تكنولوجيا الاتصالات والمعلوماتية وكيفية التحكم بها حديث الساعة وحديث الشارع التونسي، وقضية تعنى بها كل اسرة من كل الشرائح الاجتماعية وموضوع اهتمام الدولة وعلى أعلى المستويات توليه عناية فائقة بهدف التحكم بهذه التكنولوجيا وتأهيل العنصر البشري لكسب رهانات مجتمع الذكاء والمعرفة. ومنذ مطلع هذا العام تم رفع شعار "عام 2001 سنة الثقافة الرقمية من اجل اشعاع تونس" لذا يجد من يتجول في تونس العاصمة كثرة النوادي المخصصة لهذا الغرض والتي يطلق عليها اسم "المكاتب العمومية للانترنت" ومنها على الاقل مكتب واحد في كل حي وأعدادها آخذة بالازدياد في شكل ملحوظ. وأخيراً رفع شعار: "كومبيوتر لكل عائلة" فطرحت في الاسواق التونسية اجهزة كومبيوتر بسعر مناسب مع دخل العائلة التونسية فاصبح بامكان الاسرة شراء جهاز كومبيوتر على اقساط متعددة وبحدود قدرتها الشرائية. هذا اضافة الى الجمعيات والمؤسسات الخاصة المعنية بالموضوع والعديد من المعارض والندوات التي تنعقد بين فترة واخرى لبحث تداعيات الثوره التكنولوجية العميقة والمتسارعة كما يشهدها العالم، وانعكاساتها على ميدان التشغيل والتنمية الشاملة والتي كان آخرها الندوه الدولية التي احتضنتها تونس حول موضوع "التجديد التكنولوجي في خدمة التنمية الشاملة" التأمت ليومين وبمشاركة العديد من الخبراء والمحاضرين الدوليين والتونسيين. وفي هذه المناسبة التقينا السيدة روضة بن بشير صاحبة مؤسسة مختصة في ميدان الاتصالات والمعلوماتية وسألناها: كيف نقدمك الى القراء؟ ولماذا اخترت هذا الرهان الصعب؟ - أنا حاصلة على بكالوريوس في اللغات المزدوجة العربية/ الروسية، الانكليزية/ الالمانية، اضافة الى اتقاني اللغة الفرنسية. وقبل ذلك حصلت على دبلوم في اللغتين الروسية والاسبانية وأنا في سن الخامسة عشرة، ومثلت تونس في الاتحاد السوفياتي سابقاً كأصغر تلميذة متفوقة في اللغة الروسية عام 1978. درست أيضاً أدارة الاعمال في ما يخص المؤسسات الصغرى والمتوسطة، وتدرجت في المناصب الادارية حتى اصبحت خبيرة في الشؤون القانونية في الاقسام الادارية والمالية للمؤسسات في تونس. وبالنسبة الى مشروعي، راهنت على انجاحه وتطويره ليصبح خطوة الى الامام في مسيرة تونس التي راهنت على تحقيق مجتمع الذكاء والمعرفة بتأهيل العنصر البشري، رصيدها وثروتها الحقيقية بخاصة ان العالم يعيش ثورة تكنولوجية متسارعة وعلينا اللحاق بها. وكيف كانت البداية؟ - بعدما قضيت سنوات من العمل في المؤسسات الحكومية وصلت في السلم الوظيفي الى درجة مدير عام مساعد عام 1999 قررت ان أبدأ مشروعي الخاص منطلقة من رؤية جديدة للمؤسسة العصرية ساعية الى الاضافة والتجديد. فأنشات شركة مختصة في ميدان "التكوين"، وكما هو معلوم فانه ميدان يلقى عناية كبيرة في تونس الآن. ما هو المقصود بالتكوين في الحالة هذه؟ - التكوين نظام يرتبط بعلاقة تكامل مع النظام التربوي ويعتمد برامج تكوينية توضع بمشاركة مختصين من مختلف الاختصاصات منطلقين من حاجة المؤسسات وسوق العمل الى الاختصاصات العصرية. وكي تكون العملية متكاملة علينا استخدام الاساليب والوسائل العصرية، ومن هنا أنشأت شركة اخرى مختصة في ميدان الاتصالات والمعلوماتية واصبحت المؤسسة مجمعاً للتكوين والاتصالات. وكيف فكرت في الجمع بين هذين المجالين؟ - العالم وكما يعلم الجميع اصبح قرية صغيرة أو قرية كونية كما يصفه بعضهم. ونحن جزء من هذا العالم، ولكي نفهم "الآخر" ونتعامل معه علينا أن نكون بمستواه. ونحن نعيش مع غيرنا زمن ثورة تكنولوجيا الاتصالات - شئنا أم أبينا - لذا يجب أن نستغل ما يحصل من تطور ونفيد منه لنعوّض ما فاتنا ونصبح في مستوى الدول المتقدمة، أو نقترب منها على الاقل، والا سنكون خارج التاريخ. لذا كان لزاماً أن نؤهل مواردنا البشرية للتعامل مع كل ما هو حديث وعصري، عن طريق ما يسمى بالتكوين. كما انني مهتمة شخصياً بموضوع التكوين ولي رؤيتي الخاصة له واشعر ان لي القدرة على الاضافة فيه وبطريقة عصرية، فبحكم عملي سابقاً اصبحت مدركة تماماً لما تتطلبه المؤسسة من اضافات كي تواكب العصر والمتغيرات الجديدة. أما الاتصالات فهي عملية مكملة لموضوع التكوين وأساس لبناء المؤسسة العصرية، أنا أحلم وأسعى لوجود ما يسمى بمؤسسة خالية من الاوراق يتم فيها التعامل بين العاملين عبر شبكة اتصالات باستخدام البرمجيات وتطبيقات المعلوماتية. هل أنت المرأة الوحيدة العاملة في هذا الميدان في تونس؟ - كلا، لكنني أستطيع القول ان ما يقوم به "المجمع" الذي أنشأته شيء مميز ومختلف. وقد تجاوزت الآخرين في هذا الميدان من حيث التقنيات المتبعة واستخدام الطرق السمعية البصرية على أعلى مستوى، اضافة الى اتباعي لمنهج تربوي حديث متّبع الآن في أميركا، وأثبت نجاحه في تطوير المهارات المعرفية والسلوكية في آن واحد وخلال فترة قصيرة، وقد تم تقييمه بعد تطبيقه في اعادة تكوين مجموعة من العاملين في قطاع السياحة فكانت النتائج مبهرة. وماذا عن المشاريع المستقبلية التي تنوي مؤسستك انجازها؟ - هناك عدد من المشاريع بعضها في طور الانجاز والآخر قيد الدراسة، والحديث عنها سيطول، لكنني استطيع القول انها مشاريع ستكون لفائدة الجميع. انجزنا حتى الآن مجموعة من الاقراص المغناطيسية C.D. ذات خصوصية عربية تونسية منافسين فيها الانتاج المستورد وفي ميادين عدة منها لفائدة الاطفال دون سن المدرسة، أي لمرحلة رياض الاطفال، وكذلك مجموعة اخرى للبرامج المدرسية وبالتوازي مع المناهج الدراسية للمدرسة التونسية ولمختلف المراحل. هذا في مجال التعليم والتربية. وفي مجال الصحة انجزنا قرصاً مغناطيسياً آخر يحوي مداخلات وبحوث جميع المشاركين في الملتقى الوطني للاضطرابات العضلية الذي نظمه معهد الصحة والسلامة المهنية بالاشتراك مع المنظمة العالمية للصحة، وهذا سيفيد المختصين والمهتمين في الميدان الصحي. وكان هذا الC.D. موضع اعجاب وتقدير من المشاركين في الملتقى وعلى رأسهم السيد وزير الصحة. وهل هناك عمل في الجانب الثقافي؟ - في الثقافة والفن نسعى لتوثيق انجازات بعض الفنانين التشكيليين وكذلك ما يمكن توثيقه من التراث التونسي كأفضل وسيلة للحفظ وبطريقة مميزة تشد الحواس بالكلمة والصوت والصورة. واخيراً وفي مناسبة احتضان تونس لألعاب البحر الابيض المتوسط 2001 سنقوم باعداد قرص خاص للمناسبة. لنتحدث عن الجوانب الاخرى من حياتك كامرأة وربة بيت؟ - أنا امرأة مسكونة بكل ما هو جديد ومتطور، أفكر وأنظر دائماً الى ما سيأتي به الزمن المقبل. لكنني عاشقة للتراث ولكل ما هو أصيل وأنا عضو في جمعية حماية التراث. والأسرة؟ والبيت؟ كيف تنظرين اليهما ما بين المعاصرة والاصالة؟ - انا لست تقليدية لكنني ربة بيت من الطراز الاول، وأنا أم لبنت وولد تفرغت لرعايتهما خلال سني عمريهما الاولى. أحاول أن أكون امرأة عملية تعيش نسق الحياة المتسارع لكنها تجعل من ساعات الصباح الاولى وقتاً للاسترخاء والتأمل إذ أبدأ يومي فجراً بالعزف على آلة العود وأنا أحب العود وتعلمت العزف عليه في سن مبكرة. وكيف هو الرجل في حياتك؟ - الرجل كان دائماً سنداً وعوناً لي ومساهماً في نجاحي. فأبي كان رجلاً متنوراً امتهن التجارة بمعناها البسيط، شجعني على دراسة اللغات وأنا في سن صغيرة وكان يقول لنا ان تعلم لغة الآخر مفتاح لمعرفته والاطلاع على ثقافته.