واصلت اسرائيل القصف على المناطق الفلسطينية، بعد قصف مكثف طاول مدينة الخليل واستمر 12 ساعة، ومواجهات في نابلس في ذكرى "يوم الأرض" أوقعت ستة شهداء وعشرات الجرحى. وبينما شيعت نابلس شهداءها بحشد شعبي تجاوز 40 ألف شخص، وخرجت تظاهرات في غزة تطالب الاممالمتحدة بالحماية الدولية، انتقل الرئيس المصري حسني مبارك من فرنسا الى الولاياتالمتحدة، وشدد على ضرورة وقف العنف الاسرائيلي حتى يمكن العودة الى المفاوضات، مستنداً الى ورقة عمل أردنية - مصرية، كانت بالأصل ورقة فلسطينية قدمتها السلطة الى الادارة الاميركية التي تجاهلت الرد عليها. في غضون ذلك واصل وزير الدفاع الاسرائيلي بنيامين بن اليعيزر تهديداته بتوسيع القصف، وأشاع كل ذلك أجواء وصفت بحال حرب، وسط "تعبئة" فلسطينية وتدريبات تحسباً لاقتحام الجيش الاسرائيلي مناطق السلطة. راجع ص 3 و4 وأعرب الموفد الخاص للاتحاد الأوروبي ميغيل انخيل موراتينوس امس في دمشق عن قلق الاتحاد من سياسة رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون. وقال رداً على سؤال عن السياسة التي يتبعها شارون "نحن نشعر بقلق كبير. أمس، كنت مع الرئيس ياسر عرفات، وهذا الوضع لا يمكن ان يستمر. الفلسطينيون يموتون". وكان موراتينوس يتحدث قبل لقائه وزير الخارجية السوري فاروق الشرع، وقال انه يريد ان يناقش "الوضع الحرج لعملية السلام ووسائل اعطاء السلام بعض الفرص". مواجهات وأصيب عشرون فلسطينياً بجروح في قطاع غزة، بينهم طفلتان، وذلك في اطلاق نار اسرائيلي عند معبر رفح وعند مستوطنة نتساريم. واسفر قصف مدينة الخليل الذي استمر حتى فجر امس، عن تهديم عدد من البيوت وجرح حوالى 27 شخصاً، كما طاول القصف العشوائي القطاع. وقال مسؤول أمني فلسطيني لوكالة "فرانس برس" ان قوات الأمن الفلسطيني أجرت أمس في قطاع غزة تدريبات تحسباً لأي اقتحام اسرائيلي. وكانت القيادة الفلسطينية أصدرت في وقت متقدم ليل أول من أمس بياناً عن قصف الخليل والقتل في نابلس جاء فيه "ان حكومة شارون اقترفت جريمة وحشية استكمالاً لجريمة القصف الجوي لمواقع قوات الأمن الوطني بعد ساعات على انتهاء القمة العربية". واعتبر البيان ان استخدام الولاياتالمتحدة حق النقض الفيتو في مجلس الأمن ضد قرار تأمين حماية دولية للفلسطينيين، "شكل تشجيعاً واضحاً لحكومة شارون لمواصلة خطته العسكرية". وردت واشنطن على الاتهامات الموجهة اليها، فقال ريتشارد باوتشر الناطق باسم وزارة الخارجية: "لا يوجد تنسيق بين الولاياتالمتحدة واسرائيل في ما يتعلق بعملياتها العسكرية ضد الفلسطينيين. أوضحنا دعوتنا اسرائيل الى ضبط النفس في ردها العسكري، والى اعادة الأمور الى طبيعتها وتجنب الأعمال الاستفزازية". اليعيزر يواصل التهديد ووسط هذه الأجواء المشحونة، واصل وزير الدفاع الاسرائيلي اليعيزر اطلاق تهديداته بتصعيد العنف ضد الفلسطينيين، وقال للتلفزيون الاسرائيلي: "بدأنا الرد. كانت هناك سياسة ضبط نفس اسرائيلية وهي انتهت في رأيي". وزاد: "أحاول ان أجعل الطرف الآخر يفهم ان الأمر يستحق العودة بأسرع ما يمكن الى المفاوضات، وأنه لن يحقق شيئاً من خلال العنف الذي سأحاربه". مبارك في واشنطن الى ذلك وصل إلى واشنطن الرئيس مبارك، وسيبدأ غداً زيارته الرسمية الأولى للولايات المتحدة في عهد الرئيس جورج بوش، وسط تصريحات أميركية تنتقد مصر لأنها لا تضغط على الرئيس ياسر عرفات، ولأنها سحبت سفيرها من تل أبيب. وتطاول هذه الانتقادات أيضاً الإعلام المصري الذي "يحرض ضد إسرائيل". وساهمت مصر بفعالية في بيان القمة العربية الذي انتقد إسرائيل بشدة، وتضمن دعوة الى تجديد المقاطعة الاقتصادية لإسرائيل، كما أن الموقف المصري كان ليناً تجاه العراق في مناقشات القمة. وتأتي زيارة مبارك واشنطن في الوقت الذي تطور الموقف الأميركي تجاه عرفات الذي تنتقده ادارة بوش ل"عدم سعيه إلى وقف العنف، بل التحريض عليه" والدعوة إلى استمرار الانتفاضة. وأصبح واضحاً ان الإدارة لن توجه دعوة إلى الرئيس الفلسطيني لزيارة واشنطن حتى يعلن ادانته "العنف" ويدعو إلى وقفه، وهذا يجعل الرئيس المصري صلة الوصل بين عرفات والبيت الأبيض. الورقة المصرية - الأردنية ورفض وزير الخارجية المصري عمرو موسى، الذي سبق مبارك إلى واشنطن للتمهيد لزيارته، الانتقادات الأميركية، وقال: "لا يمكن توجيه اللوم إلى الفلسطينيين" بصدد تصاعد العنف. وستكون المواجهات الدموية موضوعاً أساسياً في محادثات مبارك - بوش التي ستركز أيضاً على ورقة مصرية - أردنية، قالت مصادر مطلعة ل"الحياة" في باريس، ان مبارك ناقشها في باريس مع الرئيس جاك شيراك. ووضعت هذه الورقة بالتشاور مع الفلسطينيين في قمة عمان، وتتضمن سلسلة اجراءات لوقف العنف ومعاودة المفاوضات. وتنص الورقة على تنفيذ اتفاق شرم الشيخ الذي يقضي بانسحاب القوات الإسرائيلية إلى مواقعها التي كانت فيها قبل 28/9/2000 واثناء الحصار، وسبق أن ارسلت هذه الورقة إلى الإدارة الأميركية. وقال وزير التخطيط الفلسطيني الدكتور نبيل شعث ل"الحياة" في جنيف إن واشنطن لم تكلف نفسها حتى الرد عليها، لكن مصادر عربية أخرى توقعت أن يعيد مبارك مناقشتها مع الرئيس بوش. وقال مصدر ديبلوماسي عربي إن الرئيس الفرنسي شجع نظيره المصري على اقناع بوش بالورقة لأنها تساعد على وقف دوامة العنف واستئناف المفاوضات بين الفلسطينيين واسرائيل.