تصاعدت امس الخسائر البشرية في صفوف الاسرائيليين واعلنت حالة استنفار امني في كل انحاء اسرائيل تحسباً لتسلل انتحاريين فلسطينيين، وازدادت شراسة الاعتداءات الاسرائيلية على الفلسطينيين وتمثلت بقصف وتدمير مقار للشرطة وقوى الامن الفلسطينية. وفي غضون ذلك ازدادت الانتقادات العربية والفلسطينية لسياسة الادارة الاميركية خصوصاً لتصريحات الرئيس جورج بوش الاخيرة التي اعتبرت منحازة الى جانب الحكومة الاسرائيلية اليمينية المتطرفة برئاسة ارييل شارون. وجاء اشد الانتقادات للمواقف الاميركية من الرئيس المصري حسني مبارك والمفوضة الاعلامية لجامعة الدول العربية الدكتورة حنان عشراوي التي قالت ان الرئيس الاميركي تحول "ناطقاً اعلامياً باسم شارون". وقصفت دبابات قوات الاحتلال مساء امس حاجزاً للشرطة الفلسطينية في مدينة البيرة بقذائفها ودمر الحاجز فأصيب اربعة فلسطييين بجروح بشظايا القذائف، واغارت مروحيات ليلاً على مقار للشرطة في طولكرم. وقبل ساعات من ذلك قتل اسرائيلي داخل الخط الاخضر على طريق وادي عارة بالقرب من مفترق طرق يؤدي الى قرية زيتا، وذلك غداة الهجوم الجريء الذي نفذه عضوان في الجناح العسكري للجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين السبت وادى الى مقتل ثلاثة جنود وجرح سبعة آخرين في موقع لجيش الاحتلال في قطاع غزة، وبعد مقتل ثلاثة مستوطنين يهود برصاص فلسطيني قرب قرية بيت عور الخاضعة لسيطرة امنية اسرائيلية كاملة. وتمثلت الاعتداءات الاسرائيلية بشن المقاتلات الحربية الاسرائيلية من طراز "اف - 16" و"اف - 15" غارات جوية استهدفت المقر الرئيس العام للشرطة الفلسطينية في مدينة غزة فسوته بالارض، كما دمرت مواقع للاستخبارات والشرطة في بلدة دير البلح حيث اصيب ثمانية فلسطينيين، فيما توغلت الدبابات الاسرائيلية في منطقة رفح جنوب قطاع غزة وهاجمت مواقع للامن الوطني ودمرتها كما دمرت حاجزين ل"القوة 17"، وفقد الفلسطينيون شهيداً هو علي ابو بكرة واصيب 11 فلسطينياً بشظايا القنابل ورصاص الرشاشات الثقيلة. كذلك دمرت الغارات الجوية على سلفيت قرب نابلس في الضفة مقرا للشرطة. وتواصلت الانتقادات العربية للانحياز الاميركي لاسرائيل، خصوصاً تصريحات بوش التي قال فيها الجمعة الماضي انه "اذا كان الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات مهتما باجراء مفاوضات فأنا اشدد عليه كثيراً بأن يقوم بأي عمل ليوقف العمليات الانتحارية للارهابيين الفلسطينيين". ووجه الرئيس المصري حسني مبارك جملة من الانتقادات الى الرئيس بوش، من دون أن يسميه، والى الحكومة الإسرائيلية والاستخبارات التابعة لها وبسبب مواقفهم من عملية السلام في المنطقة. وقال مبارك، في حوار مفتوح له أمس مع طلاب الجامعات المصرية في الاسكندرية، انه ارسل الوفد المصري الرفيع المستوى إلى واشنطن ل"تصحيح الأفكار التي أُمليت على الجانب الاميركي من اسرائيل"، ملمحاً إلى أن الزيارة لم تحقق المرجو منها حتى الآن وأبدى أسفه للتصريحات "التي تخرج من الولاياتالمتحدة وتكتفي بمطالبة اسرائيل بضبط النفس وتضع على عاتق عرفات ضبط ومحاكمة من يقومون بأعمال عنف". ولم يدل بهذه التصريحات سوى بوش شخصياً. راجع ص2 و3 و3 واتهم مبارك الولاياتالمتحدة ب"الانحياز الكامل لإسرائيل"، وقال إنه "انحياز مفضوح". وجدد مطالبته الادارة الاميركية ب"موقف واضح من عملية السلام يحقق صدقيتها ويستعيد وضعها في العالم العربي"، لأن "نفض يديها من عملية السلام أو تركها لإسرائيل ستكون عواقبه وخيمة". وكشف مبارك أن الوفد المصري إلى واشنطن حذّر الادارة من "آثار سلبية على المصالح الاميركية من استمرار العنف" وجدد تأكيداته بأن فشل كامب ديفيد الثانية لا يقع على عاتق عرفات، وانتقد "حكومة شارون" التي "جاءت الى الحكم بشعار تحقيق الأمن لإسرائيل من خلال قمع الشعب الفلسطيني فلم تحقق الأمن وأصبح "الشعب الاسرائيلي يعيش في ذعر دائم". واعتبر إن سياسة شارون "توّلد مزيداً من العنف والأعمال الانتحارية التي تخرج عن سيطرة السلطة الفلسطينية". وقال مبارك "إن شارون لا يعرف سياسة ولا يعرف سوى العنف والحرب وهذا لن يحقق الأمن الذي وعد به الشعب الإسرائيلي وأن عليه أن يتخذ خطوة فورية لفك الحصار حتى تبدأ المفاوضات". واستغرب مبارك تصريحات منسوبة الى مسؤول الاستخبارات الاسرائيلية في باريس زعم فيها أن الاستخبارات المصرية أقامت جسرين برياً وبحرياً بأوامر شخصية من الرئيس المصري لتهريب اسلحة من مصر الى السلطة الفلسطينية، وخاطب مبارك هذا المسؤول بقوله: "ابحث عن خيبتك قبل أن تعلقها على شماعة الآخرين". وامس قالت المفوضة الاعلامية لجامعة الدول العربية في مؤتمر صحافي في مدينة البيرة في الضفة الغربية تعقيبا على تصريحات بوش الجمعة الماضي: "للمرة الاولى في التاريخ نرى رئيس دولة عظمى يكرر بشكل تلقائي الخطاب الاسرائيلي ويصبح وكأنه ناطق اعلامي باسم شارون". وقالت ان تصريحات بوش تمثل "تواطؤاً مع اسرائيل"، وتابعت: "اريد ان اسأل الرئيس الاميركي اذا كانت الامور التي تحصل هنا تحصل في الولاياتالمتحدة ولو كانت مزرعته في تكساس هي التي تقصف وارضه هي التي تصادر ومكتبه هو الذي يهدم وزملاؤه هم الذين يغتالون، فهل سيأخذ الموقف نفسه في الدفاع عن الدولة المعتدية ولوم الضحية؟".