غزة- رويترز - تواجه حركة المقاومة الإسلامية حماس استياءً متناميًا في معقلها في غزة بسبب رفع الضرائب مرة أخرة وسوء إدارة أزمة الكهرباء التي انقطعت لفترات طويلة في القطاع. ويقول تجار يستوردون سلعاً من إسرائيل والضفة الغربية إن سلطات حماس فرضت رسوماً إضافية إلى جانب الضرائب المعتادة التي تجمع مما يعرض تجارتهم للخطر ويهدد مصدر رزق آلاف العمال. وتقول حماس إن زيادة الرسوم تهدف لحماية المنتجات المحلية ولكن محللين محليين يعتقدون أن الحركة اضطرت لفرض رسوم إضافية بسبب تراجع التمويل من من حلفاء خارجيين أبرزهم إيران. ومهما كان السبب فإن سكان غزة يستشيطون غضباً وزادت أزمة الكهرباء الناجمة عن انخفاض كميات الوقود التي تهرب إلى الأراضي الفلسطينية من مصر من مشاعر الإستياء بين سكان القطاع وعددهم 1.7 مليون نسمة. وقالت أم عبد الكريم وهي ربة منزل من غزة "لا يوجد عندنا ما لدى البشر. لا كهرباء ولا مياه وزوجي يحكي لي عن ضرائب جديدة في كل يوم." وتابعت "اللي ما بيقدر يخدم شعبه وناسه فليترك." وفازت حماس في الانتخابات البرلمانية التي جرت في الأراضي الفلسطينية في عام 2006 وسرعان ما نشب خلاف بين الحركة والرئيس الفلسطيني محمود عباس. وسيطرت حماس على غزة بعد 18 شهرا من ذلك إثر معارك مع قوات عباس التي تبسط سيطرتها على الضفة الغربية القريبة. وتفرض إسرائيل حصارا بريا وجويا وبحريا على غزة لمنع وصول مواد يمكن أن تستخدم في أغراض عسكرية لحماس ولكن لم يمنع ذلك الحركة من تدعيم سلطاتها في القطاع. ويأتي الغضب الشعبي إزاء انقطاع الكهرباء وزيادة الضرائب في وقت حرج لحماس التي تسعى جاهدة للتغلب على انقسامات داخلية غير مسبوقة بشأن مساعي التقارب مع عباس وانهاء الخلاف القائم بينهما منذ فترة طويلة . وقال أبو علي (47 عاما) وهو عامل بناء عاطل "قادتنا غير قادرين يوفروا لنا حياة جيدة وغير قادرين حتى يتصالحوا فما المنفعة العائدة منهم." وفي مظهر نادر لتحد عام رفضت مجموعة من التجار في الشهر الماضي دفع رسوم استيراد إضافية تاركة 22 شاحنة محملة بالبضائع قابعة عند معبر كيرم شالوم الحدودي الذي تسيطر عليه إسرائل لمدة ثلاثة أسابيع. ونقلت البضائع منذ ذلك الحين إلى غزة ولكن لن يصل بعضها على الاقل لأرفف المتاجر أبدا. وقال صلاح المقادمة رجل الأعمال "لن أدفع هذه الضرائب .. خليهم ييجوا ويكبوها على الارض" بعدما أغضبه مطالبته بسداد 20 ألف شيقل عن كل من الشاحنات الثلاث التي تحمل كولا أردنية تعرف باسم نايس. وأضاف "إذا أضفت هذه الضرائب على الاسعار الحقيقية فلن يشتريها أصحاب المحلات لأنهم لن يستطيعوا أن يبيعوها." وفي البداية حاولت حماس فرض رسوم إضافية علي 17 نوعا من السلع من بينها ملابس النساء والاطفال والبسكويت والعصائر والأثاث والبن. ثم قلصت القائمة إلى أربع سلع وهي تعيد تقييم بقية الرسوم ومن ثم طلبت من المستوردين دفع 500 شيقل عن كل ألف لتر من المشروبات الغازية المستوردة و2500 شيقل عن كل طن من رقائق البطاطاس و750 شيقلا على كل طن من الاثاث المكتبي وتتباين الرسوم على الملابس. وقال ابراهيم جابر وكيل وزارة الاقتصاد بحكومة حماس في غزة "هذه رسوم صغيرة ورمزية ولا