هرتسيليا اسرائيل - رويترز - دعك من قنابل الليزر الموجهة وطائرات الشبح وصواريخ "كروز"، فالخبراء يعتقدون بأن أقوى سلاح اميركي في الحرب على الارهاب يبقى ثاني أقدم مهنة في العالم، اي الجاسوسية. واستخدم هذا السلاح منذ القدم، وأولاه الرومان أهمية كبيرة، كما كان التجسس أحد سمات الحياة في أوروبا طوال قرون، وساعد على ترجيح كفة الميزان لمصلحة الحلفاء في الحرب العالمية الثانية. وتعطي صور حاملات الطائرات والمقاتلات النفاثة والكوماندوس واستعدادات حربية اخرى، في اطار التأهب لعملية عسكرية ضد افغانستان، انطباعاً خاطئاً بأنها كل ما تملك اميركا من أسلحة في حربها على الارهاب بعد الهجمات المدمرة على مركز التجارة العالمي في نيويورك ووزارة الدفاع في واشنطن في 11 ايلول سبتمبر الجاري. لكن معركة خفيفة تحتدم حالياً، تجري بواسطة أقمار اصطناعية واجهزة تنصت وحشد من الآليات التكنولوجية المتقدمة ومحللين وعملاء سريين متمرسين. وقال مئير أميت الرئيس السابق للاستخبارات الاسرائيلية "موساد" في مؤتمر لقدامى الجواسيس الاسرائيليين في ضاحية هرتسيليا الثلثاء الماضي: "سيكتسب دور الاستخبارات مزيداً من الاهمية، لأن الحرب على الارهاب حرب استخبارات". وقال افرايم هاليفي الرئيس الحالي ل"موساد" الذي قلما يظهر علناً في مؤتمر هرتسيليا "كيف حدث اننا لم نعرف شيئاً عن الهجمات، لم يكن هناك اي تحذير". وحث اجهزة الاستخبارات على البحث في أسباب هذا القصور وليس المسؤولين عنه فقط. ولاحظ ان وكالات الاستخبارات غرقت في طوفان من البيانات الالكترونية، وكان من الافضل لها ان تركز على زرع الجواسيس في الأرض بدل الاعتماد على الأقمار الاصطناعية في السماء. وقال كريس أرون رئيس تحرير نشرة "جينز انتيليجنت ريفيو": "الاستخبارات هي أول خط للدفاع أو الهجوم في حملة طويلة ضد الارهاب. وستستمر الاستخبارات في القيام بأكثر الأدوار أهمية في هذه الحرب أو الحملة. انها اكثر أهمية من عناصرها العسكرية، على رغم ان هذه العناصر مرئية وعناصر المخابرات خفية". ويخشى محللون استراتيجيون من احتمال قيام جماعات مثل تنظيم "القاعدة" الذي يقودها اسامة بن لادن والذي تعتبره الولاياتالمتحدة المشتبه به الأول في هجمات 11 ايلول بتخطيط هجوم بالأسلحة الكيماوية أو البيولوجية على مدن اميركية وأوروبية. وقال أرون انه بينما كانت اجهزة الاستخبارات تتعاون في الماضي على مستويات ثنائية يجب عليها الآن تركيز طاقاتها اكثر من أي وقت مضى. واضاف ان هذا يتطلب من وكالة الاستخبارات المركزية سي اي ايه الاميركية وام اي 5 البريطانية ومن دول اخرى التنسيق في ما بينها لوضع ملفات للمعلومات والتفاصيل والسير الذاتية للجماعات التي يعتقد بأنها قد تخطط أو تشترك في القيام بهجمات ارهابية. وطالب هذه الاجهزة ب"اكتشاف اتجاهات هذه الجماعات ودوافعها وبنيتها، وما إذا كانت لها صلة بمنظمات مماثلة أو دول ترعاها، وبعد ذلك تقوم اجهزة الاستخبارات باختراق المنظمات وجمع معلومات مهمة لتجنب حدوث اي عمليات. وهذا أصعب ما في الأمر".