صناعة الزجاج قديمة وعريقة في سورية اشتهرت بها دمشق وحلب منذ القدم، ونالت شهرة واسعة نظراً لدقة العمل فيها وجمالها. وتطورت هذه الصناعة تطوراً ملحوظاً في الآونة الاخيرة بعد دخول التقنيات الحديثة والآلات. ولكن يبقى للزجاج اليدوي طعمه الخاص والطلب عليه اكثر، لدقته وروعة اشكاله. واللافت ان يقوم حرفي مبدع في تطوير هذه الصناعة مكتشفاً اشياء جديدة لاضافة الجمال والروعة على صناعة الزجاج العادي. والحرفي علي نسيب حقي، فنان متميز في صناعة الزجاج، نال "اختراعه" للزجاج الفينيقي استحساناً وجذباً من المستثمرين والتجار في العالم كافة. لكن حبه لوطنه ولعراقة صناعة الزجاج السورية فضّل ان يبقى في سورية بعد عودته من غربة طويلة عانى فيها الكثير من المشكلات نتيجة اختراعه لهذا الزجاج، وهو بحث طويلاً خلال رحلاته الى ايطالياوالمانيا واميركا لتطوير هذه الصناعة العريقة. "الحياة" زارت علي حقي في مشغله وكان هذا الحوار. كيف خطرت لك فكرة الزجاج الفينيقي؟ - منذ صغري وأنا اعشق الكيمياء، اعجبت كثيراً بعالمنا الكبير جابر بن حيان ابي الكيماويين، واطلعت على اعماله وتجاربه. بدأت البحث حول قضايا علمية تتعلق بنشوء المواد وحدوثها، كما تعلمت العلوم الكيماوية في القرآن الكريم على يد عالم دين في مكةالمكرمة، ومن خلاله بدأت البحث وممارسة هذه العلوم بالجهد المتواصل والدؤوب للوصول الى "الذهب". اثناء البحث والمطالعة اكتشفت مادة تقبل المزج مع الزجاج وتعطي الواناً عدة من قطعة زجاج واحدة، وهذا ما يخالف القاعدة الاساس في انحاء العالم، والتي تقول ان الزجاج الشفاف ينصهر في اكسيدات معينة للحصول على اللون الاحادي كالبني وهو من اكسيد الحديد، او الاحمر من اكسيد الذهب. لكننا لو حاولنا الحصول على الوان عدة نصنع الاكسيد في فرن بدرجة حرارة مقدارها 160 درجة مئوية لاتحدت هذه الاكسيدات وأعطتنا مجموعة ألوان، اضافة الى اللونين الاساسيين والنادرين عالمياً الذهبي والفضي. اضافة الى ان الاكسيد الذي اكتشفته يذوب بدقيقة واحدة ويخالف كل الاكسيدات التي تحتاج من 10 الى 18 ساعة لتتحد مع الزجاج وتعطي اللون الاحادي. والاكسيد الذي اكتشفته واستخدمته في صناعة الزجاج حدث كيماوي وصناعي فريد من نوعه. اطلق عليه في اميركا وايطاليا "فرائد زجاجية". وحاولوا الكثير معي للافادة منه وسرقته، لكنني احتفظت به على رغم كل الاغراءات التي قُدّمت اليّ وفضلت العودة الى بلدي، وأطلقت عليه اسم "الزجاج الفينيقي" عرفاناً مني واخلاصاً لحضارة سورية العريقة التي تعود الى اربعة آلاف سنة، وهي الحضارة الفينيقية التي قدمت الكثير للحضارة الانسانية جمعاء. وكما لاقى الاختراع استحساناً وجذباً من الجميع كذلك نال الاسم "الزجاج الفينيقي" الاستحسان والاعجاب. ما هي الخطوات التي تقوم بها في صناعة الزجاج الفينيقي؟ - اولاً اعالج الزجاج العادي باضافة مواد اصنعها بنفسي، ثم اقوم بتنقيته، وبعد ذلك اضعه في الفرن بدرجة 1260 درجة مئوية حتى ينصهر ويسهُل التعامل معه، ثم أضيف الاكسيد المعدني لأحصل على زجاج ملون ومنسق في شكل دقيق وجميل... كيف حصلت على براءة الاختراع؟ - بعد اطلاع المسؤولين في وزارة التموين والتجارة الداخلية السورية على اعمالي ومنتجاتي طلبوا مني تقديم اوراقي وبعضاً من منتجاتي لعرضها على الجهات المختصة في لجنة حماية الملكية. وبعد خمسة اشهر من الدراسة للجنة المؤلفة من اساتذة وخبراء من جامعة دمشق ووزارة التموين، حصلت على البراءة تحت رقم 4983، وبعنوان "الزجاج الفينيقي حدث تاريخي مهم في مسيرة الصناعة والحرف السورية". وكذلك حصلت على براءة اختراع من وزارة الاقتصاد اللبنانية وأيضاً من منظمة "وايبوا" السويسرية العالمية للابداع والاختراع وغيرها. سمعت انك شاركت في الكثير من المعارض الدولية، ما هي هذه المعارض؟ - شاركت في معارض عالمية اهمها: معرض فيرنا في ميلانو عام 1985، ومعرض اكسبو في بريطانيا عام 1991، ومعرض اكسبو في المانيا عام 2000، ومعرض الباسل للابداع والاختراع في دمشق عامي 1999 و2000، ومعرض دمشق الدولي لأعوام 1998 و1999 و2000. ما هي طموحاتك بالنسبة لهذه الصناعة؟ - اريد ان اجعل "الزجاج الفينيقي" منافساً الكريستال البوهيمي والذي يعد مصدر الدخل القومي لتشيخيا، وأدخل العملة الاجنبية الى بلدي، وان نرتقي بهذه الصناعة الى مستوى العالمية.