بيروت - "الحياة" - عقب الانفجارات المأسوية التي حصلت في الولاياتالمتحدة الاميركية أخيراً تعرّض الكثر من الجاليات العربية في بعض العواصم العالمية لما يشبه "الظلم" أو "الاضطهاد" المضمر أو المعلن، تبعاً لرد الفعل السريع الذي خالج الاميركيين وبعض الأوروبيين حيال المأساة. وفات هؤلاء أن أسامة بن لادن وحركة طالبان لا يمثلان العالم العربي والاسلامي ولا الحضارة العربية التي كانت في طليعة الابداع الانساني. والموقف العدائي الجاهز هذا دفع مثلاً مديرة "معرض مونتروي لكتاب الشباب" في فرنسا الذي يستضيف هذا العام الأدب العربي ضيف شرف الى تأكيد استضافة البلدان العربية على رغم الشائعات السلبية. وقالت: "بعد ما حصل في الولاياتالمتحدة الاميركية، خيارنا سارٍ أبداً وبالحاح، ذلك أن من المهم ألا يبقى الناس على جهل بالأمر وعلى عدم معرفة به وعلى موقف مسبق منه، وهذه كلها تولد الهواجس الأسوأ". لعل العدد الخاص ب"الشعر العربي المعاصر" الذي أصدرته حديثاً في باريس مجلة "شعر 1" الفرنسية حلّ في وقته الملائم. فالمجلة هذه هي من أكثر المجلات الشعرية الرائجة والشعبية. ويحتاج قراؤها حقاً الى أن يتعرّفوا الى الوجه الحقيقي للعالم العربي، الوجه الشعري والأدبي والحضاري. الملف أعدّ وقدّمه الشاعر عبدالقادر الجنابي وساهم في ترجمة بعض قصائده اضافة الى مترجمين آخرين. ضمّ العدد قصائد ل42 شاعراً عربياً مع تمهيد للشاعر الفرنسي برنار مازو واستهلال شعري قصيدة للشاعر أنسي الحاج وتقديم للجنابي تحت عنوان "ثلوج الصحراء". ويشير مازو في تمهيده الى أن "مزية هذا الاختيار الشعري الذي يقترحه الجنابي هي أنه يجعلنا نكتشف اصواتاً شعرية عربية جديدة وقديرة". اختار الجنابي الاجيال الشعرية التي أعقبت مجلة "شعر" ساعياً الى تشكيل صورة للشعر العربي الراهن الذي يحتاج أن يقدم الى القراء الفرنسيين. ويقول الجنابي: "هذه المختارات مخصصة فقط للأجيال التي أعقبت "شعر"، وهي أجيال تبغي أن تعبّر عن مشاعرها حيال حقيقة تضطهدها". ويضيف: "القصائد المجموعة هنا تمثل القصيدة العربية الحديثة، خلال ثلاثين عاماً". ويشير الى أن "القصيدة العربية الحديثة، مع هذه الاجيال، باتت تدرك ان الصورة، لم تبق مجرد أداة استطرادية أو تزيينية، بل أصبحت القدرة الحية للّغة. الشعراء العرب المعاصرون، مغامرو الكلمة، قادوا الشعر الى قاع اللغة الشائعة. حيث هالة البلاغة "تنزلق في حمأة المكدم"، لكي تنتهك الرموز القديمة الراكدة في جوف النحو. أن يحرروا الشعر من أي قضية ايديولوجية وأن يجعلوا منه فعلاً لغوياً "ليست الحقيقة غايته" بل "غايته ذاته"، كما يقول بودلير، هي ذي المعركة الفائقة الحد التي يخوضها كل هؤلاء الشعراء. ... القصيدة العربية المعاصرة هي الترياق. ولعل هنا، من دون شك، تكمن فضيلتها الرئيسة، وكذلك قدرتها المدمرة الجديرة بتأسيس مثال جديد". ومن الشعراء الذين وردوا في الملف.: محمد فريد أبو سعدة مصر، فرج العربي ليبيا، فاضل العزاوي العراق، عقل العويط لبنان، محمد بنيس المغرب، عباس بيضون لبنان، شوقي بزيع لبنان، سرغون بولس العراق، بول شاوول لبنان، صالح دياب سورية، صفاء فتحي مصر، اسكندر حبش لبنان، كاظم جهاد العراق، أمل الجبوري العراق، ظبية خميس الامارات، عادل محمود سورية، حلمي سالم مصر، صموئيل شمعون العراق، سيف الرحبي عمان، أمجد ناصر الأردن، زكريا محمد فلسطين، ندى الحاج لبنان، بسام حجار لبنان، أحمد الشهاوي مصر وسواهم... واللافت ان المختارات أعادت الى الذاكرة الشاعر العراقي صلاح فائق الذي اختفى قبل عشر سنوات كما يشير التعريف به وكذلك اختيار قصائد للشاعر العراقي الراحل آدم حاتم الذي مات ميتة مأسوية. وضمّ عدد "شعر 1" مجلة شهرية يرأس تحريرها الشاعران الفرنسيان مارسيل جوليان وجان أوريزي قصائد أخرى ومقالات ومراجعات لبعض الكتب.