كشفت الحكومة السورية ان سلطات الاحتلال الاسرائيلي تدفن "مخلفات سامة ونفايات مشعة" في أراضي مرتفعات الجولان السورية المحتلة، وقامت بتوطين عناصر من "جيش لبنانالجنوبي" المنحل في الهضبة. وأشارت الى ان اسرائيل تنتهج سياسات تعليمية وتاريخية وعلمية تستهدف "تكريس الطائفية" لدى أهالي الجولان. جاء ذلك في تقرير رسمي سلمته وزارة الخارجية السورية أول من امس، الى "لجنة تقصي الحقائق في ممارسات اسرائيل في الجولان" برئاسة ممثل سيري لانكا السفير دي سارام، علماً بأن اللجنة تشكلت في كانون الأول ديسمبر العام 1968 بعد سنة على احتلال اسرائىل للأراضي العربية في حرب الأيام الستة، وتسلمت من دمشق 33 تقريراً فيما رفضت اسرائيل التعامل مع اللجنة ومنعت أعضاءها من زيارة الأراضي المحتلة. وتضمن التقرير الذي حصلت "الحياة" على نسخة منه معلومات تنشر للمرة الأولى وتتبناها الحكومة السورية. إذ أفاد ان سلطات الاحتلال "قضمت" في ايار مايو العام الماضي نحو عشرة كيلومترات مربعة من قرية الغجر الجولانية بحجة ترسيم الحدود مع لبنان، اذ "وضع الاسرائيليون القرية داخل سور من السواتر الترابية والاسلاك الشائكة مبقين لها منفذاً ضيقاً من الجهة الجنوبية. كما حفروا خندقاً يحيط بالقرية من الجهة الشمالية الشرقية مع تركيز اعمدة حديد بعد اقتلاع البوابة الحديد التي كانت تربطها بقرية الوزاني اللبنانية المجاورة، ومنعوا سكان القرية من التحدث مع المواطنين اللبنانيين، وأقاموا بوابة حديداً شمال القرية لمنع السكان من التوجه شمالاً نحو الحدود اللبنانية". وأورد التقرير الذي يقع في اكثر من 40 صفحة مثالاً على "محاولات انتهاك السيادة الوطنية" للجولان بأن سلطات الاحتلال "جلبت العديد من المرتزقة ممن عرفوا باسم جيش لبنانالجنوبي برئاسة انطوان لحد بعدما انهزموا مع الاحتلال الاسرائيلي من جنوبلبنان امام ضربات المقاومة اللبنانية البطلة، ومحاولة اسكانهم في الجولان، الأمر الذي رفضه أهل الجولان رفضاً باتاً واصدروا بياناً أعلنوا فيه ان هؤلاء العملاء يدنسون أرضنا العربية السورية ونحن نرفض وجودهم في الجولان". "الهجمة الاستيطانية" ولاحظت الحكومة السورية ازدياد "الهجمة الاستيطانية" بعد فشل مفاوضات السلام السورية - الاسرائيلية في بداية العام الماضي. اذ ان رئيس الوزراء ارييل شارون نوه أخيراً ب"العمليات الاستيطانية كأهم الانجازات والنجاحات في تاريخ الصهيونية"، وقال ان "توسيع المستوطنات واستقدام مستوطنين جدد وحده الكفيل بترسيخ احتلال الجولان وتحويله الى واقع لا يمكن التراجع عنه". ويبلغ عدد المستوطنين في الجولان نحو 17 ألفاً موزعين على 43 مستوطنة مقابل نحو 20 ألف سوري يسكن نصفهم تقريباً في قرية مجدل شمس، علماً بأن سورية تتهم المحتلين بتدمير 244 مركزاً عمرانياً بعد احتلال الجولان. ويبلغ استهلاك المياه حالياً في الهضبة نحو 50 مليون متر مكعب سنوياً منها نحو ثمانية ملايين للسوريين مقابل 42 مليوناً للاسرائيليين أي بمعدل 2470 متراً مكعباً للشخص، ما يعني اكثر من ستة اضعاف استهلاك الفرد السوري. وتحت عنوان "سياسة التجهيل المنظم والتشويه الحضاري والتاريخي" تحدث التقرير عن الوضع التعليمي منذ الغاء المناهج العربية السورية من مدارس الجولان مباشرة بعد الاحتلال، اذ تركز المناهج الحالية "على النصوص التي تتناول التناحر القبلي والعصبية والنصوص التي تحوي مشاهد دموية اضافة الى شعر الغزل الفاضح، مع إهمال للشعراء والأدباء الكبار"، اضافة الى تغيير اسماء المدن الى اللغة العبرية بحيث تسمى بحيرة "طبريا" "كنيرت" و"تل ابوالندى" "هار اربيطال". واشار التقرير الى "سرد انتقائي خبيث ومزور لأحداث التاريخ العربي قديمه وحديثه كتصوير العرب على انهم البدو فقط مقابل اهمال الحضارة العربية في بلاد الرافدين ومصر والشام قبل الاسلام". وأورد التقرير مثالاً "ما ورد في كتاب الصف السادس الابتدائي عن الخليفة عبدالملك بن مروان بأنه بنى المسجد الأقصى وقبة الصخرة سنة 691 ميلادي أثناء قتاله مع ابن الزبير وذلك ليلهي الناس عن الحج الى مكة، وذلك من أجل الإيحاء بأن بناءها كان لأسباب تناحرية وان هذين المكانين ليسا مقدسين عند المسلمين". الى ذلك، اتهم التقرير السلطات المحتلة ب"مواصلة انتهاك القوانين والمعايير الدولية كافة"، إذ لا تزال منشآت اسرائيل النووية "تمثل رعباً نووياً حقيقياً في المنطقة، فهي لا تخضع لأي رقابة أو اشراف دولي وبالنتيجة، فإن مخلفات تلك المنشآت تشكل خطراً كبيراً على البىئة والسكان". واشارت الى قيام شركة "طنبور" الاسرائيلية للدهانات في تشرين الثاني نوفمبر الماضي ب"وضع مواد مشعة سامة في مستودعات في قرية مجدل شمس تحت اسم دهانات، وذلك بكمية 1500 برميل، وهي مواد حاولت سلطات الاحتلال ادخالها الى جنوبالأردن، الا انه رفض ذلك". والى قيام السلطات الاسرائيلية ب"دفن نفايات كيماوية سامة في أراضي مجدل شمس واراضي شبعا اللبنانية بعد فشلها في تصدير هذه النفايات الى الأردن واكتشاف امرها لدى السلطات الأردنية، واعادة هذه النفايات الى اسرائيل. كما تقوم ببيع هذه النفايات المشعة الى السكان العرب على أنها مواد دهانات". واكد التقرير ان المصانع الاسرائيلية لا تزال تتخلص من نفاياتها السامة في مواقع عدة من الجولان والضفة الغربيةالمحتلة. وهناك ما لا يقل عن 50 موقعاً ترمى فيه النفايات السامة في الضفة الغربية. وبعد احتلال الجولان قامت مؤسسات مهتمة بالتنقيب عن الآثار بعمليات بحثية في الهضبة "سعياً الى العثور على قرائن ملموسة تقيم الدليل على ان الجولان جزء من بلاد باشان ومعكا وجيشور المذكورة في اسفار العهد القديم، بغية تكريس الاحتلال وتبرير ضم الجولان قبل عشرين سنة". لكن التقرير يؤكد ان "الدولة الصهيونية لم تعثر على أي دليل استناداً الى النتائج التي نشرتها الدوائر الأثرية في الكيان الصهيوني".