تؤثر على الأسعار." وقال إن الحكومة تحتاج سيولة لمشروعات مهمة ومضى قائلا "الحكومة لديها مسؤوليات جسام في التعليم والصحة والامن والقضاء والبنى التحتية ... بمعنى أن كل شيء يعود للمواطن في النهاية." وتأتي الرسوم الأخيرة عقب فرض رسوم علي أربع سلع يكثر عليها الطلب تهرب من مصر عبر شبكة من الانفاق إذ رفعت الرسوم على طن الاسمنت بواقع 20 شيقلا ولتر الوقود 1.4 شيقل وطن الصلب 450 شيقلا وطن الحصى عشرة شيقلات. وقال أبو إسلام صاحب أحد الأنفاق "أصحاب الأنفاق احتجوا ليوم واحد ولكن في النهاية عادوا للعمل لأن حكومة حماس رفضت مطالبهم بالغاء الضرائب." وتشير المطالب المالية إلى أن حماس التي يقاطعها الغرب لرفضها الاعتراف بإسرائيل ونبذ العنف تواجه صعوبة في تلبية احتياجات القطاع. وتفيد ميزانية عام 2011 أن حماس قدرت ميزانية القطاع عند 769 مليون دولار وتوقعت إيرادات محلية 150 مليون دولار. وتسد التبرعات الأجنبية من عدد من الحلفاء جزءا كبيرا من العجز ويعتقد أن ايران المساهم الرئيسي في سد العجز. ويقول دبلوماسيون إن إيران قطعت التمويل ردا على رفض حماس مساندة الرئيس السوري بشار الأسد في الشهر الماض ودعمها الانتفاضة ضده علنية. وحال الشقاق بين حماس وعباس دون اجراء انتخابات على مدار ستة أعوام ومن الصعب قياس مستوى التأييد لحماس في غزة غير أن التجار في غزة يقولون إنه مهما كان انتماؤهم السياسي فإن الرسوم الجديدة تهدد بتضييق الخناق على الاقتصاد الذي يتعافي ببطء من حرب 2008-2009 التي شنتها إسرائيل على القطاع. ولا يسع أي شخص في غزة التهرب من الضرائب الجديدة لان جميع الطرق المؤدية للحدود تحت رقابة ضباط حماس الذين يفتشون كل شاحنة وعربة يجرها حمار. ويقول مسؤولون غربيون إن حاجة حماس لايرادات الضرائب هي محور صراع السلطة الحالي. وتعتمد حماس إلى حد كبير على الوقود الذي يهرب لغزة من مصر المجاورة ولكن القاهرة منعت هذه التجارة في فبراير شباط لانزعاجها فيما يبدو من تهريب وقود الديزل الذي تدعمه من أجل مواطنيها إلى غزة. ويقول منتقدو حماس إن الحركة رفضت تنويع مورديها لان بوسعها فرض رسوم باهظة على الوقود المصري المهرب بينما الوقود الذي يستورد بشكل قانوني عبر اسرائيل تتولاه السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية وتفرض رسوما عليه تحرم حماس من فرض أي رسوم إضافية. وقالت مسؤولة بمنظمة غير حكومية رفضت نشر اسمها بسبب حساسية تعاملاتها مع حماس "سبب هذه الأزمة سخيف ويتعلق باصرار حماس على عدم الشراء من السلطة الفلسيطنية عن طريق إسرائيل." وتابعت "حين تجري عملية الشراء عبر الأنفاق تفرض حماس نظامها الضريبي ومن ثم تحصل على إيرادات." ولم تنزل احتجاجات على انقطاع الكهرباء إلى الشوارع لأن حماس تمنع المظاهرات ولكن الغضب جلي على مواقع التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وتويتر بسيل من الشكاوي من انقطاع الكهرباء لفترة تصل إلى 18 ساعة في اليوم. وكتب مصطفى إبراهيم وهو كاتب من غزة على مدونته أن الناس محرومون من أبسط حقوقهم في الحرية والكرامة و تناقلت عدة مواقع فلسطينية ما نشره. وأضاف "غزة طنجرة (إناء) ضغط قابلة للانفجار."