} يبدو رئيس الحكومة الاسرائيلي المنتخب ارييل شارون في عجلة من أمره لتسلم دفة الحكم من رئيس الوزراء ايهود باراك خلال اسبوعين على الأكثر. وقد بدأ التنافس العلني على زعامة حزب العمل في اعقاب هزيمة زعيمه باراك على يد شارون بفارق 25.1 في المئة من الاصوات، ما اضطره الى الاستقالة من زعامة الحزب واعتزال الحياة السياسية لفترة ما. لم ينتظر شارون اعلان النتائج النهائية للانتخابات مساء اليوم بعد فرز أصوات الجنود والمرضى والسجناء واعضاء السلك الديبلوماسي لبدء المفاوضات مع مختلف الاحزاب لتشكيل ائتلاف حكومي جديد، فأعلن امس تشكيل طاقم خاص يقوم بهذه المهمة يضم رئيس بلدية القدس ايهود اولمرت والمدير العتيد لديوانه أوري شيني والوزير السابق في حكومة نتانياهو، يعقوب نئمان. وكان شارون توجه في خطاب التتويج الى حزب العمل للانضمام الى حكومة وحدة، لكن اعلان باراك اعتزاله الحياة السياسية والصراع على خلافته في زعامة الحزب لن يقودا، في المدى المنظور، الى حكومة كهذه مما يحتم على شارون التوجه الى تشكيل حكومة يمينية ضيقة بمشاركة غلاة المتطرفين في الكنيست. لكن ثمة مشاكل جدية تواجه شارون في هذا الفريق ويتوقع ان تقوم الاحزاب الشريكة بابتزازه، سياسياً واجتماعياً ومالياً. وتشكل كتل اليمين مجتمعة 58 نائباً ومن المتوقع ان ينضم اليهم النائبان الشقيقان ديفيد ومكسيم ليفي ونائبا حزب المركز دان مريدور وروني ميلو وربما اسحق موردخاي اذا ما برأت المحكمة ساحته من تهم التحرش الجنسي بمجندات عملن تحت امرته، ويعتبر النواب الخمسة المذكورون معتدلين قياساً بنواب اليمين ومن هنا ليس مستبعداً ان تطفو على السطح أزمات ائتلافية جديدة لا حل لها الا مع حل الكنيست، وهذا آخر ما يرجوه شارون. ويتوجب على الحكومة الجديدة اقرار موازنة الدولة للعام الحالي حتى موعد اقصاه آخر آذار مارس المقبل لتصادق عليها الكنيست وتتحاشى انتخابات عامة. وداخل "العمل" بدأ التنافس العلني على زعامة الحزب فور الاعلان المفاجئ لباراك، الذي كعادته لم يطلع أحداً من أقطاب الحزب على قراره اعتزال الحياة السياسية لفترة ما. ويطرح اسم الوزير شمعون بيريز ليتزعم موقتاً الحزب الى حين اجراءات انتخابات تمهيدية، لكن رئيس الكنيست ابراهام بورغ أعلن انه يفضل ان يتسلم بيريز منصب رئيس فخري للحزب مضيفاً انه سينافس على خلافة باراك وسط توقعات انه الأوفر حظاً من منافسين محتملين آخرين أمثال شلومو بن عامي وبنيامين بن اليعيزر وحاييم رامون. ورسمياً لم يعلن العمل رفضه الانضمام الى حكومة وحدة، بل أعلن أمينه العام رعنان كوهين تشكيل لجنة خاصة للتفاوض مع نظيرتها من ليكود، لكن احتمالات تشكيل هذه الحكومة تبدو غير واقعية ازاء التباين في المواقف السياسية للحزبين. وفي خطابه، قال شارون ان اسرائيل ستخطو بقيادته نحو طريق جديدة طريق السلام والوحدة والسعي للأمن والسلام الحقيقين. واضاف ان حكومة برئاسته ستعمل على استعادة الأمن الشخصي لمواطني اسرائيل وتحقيق السلام الحقيقي والاستقرار في المنطقة "مع علمي اليقين ان السلام يوجب تنازلات مؤلمة من الطرفين وان تستند كل تسوية سلمية الى أمن شعوب المنطقة". ودعا شارون "جيراننا الفلسطينيين" الى نبذ طريق العنف والعودة الى طريق المفاوضات وحل الخلافات بالسبل السلمية، مضيفاً ان حكومته ستسعى الى التوصل الى اتفاقات سلام واقعية تضمن المصالح الحيوية والتاريخية لاسرائيل وترتكز على الاحترام المتبادل وتنفيذ متبادل للالتزامات. وزاد شارون ان حكومته ستفتح صفحة جديدة في العلاقات مع مواطني اسرائيل العرب بهدف توفير شراكة حقيقية وشعور بالمساواة بين مواطني الدولة كافة. وقرر شارون انتداب مقربه مجلي وهبة لزيارة عدد من الدول العربية قد تبدأ اليوم علماً ان وهبة قام في الأسابيع الماضية بزيارات مكوكية لمصر والأردن وعدد من دول الخليج والمغرب العربي. وقال مجلي ل"الحياة" انه يحمل الى قادة الدول التي سيقوم بزيارتها رسالة من شارون تؤكد عزمه على مواصلة العملية السلمية وتقريب وجهات النظر وتعزيز علاقات الجوار اضافة الى تبدد المخاوف من انتخابه. ودعا وهبة الى الكف عن النظر الى شارون عبر عام 1982 "لأن فتح ملفات باراك وعرفات وغيرهما، من الماضي البعيد لن يفيد بشيء"، مضيفاً ان شارون التقى مباشرة قادة السلطة الفلسطينية اكثر من أي زعيم اسرائيلي آخر. من جهته قال رئيس الحكومة المهزوم انه يتحمل شخصياً مسؤولية العملية السلمية لحكومته ويثق "بضرورتها من الناحية التاريخية". واضاف انه اذا أمكن بلورة برنامج عمل مشترك لدفع العملية السلمية بين حزبه وليكود فإنه لا يعارض تشكيل حكومة كهذه. وزاد باراك، قبل ان يفاجئ أنصاره بقراره الاعتزال: "ان خسارتي لا تزعزع ثقتي بصحة طريقنا. انها الطريق الوحيدة التي تقود في نهاية الأمر دولة اسرائيل الى السلام والأمن، ولكن يبدو ان الجمهور الاسرائيلي غير ناضج بعد لقبول هذه الحقيقة المؤلمة". وقال المراقبون السياسيون ان باراك لم يخطط مسبقاً للاعتزال، لكن الهزيمة النكراء بفارق هائل قادته الى قراره، علماً ان الفارق أضحى، حتى عصر امس 25 في المئة 62.5 في المئة لشارون مقابل 37.5 لباراك وهو فارق لم يسجل من قبل في تاريخ الانتخابات في اسرائيل تماماً مثلما لم يسجل اقبال ضعيف على الانتخابات كالاقبال أول من امس 60 في المئة. واتهم بيريز اليسار الاسرائيلي بأنه السبب وراء صعود شارون الى الحكم بإفشاله ترشيحه أي بيريز لمنافسة شارون، وقال: "ان هذا اليسار الاحمق منح بكلتا يديه الحكم لموسوليني".