بدأت مسعودة قربان حياتها الفنية باهتمام متقدم وبالغ بالحياة الاجتماعية وبتسجيل الأماكن حيث صقلت موهبتها بالدراسة وتخصصت في مرحلة الدكتوراه بأشغال المعادن والتخصص الدقيق "فن المينا" وكانت بداياتها مع هذا الفن خلال مرحلة البكالوريوس وزاد تعلقها فيه بعد أن اكتشفت أنه فن قديم ولم يشتغل به كثير من الفنانين لصعوبته وعدم توفر الخامات مما جعلها مصرة للتمسك به لتعلن رحلة البحث والدراسة ولتبتكر تقنية جديدة في التصوير التشكيلي بالمينا من خلال التصوير بالضوء كيميائياً وفي مرحلة الدكتوراه حصلت على براءة اختراعه من مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية. كما شاركت الدكتورة مسعودة في أغلب المعارض المحلية والمعارض الخارجية. بداية تعرف الدكتورة مسعودة فن المينا بالقول: "المينا عبارة عن مادة زجاجيّة تتشكّل من فتات زجاج، مذوّبة مع الرصاص والبورق، وملوّنة عبر إضافة الأكاسيد المعدنيّة (أكسيد الزرنيخ للون الأزرق، والحديد والمنغنيز للون الأحمر الأرجواني والقصدير للون الأبيض). عبر الخبز في أفران متخصّصة على حرارة مرتفعة (600 إلى 800 درجة مئويّة)، يذوب الزجاج وينصهر مع قاعدته المعدنيّة ثمّ يجمد عند إعادة تبريده فيُعمد إلى تسويته وصقله. بفضل مزاياها المقاومة والثابتة، تتميّز المينا بشكل رائع ببريق المعادن الثمينة والأحجار الكريمة، حتّى أنّها استبدلتها في بعض الأحيان. في الواقع، لا يمكن استخدام الألوان في المينا إلاّ عبر وضعها بشكل متساوٍ، إذ أنّ المصدر المعدنيّ للصباغ يحول دون امتزاج الألوان. أمّا درجة البريق والشفافيّة أو الكثافة فهي عوامل ترتبط بحدّة الخبز في أفران خاصة ومدّة الخبز. قد تؤدّي عمليّات خبز متتالية لأغراض المينا الشفّافة من ألوان مختلفة إلى ظهور تدرّجات في الألوان، فهي مادة زجاجية لا لون لها يطلق عليها الفلكس وإذا أضيفت لها أكاسيد المعادن عند صهرها تكتسب الألوان. وحول فن المينا وتسلسله التاريخي وأبرز الحضارات التي أولته اهتماماً تقول الدكتورة مسعودة :"إن فن الطلاء بالمينا يعود إلى عام 1400 قبل الميلاد وكان مرتبطاً بالحلي والتحف المعدنية، واستخدمه قدماء المصريين في التطعيم بين شرائط دقيقة من المعدن ووضع الوان زجاج عليها". أما "المينا" عند الإغريق فقد عرفت المينا لديهم منذ القرن الرابع وأبدعوا فيها واستخدموها في الحلي والأواني. وشهد فنّ المينا في بيزنطة، لاسيّما في أواسط الحقبة البيزنطيّة "من القرن العاشر إلى الثاني عشر"، انتشاراً فريداً بفضل الإتقان الممتاز لتقنيّة "الحجز" التي تمنحه مركزاً متميّزاً في صفوف الفنون الرفيعة في القرون الوسطى. تمّ استخدام المينا في عالم صياغة المجوهرات لزخرفتها. يقدّر أنّ القطع المطلية بالميناء المحفوظة تشكّل نسبة 20 بالمائة من المنتجات البيزنطيّة. باستثناء بعض الحالات النادرة من الاكتشافات الأثريّة، القرن الثاني عشر إلى أنّ إعادة استخدام المينا قد تواجدت كذلك في الشرق أنّ دراسة المينا هي مهمّة معقّدة ودقيقة جدّاً، لاسيّما عندما تكون مفصولة عن إطارها الأوّلي وعرضة لتغييرات بسبب إعادة الاستخدام والترميم. هذا وترجع قربان أسباب عدم انتشار ورواج فن المينا بين المسلمين الى صناع المعادن لأن التكفيت بالذهب والفضة كان الى حد كبير منافس لصناعة المينا المطبقة على المعادن المختلفة ولعبت مصر في عصر الفاطميين دوراً أساسياً في ارتقاء الحضارة وكانوا يملكون كنوزاً كثيرة منها الحلي الثمينة ومنها المينا. وتضيف: "يرجع السبب كذلك لقلة المشتغلين فيها في الوطن العربي لقلة الخامات وهو فن يحتاج إلى وقت وممارسة وخبرة وتجارب كثيرة". هذا وكشفت الدكتورة مسعودة عن نيتها خلال الأيام المقبلة إقامة معرض خاص تجمع فيه "فن المينا" وسيشهد دمج الموروث الشعبي مع المعاصرة. من أعمال د. مسعودة قربان