على رغم التباين في بعض المواقف بين رئيس الحكومة الاسرائيلية ارييل شارون ووزير خارجيته شمعون بيريز، خصوصاً في شأن استئناف المفاوضات مع السلطة الفلسطينية ورئيسها ياسر عرفات، يبدو واضحاً للمتتبع للأوضاع السياسية داخل اسرائيل ان قطبي الحكومة معنيان، خدمة لمصالحهما، بالحفاظ على حكومة "الوحدة الوطنية" بأي ثمن إدراكاً منهما ان البديل الوارد في الحسبان سيؤدي الى اسدال الستار على حياتهما السياسية. وبعدما بات واضحاً أيضاً ان الاستنكار الأميركي اللفظي لتصعيد العدوان الاسرائيلي العسكري على الفلسطينيين ليس سوى ضريبة كلامية، يرى المسؤولون الأميركيون واجب دفعها، ويتفهمهم في ذلك شارون وأركان حكومته، فإن الأخير ومن خلال مجاهرته بمواصلة سياسة الاغتيالات والتهديد بعدوان شامل رداً على عملية انتحارية ينفذها فلسطيني، انما يحاول مجاراة سلفه بنيامين نتانياهو في التطرف آخذاً في حساباته ان تصعيداً كهذا من شأنه أن يضع حداً لشعبية نتانياهو المتعاظمة في أوساط "ليكود" خصوصاً وفي أوساط اليمين عموماً. ويختلف شارون ونتانياهو في مسألة تحديد موعد لانعقاد المؤتمر العام للحزب لاختيار زعيمه وممثليه في الكنيست المقبلة. وإذ يرى نتانياهو ان الموعد الملائم لذلك أواخر السنة المقبلة، أي قبل عام من الانتخابات المقبلة، يسعى شارون الى الانتهاء من عملية الانتخاب أواخر السنة الجارية ظناً منه ان المؤتمر بتركيبته الحالية سيعيد انتخابه زعيماً للحزب، وان الانتظار للسنة المقبلة قد يتيح أمام نتانياهو فرصة استمالة غالبية اعضاء الحزب لمصلحته. وكان شارون أعلن أول من أمس ارجاء اجتماع مقرر للجنة المركزية للحزب أواخر الشهر الجاري كان مفروضاً أن يقر موعد انعقاد المؤتمر. ورأى مراقبون ان شارون قرر ارجاء الاجتماع خشية ان يتخذ المجتمعون قرارات تصب في مصلحة نتانياهو وتكون بالتالي محفزاً له للعمل على تقصير عمر الحكومة. من جهته يعي بيريز ان فرط التوليفة الحكومية الحالية سيقود حتماً الى انتخابات برلمانية مبكرة تتوقع استطلاعات الرأي كافة ان تقود الى فوز كاسح ل"ليكود" واليمين بزعامة نتانياهو وهزيمة ل"العمل"، مما يعني تشكيل حكومة يمينية لن يكون لبيريز أي مكان فيها. ويسعى بيريز بدوره الى ارجاء الانتخابات الداخلية لزعامة "العمل" المقررة في الرابع من أيلول سبتمبر المقبل لادراكه ان انتخاب زعيم جديد للحزب، يتوقع ان يكون رئيس الكنيست ابراهام بورغ، سيطيح به من موقع الصدارة الذي احتله منذ اعتزال ايهود باراك الحلبة السياسية. ويدعم بيريز في مسعاه هذا وزير الدفاع بنيامين بن اليعيزر المنافس لبورغ على زعامة الحزب، كما يؤيده عدد من أركان "العمل" أمثال شلومو بن عامي وحاييم رامون، الذين يتحينون الفرصة الملائمة للمنافسة على زعامة الحزب.