قد تبدو غرفة التجارة العربية - البريطانية مكاناً غير منتظر لاقامة معرض لوحات زيتية لاعضاء "خمس فنانات - زائد"، وهي جماعة بريطانية تروج لاعمال الفنانات. وتتمثل الصلة بين المنظمتين بالفنانة البحرينية بثينة فخرو، التي عرضت ثلاثاً من لوحاتها في المعرض الاخير على مدى خمسة ايام. وفخرو هي العضو العربية الوحيدة في جماعة "خمس فنانات -زائد" التي انضمت اليها قبل ثلاث سنوات. وكما وضحت فخرو في الكلمة التي القتها في افتتاح المعرض، فان الفنانتين جوان ثوسي وبريندا برين بوكر أسستا "خمس فنانات - زائد" في 1981 "بهدف اعطاء الفنانات الفرصة لتشجيع ومساعدة وتمكين بعضهن البعض، كجماعة موحدة، من ترويج اعمالهن عبر معارض ذاتية التمويل". وكان المعرض الذي اُقيم في غرفة التجارة العربية - البريطانية هو ال 38 للجماعة، وتضمن اعمال 16 فنانة. وافتتحه السفير البحريني عبد العزيز بن مبارك آل خليفة في حفلة استقبال حضرها عبد الكريم المدرس الامين العام للغرفة واللورد برايور رئيس الغرفة. وقالت فخرو ل "الحياة" ان "المعرض قد يساعد على انشاء صلة او رابطة بين فنانين عرب وبريطانيين تشجع على ان يتبادلوا تجاربهم. وآمل ان يحفز هذا التحدي افكاراً". واكملت فخرو دراستها الجامعية في الجامعة العربية في بيروت ثم واصلت الدراسة العليا في كلية الاوزاعي الاسلامية في بيروت. وهي تقيم منذ 16سنة في مدينة كامبردج مع زوجها وابنيها. وحصلت على شهادة عليا في استخدام الزجاج في العمارة بعد سنتين من الدراسة 1993-1995 في كلية الفنون والتصميم في شمال ويلز، واكملت مناهج تدريسية عدة في الفنون في بريطانيا وفي فرنسا. وعلى رغم ان فخرو تلقت تعليمها الفني في اوروبا، فان اعمالها تعكس اهتماماً عميقاً بالتراث الثقافي للبحرين والمنطقة المحيطة بها. وهي معروفة في شكل خاص في بريطانيا ومنطقة الخليج بأعمالها المستوحاة من الاختام الدائرية التي تعود الى حقبة الديلمون ونُقشت قبل حوالى 4 آلاف سنة لتحديد هوية مالك السلع او الاشياء. وتمتاز هذه الاختام بتصاميمها المعقدة، التي تتضمن رموزاً مثل الغزلان والعقارب والبقر الوحشي ورجال عراة ومكسوّين. ولا يزيد قطر الاختام الاصلية على سنتيمترين ونصف ولجأت فخرو الى تكبير تصاميمها الجميلة لتنتج اعمالاً يبلغ قطرها نحو 60 سنتيمتراً. وانتجت التصاميم في البداية بالالوان المائية، ثم نوّعت اعمالها لتشمل الزجاج والطباعة باستخدام تصاميم اللينو النافرة والكليشيهات المحفورة. وعرضت فخرو تصاميمها المستوحاة من عهد الديلمون في لندن في 1999، وفي المتحف الوطني البحريني من كانون الثاني يناير الى آذار مارس 2000، وفي الكويت في تشرين الثاني نوفمبر الماضي. واضافت الى المعرض الذي اقامته في الكويت اعمالاً تستند على اختام من جزيرة فيلكه قبالة الكويت، وهي تشبه اختام الديلمون. كما عرضت عملين انتجتهما بوسيلة جديدة: الوان زيتية على جص. وتنتج تقنية الالوان الزيتية على الجص سطحاً جذاباً يبدو متشققاً وخشن الملمس وعتيق الطراز. وعرضت اعمال فخرو المستوحاة من عهد الديلمون في عمان في ايار مايو الماضي وستُعرض في الرياض في كانون الثاني يناير المقبل. وفي احدث اعمالها، انتقلت فخرو من