أصحاب النوافذ النّظيفة تساقطت شُعيرات رؤوسهم في أوطانٍ غريبة. وسنواتٍ كثيرة أَمْضوها يحلمون برؤيتها تنام هادئةً فوق الأشجار. عشتُ ثلاثين عاماً بنوافذ قديمة وهواء مُغبرّ أنظر وأصرخ وأبتسم. أراقبها: مَفْتوحةٌ بسعادةٍ كأنّها أوّل النوافذ وحزينةٌ لأنّ أصحابها أغلقوها صامتين وتركوها تتكلّم وحين وضَعَتْ أُمّي طعاماً في الشمس لبضع دجاجاتٍ عشقَتْها النوافذ ومن النّظرة الأولى الآن أولادي سيكرهونني قريباً لأنّهم فقدوا نوافذ تخصُّهم عاشوا أعمارهم بنوافذ غريبة وحُملوا إلى "بالكوناتٍ" ليست لهم بدهانٍ مُتساقِط ومقابض غليظة وتعلقَّت أنفاسُهم بهواء آخرين لا شكّ سيكرهونني بعد أن مرضوا وارتجفوا وتجرّعوا دواء مُرّاً لغياب نوافذهم... حين تفتحُ نافذةً تخصّك تستطيع ساعتها أن تبكي بسببٍ وبغيرِ سبب، جُعلت النوافذ خِصّيصاً لبكاء أصحابها، حتى "المشربيّات" القديمة بكت خلفها الجدّات. وأوثننا بكاءً كلّما شاهدنا النوافذ ومثل بعض البشر تعيش النوافذ ذليلةً بحياةٍ مُتهدَّلة وسط تُراب، ومثل آخرين تعيش نوافذ مغسولةً ولامعةً كزُجاج، بينما الناس جميعاً ينظرون من عينيْن فقط، إلى الشارع والعربات والمياه الطّافحة. * شاعر مصري.