باريس - "الحياة - في فيلمه الجديد "عازف البيانو" الذي ينجزه هذه الأيام، يعود المخرج البولندي الأصل، رومان بولانسكي، الى جذوره في شكل مزدوج: فهو من ناحية يعود الى وطنه الأصلي بولندا بعد عقود طويلة من الغياب 40 عاماً تقريباً، ومن ناحية ثانية يعود الى جذوره الدينية، فيصور فيلماً يروي حياة ومغامرات عازف البيانو اليهودي فلاديسلاف سبيلمان الذي كان النازيون أودعوا عائلته معسكرات الاعتقال، إثر "ثورة غيتو" وارسو. والمعروف ان سبيلمان، نفسه الذي اشتهر عالمياً كعازف فنان، نفد بجلده من ذلك المصير بفضل حماية ضابط ألماني له، كان من المعجبين بعزفه. سبيلمان الحقيقي كان كتب سيرته بعد الحرب، عام 1946، لكن الكتاب منع في بولندا والاتحاد السوفياتي، ومنع لاحقاً في إسرائيل إذ اعتبر متهاوناً مع الضابط النازي، اذ بالنسبة الى إسرائيل لم يكن منطقياً ان ينجو يهودي في الغيتو بفضل ضابط نازي! المهم، كان الكتاب حوّل فيلماً لاحقاً، في بولندا، ولكن بعدما حوّل عازف البيانو مظلياً روسياً. أما هنا فإن بولانسكي الذي ولد وترعرع في غيتو وارسو، عاد الى الكتاب الأصلي مازجاً به فصولاً من سيرته الذاتية ليحقق فيلماً يقول هو عنه الآن إنه يريد منه ان يكون "نشيداً من اجل الأخوّة بين البشر" على غرار ما كان عليه فيلم "الوهم الكبير" لجان رينوار في حينه. ومن هنا يقول بولانسكي الذي سيعرض فيلمه الخريف المقبل، ان الفيلم غني بالتفاؤل وبعيد من التعصب. بقي ان نذكر ان ادريان برودي يؤدي في الفيلم دور عازف البيانو، وأن كلفته كانت كبيرة لأن بولانسكي اعاد بناء غيتو وارسو بكامله قرب العاصمة البولندية.