستمرت في فضيلة الصمت حتى انفجرت في العام 1998، بحملة عنيفة ضد الفساد ومساوئ عهد سوهارتو وعائلته.
كان المشهد السياسي لأندونيسيا مشوشاً ومشدوداً حتى انتخابات 1999، قالوا فيها، انها اول انتخابات برلمانية حرة منذ اربعين سنة. حزبها وحده انتزع ثلث الأصوات في انتصار ساحق على جماعة سوهارتو. اما المساكنة مع وحيد في نيابة الرئاسة فلم تكن قرص عسل. حتى صار وحيد وحيداً ومضى!
"أمكم من جديد بينكم" هكذا انهت خطاب القسم امام مجلسي النواب والجمعية الاستشارية للشعب...
"امرأة عادية جداً" قالت الصحافة الأنكلواميركية. بعض اركان النظام السابق اضاف: "ومن تكون لولا انها وريثة زعامة احمد سوكارنو".
هل ممكن حكم اندونيسيا؟
الناظر الى اطلس العالم: اندونيسيا، هذا الأرخبيل المؤلف من 000،17 جزيرة، بطول خمسة آلاف كلم على حدود المحيطين الهندي والهادئ، 212 مليون نسمة مع بضع مئات من اللغات واللهجات، وخليط هائل من 200 مجموعة عرقية ودينية، يتقدمها الإسلام فالمسيحية والهندوسية والبوذية... الى مبدأ حلولية الروح في عناصر الطبيعة!
تنافس وتساكن وتناغم! انصهار غريب عجيب لثقافات وحضارات وعادات وتقاليد، في الصين والهند وبلاد العرب وأوروبا... جميعها في ارخبيل الجزر الخضراء المنثورة "اكليل زمرد على خاصرة خط الاستواء" كما يقولون.
رحل سوكارنو، لحق به سوهارتو، وبعده حبيبي، ثم وحيد... إنها الرئيس الخامس لأندونيسيا.
اندونيسيا السياحية، المساحات الشاسعة 192 مليون كلم2 ارض البترول والغاز والذهب والفضة وحقول الرز الخضراء على امتداد انهر سومطرا وبالي، وغابات بورنيو الاستوائية النادرة، بلد الثلاثة آلاف نوع نادر من زهرة الأوركيدة الساحرة، اندونيسيا التناقضات الأسطورية... أرض بركانية كريمة بالمواسم الخرافية.
كان المشهد شاعرياً عائلياً عبثياً في الذكرى 56 للاستقلال وهي تقبّل العلم الذي حاكته والدتها في العام 1945 بعد 350 سنة من الاستعمار الهولندي والاحتلال الياباني في الحرب العالمية الثانية، وقفت يحيط بها نائبها حمزة هاز ورئيس مجلس النواب اكبر تاندغونغ على خلفية قبعات عسكرية... و"أحكم من جديد معكم".
المشهد الاقتصادي - الاجتماعي لأندونيسيا اليوم خريطة تناقضات ولا أغرب! 30 مليون عاطل عن العمل. مليون لاجئ آسيوي. الدّين العام بلغ الف مليار فرنك ترافق مع هبوط في القيمة الشرائية للروبية بلغ 80 في المئة بالنسبة الى الدولار، متأثراً بعوامل كثيرة بينها الأزمة الاقتصادية التي ضربت نمور آسيا، كل ذلك على خلفية فساد في المؤسسات المشلولة اصلاً من زمن بعيد، وتعثر خطة اصلاحات مالية وإدارية، اشترطها صندوق النقد الدولي لتقديم قرض بخمسة بلايين دولار... تضاف الى ذلك صراعات عرقية و دينية وانفجار سكاني هائل، اذ بلغت نسبة معدل الولادات 3،2 في المئة وهي من اكبر النسب في العالم.
على خلفية هذا المشهد، دشنت سيدة اندونيسا عهدها بتلميح اعطاء اقليمي اتشيه واريان جايا - الغنيين بالنفط - حكماً ذاتياً وبمنح تيمور الشرقية - المستعمرة البرتغالية سابقاً - حق تقرير المصير بعد صراعات كلفت مئات ألوف الضحايا في مواجهة العسكر.
هذا العسكر المتحفز أبداً، والذي تناولته في خطاب القسم: "نحتاج الى جيش اكثر انضباطاً وانصياعاً لسلطة الحكومة".
إشارة ميغاواتي السريعة، لم تكن مجانية. فهي لم تنس إدارة الرئيس الأميركي جونسون، في عز حرب الفيتنام، يوم حضّت جنرالات اندونيسيا على استلام السلطة وتصفية الحزب الشيوعي بدعم السفارة الأميركية بالمعدات ولوائح القياديين برسم التصفية.
وميغاواتي لا بد قرأت في 30 تموز يوليو الماضي "تسريبات" المطبعة الرسمية الأميركية، حول "فضيحة" مصلحة الأرشيف الفيديرالية في نشر وثائق حول دور العسكر والديبلوماسيين الأميركيين في إطاحة نظام احمد سوكارنو المتعاطف مع الحزب الشيوعي الأندونيسي... تقول الوثيقة بشكل برقية كان ارسلها السفير الأميركي في جاكرتا، مارشال غرين بتاريخ 15 نيسان ابريل 1966: "لا نعرف بالضبط ما اذا كان الرقم الحقيقي لعدد الشيوعيين القتلى هو اقرب الى مئة الف أو إلى مليون لكن الحكمة تقضي بأن نميل الى الرقم الأدنى، خصوصاً امام وسائل الإعلام! احد اركان السفارة ريتشارد كابوت هوولاند اقترح يومها اعتماد رقم مئة ألف قتيل تحاشياً للإساءة الى حليف اميركا الجديد الجنرال سوهارتو الذي اصبح رئيس اندونيسيا.
عسكر اندونيسيا لم يكن يوماً برىئاً حين تأتي لحظة تغيير الواجهة السياسية من سوكارنو الى سوهارتو الى حبيبي الى وحيد. سيدة العواصف تعرف جيداً ان تناغماً عميقاً حصل بين العم سام والمؤسسة العسكرية في جاكرتا سمح بوصولها الى سدة الرئاسة. ولا بد ايضاً ان ميغاواتي فهمت مغزى تصريح وزير خارجية اميركا كولن باول في كانبيرا استراليا الشقيقة الكبرى لأندونيسيا: "ان اميركا ترغب في استئناف علاقاتها مع القوات المسلحة الأندونيسية ولكن ليس على حساب ملف حقوق الإنسان".
بنت العواصف تدرك جيداً انها دوماً في قلب العاصفة، وهي تقود سيارة الفولكسفاكن الزرقاء في شوارع جاكرتا وتدرك ان صورة سوكارنو في قلوب الأندونيسيين تقدم أو تؤخر قليلاً... في رقصة تانغو السلالة!
* صحافي لبناني.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.