فيلم "عازف البيانو" الجديد للمخرج الاميركي، البولندي الاصل، رومان بولانسكي الذي انتهى تصويره اخيراً، هو ثالث انتاج دولي ضخم يخرج من استديوات بابلسبيرغ الالمانية. الفيلم الدولي الاول "تيكينغ سايدس" اخرجه اواخر العام الماضي المخرج اسطفان شابو الحائز على جائزة اوسكار، والفيلم الدولي الثاني اخرجه مطلع العام الماضي المخرج المعروف جان جاك آنّو عن معركة ستالينغراد، "العدو على الابواب - المبارزة" ومثلت فيه مجموعة من الممثلين الاوروبيين. وشمل الانتاج المشترك للفيلم الدولي الجديد الذي يتحدث عن حياة عازف البيانو البولندي اليهودي المشهور فلاديسلاف شبيلمان، اسهام "استوديو بابلسبيرغ" نفسه الى جانب بولانسكي ايضاً وشركات انتاج فرنسية وبريطانية وبولندية بموازنة بلغت 70 مليون مارك حوالى 32 مليون دولار. ومثل دور عازف البيانو النجم الاميركي الطالع آدريان برودي 27 سنة الذي لفت الانتباه اليه في فيلمي "خبز وورود" و"خط أحمر نحيل". بينما تقمص دور الضابط النازي الذي ساعد العازف على البقاء حياً الممثل الالماني توماس كريتشمان الذي اشتهر في فيلمي "ستالينغراد" و"او 571" للمخرج جوزف فيلسماير. ولعب في الفيلم ايضاً الممثلان البريطانيان فرانك فينلاي ومورين ليبمان. اما كاتب السيناريو فهو الاميركي رونالد هاروود. وتمكن بولانسكي من استقدام مصمم الازياء آلن سترسكي الحائز على اوسكار عن عمله في فيلم سبيلبيرغ "لائحة شيندلر". غيتو بالاعارة صور بولانسكي لمدة ستة اسابيع بين شباط فبراير ونهاية آذار مارس الماضيين في استديوات بابلسبيرغ حيث بُني جزء من غيتو وارسو اليهودي، كما استخدم ثكنة عسكرية قديمة للجيش السوفياتي غير بعيدة من بابلسبيرغ، كواليس لعدد من المشاهد. وانتقل مطلع نيسان ابريل الى وارسو وصور لستة اسابيع اخرى في الاماكن الاصلية التي شهدت الاحداث في صيف 1939، التي يتحدث عنها كتاب شبيلمان على شكل سيرة ذاتية تحت اسم "جمال النجاة من الموت". وتوفي العازف - الكاتب العام الماضي في بلده. اما فيلم "عازف البيانو" فسيعرض على شاشات السينما مطلع العام المقبل كما اعلن هنا. يقول بولانسكي البالغ اليوم السابعة والستين من العمر عن فيلمه: ان مادة الفيلم هي مثل العودة الى طفولتي". ويتحدث المخرج، الحائز على جائزة اوسكار، عن نفسه قائلاً: "ان عائلته انتقلت من باريس بعد ثلاث سنوات من ولادته فيها عام 1933 واستقرت في مدينة كراكاو في بولندا. وفي عام 1939 طلب النازيون الالمان الذين احتلوا البلاد من العائلة الانتقال الى غيتو المدينة. وتفرقت العائلة بعد ذلك، اذ ارسلت امه الى معسكر آوشفيتز النازي الشهير حيث قتلت فيه وأرسل والده الى معسكر ماوتهاوزن، لكنه تمكن من النجاة على ايدي الحلفاء عام 1945. اما رومان الصغير فتمكن من الهرب من غيتو كراكاو والاختباء عند فلاحين بلونديين قدموا له المساعدة والحماية. ومع ذلك يرفض بولانسكي تصوير فيلم عن عائلته وعن نفسه قائلاً: "لا استطيع ان اصور فيلماً عن تلك الاحداث لأنها قريبة جداً مني. وأنا لم اتحدث عن طفولتي مع والدي ابداً. ويضيف ان هذا الامر شيء مشترك بينه وبين بطل فيلمه شبيلمان الذي لم يتحدث بدوره ابداً مع ابنه عما عايشه في غيتو وارسو المطوق الذي جمع 40 ألف يهودي بولندي. ويتابع بولانسكي خلال تصويره في بولندا القول: "لا ازال احتفظ بذكريات حية وبصور عن تلك الفترة ولن افقدها على الاطلاق. لقد كانت الامكنة والمشاهد نفسها التي اصورها الآن": وأضاف انه اختار كتاب شبيلمان لأنه يرسم ذلك الوقت بأكثر ما يمكن من الواقعية ومن التمايز. وهو اراد اظهار البولنديين واليهود والالمان الجيدين والسيئين. والكتاب، على رغم كل الاهوال، كتاب تفاؤلي وغير عاطفي". ويتطرق بولانسكي الى الفيلم فيقول انه يعرض حياة عازف البيانو الذي كان يعمل في الاذاعة وزجه النازيون في غيتو وارسو عام 1940 بعد احتلالهم بولندا. وبعد الانتفاضة التي عرفت ب"انتفاضة وارسو" تمكن شبيلمان من البقاء في العاصمة مختفياً عن اعين النازيين وفي هرب دائم منهم. وقبل نهاية الحرب بفترة قصيرة يكتشف ضابط نازي مكانه، لكن المذكور لا يعمل على اعتقاله بسبب حبه للموسيقى فيمد يد المساعدة اليه ويزوده بالمواد الغذائية وينقذ حياته. "عازف البيانو" هو الفيلم الاول الذي يصوره بولانسكي في المانيا وفي بلده الاصلي بولندا منذ نحو اربعين سنة. وكان قد غادر بلده عام 1962 بعد ان انتقدت السلطات الشيوعية فيلمه الاول "سكاكين في الماء" الذي رشح لاحقاً في الولاياتالمتحدة للحصول على جائزة اوسكار. وانتقل بولانسكي بعد ذيوع شهرته للعمل في هوليوود وحقق عدداً من الافلام الجيدة اهمها "روزماريس بيبي" و"شاينا تاون".