الولايات المتحدة توزع التهم يميناً ويساراً، وتعمى عن همجية اسرائيل في قتل الأطفال، واغتيال آبائهم، أي الاعدام من دون محاكمة، واختيار مجرم حرب لقيادتها في طريق الموت والدمار. أزعم ان الولاياتالمتحدة أول دولة خارجة على القانون، أو مارقة، في العالم، وانها "تاجر موت" بامتياز، لذلك يجد جورج بوش سهلاً عليه التحالف مع آرييل شارون، واتهام الفلسطينيين بالارهاب. اليوم اتهم الولاياتالمتحدة ثم أرجو أن أقدم الأدلة الثبوتية. بالنسبة الى الخروج على القانون، بلغ زعماء الجمهوريين في الكونغرس ادارة بوش انهم سيجمدون دفعة من المتأخرات الأميركية للأمم المتحدة اذا لم تصدر الادارة تشريعاً يمنع انضمام الولاياتالمتحدة الى محكمة دولية مقترحة مسؤولة عن جرائم الحرب. وكان الكونغرس وادارة كلينتون وافقا السنة الماضية على دفع نحو بليون دولار من المتأخرات الى الأممالمتحدة، بعد عملية نصب واحتيال خفضت بموجبها الولاياتالمتحدة حصتها من نفقات عمليات السلام الدولية. وتم تحويل دفعة أولى، وكان يفترض تحويل 582 مليون دولار، هي الدفعة الثانية والأكبر، الا أن الكونغرس ربطها برفض المحكمة الدولية. وربط زعماء الكونغرس بين اقرار الدفع ومشروع قانون حماية العسكريين الأميركيين الذي يريد استثناء الأميركيين من محكمة جرائم الحرب الدولية التي يجرى تأسيسها في لاهاي. واذا كان ابتزاز الأممالمتحدة، واعتبار العسكريين الأميركيين فوق القانون لا يكفيان، فهناك وقاحة اضافية تستحق التسجيل هي أن التشريع الاميركي المقترح ضد المحكمة الدولية يتضمن التهديد بقطع المساعدة العسكرية الأميركية عن أي دولة تبرم قانون المحكمة الدولية، وما سبق ليس الصورة كلها، فالولاياتالمتحدة رعت مفاوضات روما سنة 1998 لتشكيل محكمة جرائم حرب دولية. ومع ان هذه المحكمة ليست جزءاً من الأممالمتحدة، فقد أرسلت الولاياتالمتحدة رسالة الى المنظمة العالمية تقول انها لا تعتزم ابرام معاهدة المحكمة، التي كان الرئيس كلينتون وقعها في آخر يوم له في الحكم. هذا بالنسبة الى الخروج على القانون الدولي وأعتقد انني قدمت أدلة من نوع تقبل به محكمة محايدة. اما بالنسبة الى تجارة الموت فعندي الآتي: نشرت خدمة أبحاث الكونغرس تقريراً عن بيع السلاح حول العالم بين 1993 و2000، يظهر ان تجارة السلاح زادت ثمانية في المئة السنة الماضية، للسنة الثالثة على التوالي، وبلغت حوالى 9،36 بليون دولار، للولايات المتحدة وحدها منها 6،18 بليون دولار، أي نصف المبيعات تقريباً، و68 في المئة من هذه المبيعات يذهب الى البلدان النامية، ومعظمها جائع فقير. وحلت روسيا ثانية، ولها 7،7 بليون دولار، وثم فرنسا ولها 1،4 بليون دولار، وألمانيا ولها 1،1 بليون دولار، وبريطانيا ولها 600 مليون دولار، والصين ولها 400 مليون دولار، وايطاليا ولها 100 مليون دولار. والأرقام السابقة تتحدث عن نفسها، وتظهر من هو "تاجر الموت" الأول في العالم، فأزيد أرقاماً أخرى من مجلس اميركي للحد من السلاح، خلاصتها ان مبيعات السلاح في الشرق الأوسط بلغت 5،82 بليون دولار بين العامين 1992 و1999، وان الولاياتالمتحدة قدمت وحدها 41 بليون دولار من الأسلحة، أي النصف. وتطور الولاياتالمتحدة الآن طائرة باسم "المقاتلة الضاربة المشتركة"، تأمل في أن تشتريها دول المنطقة خلال عشر سنوات للحلول محل طائراتها الحالية. وقد أبدت اسرائيل وتركيا اهتماماً بالمشاركة في الانتاج ما سيجعل دول المنطقة الأخرى تسرع الى الحصول على حصتها. وبما ان معلوماتي كلها من مصادر اميركية خالصة لا تنكرها الادارة الاميركية، فإنني أرجو أن تكون أضحت الدليل على ان الولاياتالمتحدة "تاجر الموت" الأول في العالم، ما يفسر رفضها محكمة جرائم الحرب الدولية. توقفت من الأرقام المتوافرة، عند معلومة تقول ان الولاياتالمتحدة باعت أسلحة في الشرق الأوسط بمبلغ 9،12 بليون دولار سنة 1999، ولكن حصتها ارتفعت الى 6،18 بليون دولار السنة الماضية لأن الامارات العربية المتحدة عقدت صفقة بمبلغ 4،6 بليون دولار لشراء 80 طائرة من طراز "إف - 16". أريد أن أسأل الشيخ حمدان بن زايد، وزير الدولة للشؤون الخارجية، لماذا تشتري الامارات طائرات حربية بهذا المبلغ الهائل؟ وأنا أسأله هو لا غيره، لأن لا علاقة له بالصفقة، ولأنه صديق أثق بعقله وحكمته. الامارات العربية المتحدة محاطة بدول أكثر من شقيقة، فهي بمثابة "فلقة توأم" لها، ولا تحتاج معها الى سلاح، أو حدود. أما عبر الخليج فهناك ايران، ويفترض أن تكون جارة مسلمة وفي عداد الأصدقاء. ولكن هي في جميع الأحوال دولة اقليمية كبرى، لا أتصور أن أحداً في الامارات يريد أن يجاريها في أسباب القوة لاستحالة ذلك. كنت أتمنى لو أن حكومة الامارات وزعت هذا المبلغ الهائل، ان كان فائضاً في موازنتها، على المواطنين، ولا أطلب ان تساعد به فلسطين أو السودان أو الصومال أو بنغلاديش. وكنت أتمنى لو أن كل دولة عربية تمتنع عن التعامل مع بلد خارج على القانون الدولي، صناعته المفضلة تجارة الموت، وهو مع هذا كله يسلح اسرائيل ويمولها ويحميها بالفيتو، ثم يخيفنا بها لنشتري السلاح منه، بمال هناك ألف وسيلة أفضل لإنفاقه.