غزة - اف ب - بات تأمين النفقات والاقساط في موسم العودة الى المدارس بالنسبة الى العديد من الفلسطينيين بمثابة كابوس حقيقي. فبعد 11 شهرا من الحصار الاسرائيلي غرقت الاراضي الخاضعة للسلطة الفلسطينية في ازمة اقتصادية حادة ستترك اثارا دائمة. وتفيد توقعات البنك الدولي ان نصف المواطنين الفلسطينيين سيعيش في نهاية عام 2001 دون عتبة الفقر بدخل اقل من 400 دولار لعائلة من ستة افراد مقابل 21 في المئة من السكان قبل بدء الانتفاضة في 28 ايلول سبتمبر الماضي. وانهار نشاط الشركات وحرمت من موادها الاولية ومن اسواقها الخارجية التي كانت اسرائيل تمثل 90 في المئة منها. والى جانب العمال ال125 الفا الذين حرموا من العمل في اسرائيل، انضم الاف الاشخاص الى صفوف العاطلين عن العمل الذين باتوا يمثلون ما بين 40 و50 في المئة من السكان وفق التقديرات. واوضح الخبير الاقتصادي في البنك الدولي سيباستيان دوسو: "ثمة املاك وموجودات دمرت. فقد المستثمرون ثقتهم. الاسواق الخارجية لم تعد موجودة. قد يكون الاقتصاد الفلسطيني في مأزق طويل الامد". ورأى ان الازمة التي تعاني منها اسرائيل ايضا لا يمكن الا ان تؤدي الى تفاقم الوضع الاقتصادي الفلسطيني. وفي حين اقدمت اسرائيل على قطع بعض المواد كالبنزين والاسمنت عن الاراضي الفلسطينية بداية الانتفاضة، يمكن مبدئيا للبضائع في الوقت الحاضر ان تدخل الى قطاع غزة وتخرج منه في وقت احكم الاسرائيليون السيطرة على جميع منافذ المنطقة. "نعم، لكن بأي ثمن؟" يتساءل علي حسن الحايك رئيس نقابة مقاولي البناء في غزة. فالاجراءات الامنية المفروضة على مرافئ وصول البضائع وعلى دخولها الاراضي الفلسطينية تضاعف كلفة هذه البضائع. واوضح هذا المستورد الذي تراجعت مبيعاته بمعدل 60 في المئة واضطر الى التخلي عن 40 من موظفيه المئة ان "سعر البحص ارتفع من 25 الى 65 شيكل من 6 الى 16 دولارا للطن. وحين يدخل غزة لا استطيع تصريفه". ابتسام موسى ام لتسعة اولاد ينتابها القلق لدى التفكير في العودة الى المدارس. تقول وقد استرجعت حساباتها مئة مرة ومرة: "لن اشتري ثيابا. فقط الحقائب والبدلات المدرسية. ولن يذهب الصغار الى الحضانة". عائلة موسى غارقة في الديون وتوقفت عن دفع فاتورة الكهرباء. "المجدرة" باتت الطبق اليومي على مائدة الغداء التي غابت عنها الفاكهة واللحوم. احيانا يتلقون من الاممالمتحدة كيسا من الطحين او بعض الزيت، "لكن ما ينقصنا هو المال" تكرر ابتسام. زوجها خالد عامل سابق في اسرائيل امنت له السلطة الفلسطينية وظيفة كحارس مدرسة لثلاثة اشهر يتم تمويلها باقتطاع مبالغ من رواتب الموظفين. غير ان هذا البرنامج لا يسعف سوى الافا من العاطلين عن العمل. فالصناديق فارغة والسلطة الفلسطينية مستمرة بفضل مساعدة شهرية بقيمة خمسين مليون دولار تقدمها الدول العربية والاتحاد الاوروبي بعد ان توقفت اسرائيل عن اعادة تسديد الرسوم الجمركية وضرائب القيمة المضافة على البضائع المستوردة الى الاراضي الفلسطينية، وهي كانت تمثل اكثر من نصف الموازنة الفلسطينية 600 مليون دولار من اصل بليون دولار في السنة. وأذنت اسرائيل هذا الاسبوع بمشاركة خمسة آلاف فلسطيني في قطاف الزيتون وبادخال تجهيزات للمحطة الكهربائية في غزة. لكن وزير الصناعة الفلسطيني سعدي الكرنز اعتبر هذه الاجراءات مجرد "دعاية تهدف الى تغطية العمليات الاخرى" التي تقوم بها اسرائيل. وقال لوكالة "فرانس برس" ان "اسرائيل تبذل كل ما في وسعها للسيطرة على الاقتصاد الفلسطيني وحتى نبقى سوقا لمنتوجاتها ويدا عاملة رخيصة لصناعتها". اما خالد موسى فأبدى استعداده لتحمل المصاعب الاقتصادية. وتساءل: "ما هم ان نتمكن من شراء اللحوم ان كنا سنأكلها في هذا السجن"، وهو ما تحولت اليه غزة في نظره.