اختام الديلمون، الاّ انها بقيت متأثرة بالتاريخ القديم للبحرين والمنطقة المحيطة بها. وتشكل الاعمال الثلاثة التي عرضت في غرفة التجارة العربية - البريطانية سلسلة تدعى "انطباعات". واُنجزت اثنتان من هذه اللوحات بالالوان الزيتية على الجص. وتظهر الاولى، "انطباعات 1: بلاد ما بين النهرين"، انطباعات من لوحة نافرة تمثل على الارجح أحد الكهنة كمعبود مجنح يكرس رخاماً. ويظهر هذا الشكل بدرجات من اللونين الازرق والازرق المخضر، على خلفية بلون رملي - بنّي. وتشي الصورة بعظمة وتناسق وقوة. والارجح ان الشكل يرجع الى القصر الشمالي الغربي لآشور نصربال الثاني، ملك بلاد آشور، في الفترة 884 الى 859 قبل الميلاد في كلخ نمرود في العراق. واللوح الاصلي الذي يستند عليه الرسم موجود في متحف فيتزويليام في كامبردج. العمل الثاني بالالوان الزيتية على الجص، "انطباعات 2: ديلمون"، يُظهر شاهد ضريح مع صورة كاملة للميت واقفاً بين اعمدة، او في مدخل مقنطر. وتوجد الصورة الاصلية في المتحف الوطني البحريني ويعود تاريخها الى 150م. ويحيط بالشخص الذي تصوّره اللوحة جو من الغموض والحزن والروحانيّة. وقالت فخرو ان "خلفية اللوحة من الجدار الخارجي لمعابد البربر". واضافت ان "قطعاً كثيرة من شواهد القبور عُثر عليها هناك، وفي الصور كلها تظهر اليد اليمنى مرفوعة، بحركة ربما توحي بتحية او مباركة". العمل الثالث، "انطباعات 3: الاردن"، هو لوحة بالالوان الزيتية على القماش للقصر الاموي في عمان. وقالت فخرو "ذهبت العام الماضي الى عمان واُعجبت كثيراً بالقصر الاموي في جبل عمان وكذلك بمدينة البتراء". واضافت: "زرت وادي روم، الذي مرّ به ت. إ. لورانس لورانس العرب ليشاهد غروب الشمس خلال رحلاته في بلاد العرب. اعجبني اللون البرتقالي الصارخ للجبال، والهمتني هذه المواقع المختلفة". واظهرت اعمال 15 فنانة اخرى من "خمس فنانات -زائد" تنوعاً واسعاً في الاسلوب وموضوع العمل. وكانت احدى الفنانات، لورين هاتن، امضت ستة اشهر في اواخر السبعينات في الترحال برفقة عائلة في ارجاء باكستان واجزاء من الهند. والى جانب لوحات هاتن عُرضت قصائد لشاعرة من اصل سري لانكي، سري ويلر، وكانت كل قصيدة ذات صلة باحدى لوحات هاتن. وشكلت هذه القصائد بحساسيتها وطبيعتها التأملية عنصراً متمماً للوحات. ومن الفنانات الاخريات اللاتي تأثرن بالشعر باربرا سيداسي التي استوحت بعض لوحاتها من قصائد نورمان ماكيغ التي تدور حول الطبيعة. وهي غالباً ما ترسم ابقاراً، وتضمنت لوحاتها في المعرض صورة لافتة للنظر لبقرة حمراء اللون كبيرة. ومن المواضيع الاخرى المتكررة في اعمالها "المهرجون"، وضم المعرض صورة لمهرّج مع حمامة، واخرى لمهرج نائم. وقالت سيداسي، وهي رسّامة كثيرة الترحال، "احب اللون والخط والطريقة التي ينشدان بها معاً". وولدت الفنانة ماريا هاتن لا تمت بصلة قرابة الى لورين هاتن في بولندا لوالدين روسيين، وتلقت تعليمها كمهندسة معمارية إضافة الى دراسة الفنون الجميلة في كليتي "سنترال" و "سانت مارتن" للفنون في جامعة غيلدهول في لندن. وهي تواظب على اقامة معارض في بولندا، وستنظم قريباً معرضاً في المعهد البولندي في لندن. ومعظم اعمالها تجريدية.