ربطت الناقدة والفنانة التشكيلية البحرينية بلقيس فخرو، بين فن العصور الحجرية وتجربة الفنانة البحرينية مياسة السويدي، التي قدمت 27 عملا تشكيليا مختلف الأحجام ضمن مهرجان "الطعام ثقافة"، الذي دام لأكثر من 7 أسابيع في العاصمة البحرينيةالمنامة، حين قالت بأن السويدي استوحت جميع أعمالها من الشاي عبر العصور، وقدمت عديداً من الأعمال الفنية التي كانت تستخرج اللون من "أكياس" الشاي، مما جعلها تقدم البعد الفني في تلك الأعمال التي مزجت في بعضها بين الحرف واللون، وقالت فخرو عن لوحة تم عرضها ضمن محاضرتها التي أقيمت مساء أمس الأحد في متحف البحرين الوطني بأنها أجمل اللوحات المعروضة، حيث تمكنت من استخدام الكتلة والفراغ في (هذا العمل)، وقالت بأن هذه الأعمال تعيد إلى ذاكرتنا ورق البردى الفرعوني، وفي ذات الوقت تعيدنا إلى رسومات العصر الحجري التي تم تقديمها ضمن المحاضرة، حيث استخدمت السويدي أسلوبا حديثا وعصريا يتناسب مع الأعمال الحديثة، وبهذا تكون السويدي استنفدت طاقتها في استحضار العصور الحجرية لتربطها بالفن الحديث، مما أعطى لأعمالها التي تم تقديمها ضمن معرض (الفن طعام)، بعداً آخر متميز باللون والأصالة الفنية. وقد استعرضت التشكيلية فخرو في محاضرتها تجربة طاولة الطعام للفنان عمر الراشد، وعددا من أعمال الفنانة السويدي في محاضرتها التي جاءت بحضور رئيسة هيئة البحرين للثقافة والآثار الشيخة مي آل خليفة، التي جاءت ختاما لسلسلة من المحاضرات بعنوان "الفن والطعام عبر التاريخ"، كما تحدثت عن تطور ظهور الطعام في الرسم عبر مراحل تاريخية مختلفة. وبدأت بعرض صور لجداريات اكتشفت في كهوف بجنوب فرنسا يصل عمرها إلى 15 ألف عام، وتوضح هذه الرسومات طرق صيد الحيوانات والتقاط الغذاء التي كان يقوم بها الإنسان البدائي. ومن ثم تناولت الفنانة فخرو الغذاء والطعام في الفنون التشكيلية أثناء عصر الحضارات، وركزت في حديثها عن الحضارة الفرعونية التي انتشرت رسومات الطعام فيها على جدران المقابر. وعرضت فخرو صورا للوحات على جدران فرعونية تظهر فيها ممارسات الحصاد، الزراعة، الحيوانات كالطيور والبقر وأنواع أخرى من النباتات. وعن الطعام في رسومات العصر الروماني، قالت الفنانة بلقيس فخرو، إن الرسومات أصبحت تتناول تفاصيل أكثر وتوضح ممارسات اجتماعية أكبر، حيث تظهر في اللوحات طرق تقديم الطعام والممارسات المرتبطة به من حفلات واجتماعات. وعن الفن والطعام في عصر النهضة، قالت الفنانة بلقيس فخرو، إن اللوحات بدأت تأخذ طابعا واقعيا أكثر ويظهر الطعام فيها بشكل جلي، حيث أشارت إلى لوحة الفنان الإيطالي ليوناردو دافينشي "العشاء الأخير"، ولوحات أخرى للفنان فيرتموس الذي رسم عشرات اللوحات الشخصية ولكنه استبدل أعضاء الجسم بأشكال الخضار والفواكه. واستمرت الفنانة بلقيس فخرو في عرض مراحل تطور الفنون التي تناولت الطعام خلال القرن السابع عشر، التاسع عشر وصولاً إلى القرن العشرين حيث عصر الحداثة الذي انتشرت فيه مدارس فنية كثيرة. ووصولا إلى العصر الحديث، تطرقت الفنانة بلقيس فخرو إلى انعكاس أسلوب الحياة الحديثة على نوعية الطعام وطريقة عرضه في اللوحات الفنية، كما وتطرقت إلى بدايات القرن الحادي والعشرين، حيث انتشار تصوير الطعام على وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة وما يرتبط بذلك من ممارسات اجتماعية واقتصادية. يذكر بأن مهرجان الطعام ثقافة قد انطلق في أواخر شهر يناير الماضي، حيث قدم خلال أسبوعه الأول 6 أمسيات جمعت فنانين وطهاة من مدارس فنية ومطابخ عالمية من آسيا وأوروبا، قدموا أعمالا فنية وأطباقا مختلفة. أما في جزئه الثاني فنظم المهرجان سلسلة محاضرات في قاعة محاضرات متحف البحرين الوطني قدمتها مجموعة من خبراء الطعام والفنانين على حد سواء. كما وقدم مهرجان "الطعام ثقافة" عروضا لأفلام متنوعة حول الطبخ والطعام كفيلم راتاتاوي وفيلم رحلة المائة قدم. ومن الجدير ذكره أن القائمين على مهرجان "الطعام ثقافة" سيصدرون كتابا يجمع كافة أعمال الفنانين ووصفات الطهاة، حيث سيدشن الكتاب خلال معرض البحرين الدولي للكتاب 17 خلال مارس الجاري.