يواصل الاتحاد الأوروبي وضع آليات مساهمته في الحملة الاميركية على الارهاب، ويطلق في الوقت ذاته اشارات تهدئة من خلال استنكار المسؤولين والمثقفين مفهوم "حرب الحضارات" أو "الحملة الصليبية" على "الجماعات الأصولية". وفي مؤشر يؤكد اقتناع البلدان الأوروبية بأخطار انعدام السلام في الشرق الأوسط، كانت قضية الشرق الأوسط الأزمة الوحيدة التي أدرجت في جدول أعمال القمة الأوروبية الاستثنائية ليل الجمعة - السبت في بروكسيل. ويؤكد الاتحاد وحلف الاطلسي استعدادهما لتأمين كل اشكال الدعم اللوجيستي، الذي قد تحتاجه الولاياتالمتحدة لشن الحملة على الاهداف التي ستحددها ادارة الرئيس جورج بوش. وتحدث مصدر ديبلوماسي رفيع المستوى عن "وجود تباين بين درجات اندفاع" كل من الدول الاعضاء في الاتحاد الى جانب الولاياتالمتحدة، مشيراً الى اجماعها على دعم خيارات "تنسيق آليات مكافحة الارهاب". وأضاف ان القمة حرصت على توجيه رسالة تؤكد "تضامن أوروبا مع الولاياتالمتحدة ورفض افتراض المواجهة بين الحضارات أو الخلاف بين الغرب والاسلام". وينتظر ان يقر وزراء المال في الدول ال15 مجموعة تدابير ملزمة للمصارف من أجل "تجفيف منابع" تمويل النشاطات الارهابية. وذكر مصدر رسمي ان المجلس الوزاري سيصدر قرارات تقتضي تعميم اجراءات مراقبة النشاطات المالية لعصابات الجريمة المنظمة ومكافحة تبييض الاموال، وتطبيقها على الجماعات المشتبه فيها، وتجميد ودافع الاشخاص والمنظمات التي يشتبه في تورطها بأعمال ارهابية. ويعقد اجتماع وزراء المال اليوم في مدينة لييج، جنوببلجيكا، غداة توصيات أصدرها رؤساء دول الاتحاد وحكوماتها من أجل تكثيف التعاون بين الاستخبارات الأوروبية، ووضع قنوات جديدة لتبادل المعلومات في شأن الشبكات المشتبه فيها، وذلك بين جهاز البوليس الأوروبي يوروبول واجهزة مكافحة الارهاب في الولاياتالمتحدة. وتهدف القمة والاجتماع الوزاري الى توجيه رسائل لطمأنة اسواق الأوراق المالية، التي اجتازت أخطر اسبوعين في ماضيها القريب، وسجلت خسائر في أوروبا والولاياتالمتحدة وآسيا بلغت معدلاتها العامة 20 في المئة. ويخشى المسؤولون اشتداد أزمة الركود الاقتصادي بعد تفجيرات نيويورك وواشنطن، فيما تفيد تقديرات أولية ان معدلات النمو في السوق الأوروبية ستكون دون 2 في المئة نهاية هذه السنة. وكان متوقعاً ان يناقش قادة دول الاتحاد ليل الجمعة - السبت الاجراءات التي اعتمدت خلال اجتماع وزراء الداخلية لتشديد الرقابة على الجماعات المشتبه فيها، والتدابير التي اتخذتها سلطات الطيران المدني لتعزيز أمن المطارات الأوروبية ووسائل دعم الولاياتالمتحدة. وشمل جدول اعمال القمة الاستثنائية أزمة الشرق الأوسط، واكد مفوض السياسة الخارجية خافيير سولانا ضرورة تعزيز التعاون السياسي والأمني مع البلدان العربية، على المستويين الثنائي والمتعدد الأطراف، في نطاق مسيرة برشلونة. وكان وزراء الداخلية وافقوا على اقتراح المفوضية وضع "مذكرة اعتقال أوروبية" موحدة، تمكّن كل بلد عضو في الاتحاد من تسليم أي متهم أو مطلوب لبلد آخر عضو ولو كان المتهم من رعاياه. وستناقش البلدان ال15 التفاصيل الفنية والتعديلات القانونية التي يفترض ادخالها على التشريعات المحلية، ويعاد بحث الموضوع بداية كانون الأول ديسمبر المقبل. واكدت البلدان ال15 التزامها تسريع وتيرة المصادقة على معاهدة الاممالمتحدة لقطع مصادر تمويل النشاطات الارهابية. وسيتم تنسيق الاجراءات الأمنية والمالية في اجتماع مشترك يعقده وزراء الداخلية والمال منتصف الشهر المقبل. وتقرر انشاء خلية، داخل جهاز البوليس الأوروبي يوروبول تكلف "جمع المعلومات في الوقت المناسب وتحليلها وتحديد الأخطار التي تهدد أمن دول الاتحاد واتخاذ التدابير الوقائية". كما سيجتمع رؤساء وحدات مكافحة الارهاب في غضون اسابيع قليلة "لتحسين صيغ التعاون بين الاجهزة الأمنية الأوروبية".