يواصل المتسولون في السعودية ابتكار الأساليب الجديدة بعد تزايد اعدادهم ودخولهم في منافسات تصل الى العنف احياناً لاكتساب الزبائن المحتملين. ويفيد المتسولون كثيراً من الكرم الزائد لدى النساء السعوديات المسنات المدفوعات بنوازع دينية ما جعل المتسولين يبتكرون وسائل لا تخلو من الاحتيال. بدأ التسول في السعودية بداية تقليدية تعمد الى مد اليد، وطلب المعاونة خصوصاً بجوار المساجد، لكن الأمر سرعان ما احتاج الى تطوير فدخل تسوّل اشارات المرور الذي يعتمد النقر على زجاج السيارات بإلحاح الى أن يتكرّم صاحب السيارة لمجرد الخلاص. وأسهم تزايد اعداد السائلين امام اشارات المرور في ظهور فئات اكثر خبرة وأصغر سناً مدعمة بإعاقات تقول عنها مكاتب مكافحة التسول في السعودية ان كثيراً منها غير صحيح وأنها مركبة للحصول على النقود. ويتزايد التنافس على اشارات المرور ليس بين المتسولين فقط كون الساحة ليست خالية لهم بل هناك بائعو المحارم الورقية والطيور والمناظير المكبرة وحتى السكاكين والأدوات المنزلية، يضاف إليهم بائعو العلكة "اللبان" وهم الأطفال الأفغان الذين لا تزيد اعمارهم في الغالب عن 15 عاماً مع ظهور لافت لبائعي المياه الصحية اثناء فترات الصيف الشديدة الحرارة. وأسهمت زيادة مداخيل المتسولين في السعودية في ظهور فئات جديدة لا تعتمد على المظهر الرث والثياب البالية، بل يفاجأ المرء بأشخاص يركبون سيارات حديثة نسبياً وبملابس نظيفة ويطلبون المعاونة ويحددون مبلغاً لا يقل عن مئة ريال "يقل قليلاً عن 30 دولاراً" لأنهم غرباء انقطع الطريق بهم مع تأكيداتهم انهم ليسوا متسولين وأنهم سيردون المبلغ فور وصولهم الى مدنهم الأصلية. المعمرون يضاف إليهم فئة من المعمِّرين وخصوصاً من الدول العربية المجاورة الذين يأتون للسعودية بتأشيرات عمرة لكن الهدف الأساسي هو التسوّل المربح في مكةالمكرمة والمدينة المنورة. بيد ان باب التسول لم يكن ليقتصر على صغار السن والعجائز بل دخله في الأعوام القليلة الماضية تسوّل سيارات الأجرة وهو المعتمد على سيارة مستأجرة ليوم كامل تركب فيها شابة تغطي كل شيء إلا عينيها وتبحث عن الشباب، والشباب فقط، لطلب المعاونة منهم كون والدها مريضاً في احد المستشفيات وهي تطلب مبلغاً بسيطاً لشراء العلاج. وتشترط متسولات سيارات الأجرة زيادة المبلغ اذا رافقه رقم هاتف الشاب لكن بعض الشباب الذين تعرضوا الى مواقف مشابهة يقولون أن احداً لا يتصل ويضيع المبلغ المدفوع. كما ان الأمر لم يتوقف على الشابات بل ان فئة من الشباب دخلوا ميدان التسوّل عبر الوقوف بجوار اجهزة الصراف الآلي المنتشرة في السعودية حيث يفاجأ الشخص من ينتظر صرف نقوده بشخص في كامل قيافته يطلب منه مئة ريال كون بطاقته تعطلت واستخراج بطاقة جديدة يحتاج الى وقت مع التشديد على طلب رقم المانح لأنه سيرد المبلغ في اقرب فرصة ممكنة. وعلى رغم ان مكاتب مكافحة التسول تعلن في الصحف المحلية عن القبض على متسولين غالبيتهم العظمى من الأجانب العاملين في السعودية من دون اوراق رسمية إلا ان هذه المكاتب عاجزة عن ايقاف سيل المتسولين لأن كثيراً يأتون بتأشيرات عمرة ثم يتحولون الى التسول المربح بخاصة في اثناء المواسم الدينية التي يكثر فيها المانحون والمتسولون على حد السواء. وتشير احصائية نشرت قريباً الى أنه قُبض خلال الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام الهجري على نحو 1200 متسول في جدة وحدها الأمر الذي يشير سنوياً الى اكثر من 20 ألف متسول على مستوى السعودية ناهيك عن الألف الذين لم يقبض عليهم او قبض عليهم وعادوا من جديد وبتأشيرة عمرة للعمل في التسول.