اعلنت منظمة "العفو" الدولية انها ستجرب للمرة الاولى اسلوباً جديداً في عملها من اجل تعزيز حقوق الانسان وملاحقة كل مجرمي الحرب، من مخططين الى منفذين لأي عملية قتل او تعذيب بحق معتقلين، وذلك عبر تزويد الحكومات التي تتبع المبادىء الانسانية نفسها معلومات تملكها عن اشخاص ارتكبوا اعمالاً تتنافى والانسانية من اجل احالتهم على المحاكمة. وستجرب المنظمة استراتيجيتها الجديدة على السفير الاسرائيلي الجديد لدى الدنمارك كارمي غيلون الذي مارس اعمال تعذيب تتنافى والانسانية بحق مئات المعتقلين الفلسطينيين اثناء ترؤسه جهاز الاستخبارات الاسرائيلي شاباك بين عامي 1995 و1996. وكان تعيين غيلون سفيراً للدولة العبرية في كوبنهاغن اثار نقاشاً حاداً على الصعيدين السياسي والشعبي في الدنمارك. فبعدما اعلن وزير العدل الدنماركي فرانك جنسن ان بلاده ستعتقل غيلون فور قدومه الى الدنمارك منتصف الشهر الجاري لاحالته على المحاكمة، عاد الوزير بعد 24 ساعة وسحب تصريحه، قائلاً ان "الدنمارك لا يمكنها اعتقال غيلون لأنه يتمتع بحصانة ديبلوماسية". ودفع الموقف الدنماركي المتردد منظمة "العفو" الى اتباع سياسة عمل لم تستخدمها سابقا تتمثل بجمع كل المعلومات عن اي متهم بتهم مماثلة ووضع تلك المعلومات في خدمة القضاء لملاحقته قانونياً. والجديد في سياسة المنظمة انها ستلاحق قانونياً افراداً متهمين بارتكاب جرائم ضد الانسانية، ولن تكتفي كما كانت تفعل باصدار تقارير عن حقوق الانسان ووضع السجناء والمعتقلين في العالم. كما ان اجراءاتها ستشمل كل من خطط او سهل او ارتكب عملية تعذيب او قتل في حق سجناء وناشطين سياسيين. ووجهت المنظمة انتقاداً حاداً الى الحكومة الدنماركية التي تراجعت عن قرار اعتقال غيلون. وقالت الناطقة باسم مكتب المنظمة في لندن آني فيتزجيرالد ان "معظم حكومات العالم وقعت على معاهدة جنيف ضد التعذيب وتعهدت ملاحقة مرتكبي جرائم ضد الانسانية. وتلك الحكومات مجبرة بحسب المعاهدة على ملاحقة مرتكبي الجرائم واحالتهم على العدالة. ونرى ان الوقت حان للضغط على الحكومات لتتحمل مسؤولياتها المتعلقة بتطبيق معاهدة جنيف، وسيكون غيلون المثل الاول الذي نجرب عليه اسلوبنا هذا". الخطة الجديدة ويتلقى وزير العدل الدنماركي اليوم رسالة من منظمة "العفو" تشرح من خلالها السياسة الجديدة التي ستتبعها وستطرح كمطلب اساسي في مؤتمرها السنوي الذي يعقد في السنغال نهاية الشهر الجاري. وتتضمن الرسالة معلومات عن آلية عمل المنظمة والتنسيق بينها وبين حكومة الدنمارك لملاحقة غيلون قضائياً بعد قدومه الى كوبنهاغن، كما ترفق مع الرسالة وثائق جمعتها المنظمة تربط غيلون بكثير من عمليات التعذيب التي مارستها الاستخبارات الاسرائيلية في حق معتقلين فلسطينيين. وتظهر الوثائق الاساليب الاجرامية التي ابتكرها غيلون في تعذيب المعتقلين منها طريقة هز رأس المعتقل بعنف لاجباره على الاعتراف. وتؤكد الوثائق ان معتقلاً فلسطينياً في الثلاثين من عمره قتل نتيجة ممارسة اسلوب غيلون التعذيبي المتعدد الاوجه. ويقول التقرير ان غيلون كان العقل المبتكر لاساليب تعذيب لا تظهر على جسد المعتقل وتمارس تلك الاساليب في جلسات التحقيق التي تديرها اجهزة الاستخبارات الاسرائيلية. وشرح الامين العام لمنظمة "العفو" - فرع الدنمارك لارش نورمان ان "الحكومة الدنماركية اعلنت انها لن تتمكن من اعتقال غيلون لأنه يتمتع بحصانة ديبلوماسية، لكن هذا لا يمنع الحكومة من فتح تحقيق في شأن الجرائم التي ارتكبها غيلون". وأضاف انه "من خلال هذا التحقيق يمكن للحكومة ان تثبت ما ارتكبه غيلون من جرائم ضد الانسانية لاعتقاله فور اسقاط الحصانة عنه". وقالت المنظمة انه عندما يتسلم غيلون مهامه الديبلوماسية ستصدر مذكرة دولية لملاحقته وتحمل فيها الحكومة الدنماركية مسؤولية اعتقاله بحسب اتفاقات جنيف لحماية حقوق الانسان وملاحقة مرتكبي اعمال تعذيب بحق الانسانية.