طنجة - يوسف ناوري بدأ المخرج المسرحي السويدي انغمار برغمان تحضيراته لمسرحيته المقبلة "طيف" للكاتب النروجي هنريك ابسن التي يبدأ عرضها الاول في التاسع من شهر شباط فبراير 2002 على خشبة المسرح الدرامي الملكي في العاصمة السويدية استوكهولم. تحكي الرواية قصة امرأة تؤمن بالترابط العائلي اقتناعاً منها بالاسس الدينية والاخلاقية المحافظة التي سادت اوروبا في القرن التاسع عشر، وتريد ان تورث تلك العادات الى ابنها الوحيد الذي انجبته من زوج يتصرف تماماً بعكس قيمها واخلاقها. خوفاً منها على ابنها الوحيد ان يكسب عادات والده تقرر اتخاذ القرار الصعب وهو ارساله وهو صغير الى حضانة للاولاد ترعى وتربي الطفل على اسس واخلاق مرسومة مسبقاً، ويتخرج ذلك الطفل في سن الشباب متعلماً قوانين اجتماعية كانت تعد الافضل في ذلك الزمن. تستمر والدته في التواصل معه عبر الرسائل التي لا تقول له فيها كل الحقيقة عن صراعها الابدي مع زوجها، وانما تصور لابنها ان حياتها مع زوجها سعيدة جداً وتزرع في نفسه احلاماً وهمية عن العائلة المترابطة. يموت زوج المرأة اثناء وجود ابنهما في المدرسة الداخلية ويقرر الشاب ان يقضي الشتاء مع والدته فيسافر اليها ليصطدم بواقع مرير لم يكن يتوقعه. والدته التي ربته على الصفات الحسنة والاخلاق الحميدة كذبت عليه طيلة فترة وجوده في السكن الداخلي وجعلته يعتقد انها ووالده يعيشان حياة سعيدة. الشاب الذي اكتسب صورة واحدة عن المجتمع والعائلة، وهي الترابط والاخلاق، لم يكن يعرف بعد معنى الصورة العكسية لذلك، فتكون الواقعة كبيرة عليه عندما تعترف والدته بأنها كذبت عليه طوال فترة اقامته في السكن الداخلي وانه يوجد في المجتمعات صورتان، ويبدأ الصراع الاجتماعي بين الام والابن والصراع النفساني عند الشاب. عندما يبدأ عرض المسرحية في العام المقبل يكون المخرج برغمان قد تجاوز ال84 من عمره، ومرة اخرى يفاجئ الجميع بصعوده المسرح لانجاز عمل من اهم اعمال الكاتب العالمي ابسن، فبرغمان معروف بعشقه التطرق الى القصص الدرامية الممزوجة بالعلاقات الاجتماعية والخيانات، كما انه من المخرجين الكبار الذين نجحوا دائما في وضع مبادئ متضاربة وجها لوجه على خشبة المسرح ليناقشها ويحللها بطريقته الابداعية. آخر مرة شاهدنا برغمان على المسرح كان في عمل قدمه العام الماضي "ماري ستيوارت" عن صراع ملكات بريطانيا وفرنسا واسكوتلندا على التاج الانكليزي، وتطرق وقتها الى قضية اجتماعية هي من يحق له ان يقتل ومن هو القتيل وكيف يكون القاتل، وانطلق من تلك النقطة ليصف احداثاً تاريخية موثقة من تاريخ اوروبا الدامي في القرن السابع عشر. وفي كل مرة يبرع برغمان في اعماله المسرحية تماما كأعماله السينمائية التي تصنف في خانة الافلام الممتازة. واذا كان برغمان الذي يصف التاريخ الموثق بدقة على خشبات المسارح العالمية يعود مرة اخرى الى عالمه الاصلي في الاخراج المسرحي، فتخرج أخيراً معرض صور السويدي لويس لارشون الذي عاش في اواخر القرن التاسع عشر مع الحركات الصهيونية في فلسطين، من المتحف الشمالي في استوكهولم، وذلك بعد ان قررت لجنة المتحف اقفال معرض قديم للمصور لارشون تحت عنوان "القدس الحلم" الذي أحدث ضجة اعلامية كبيرة بسبب تزامن عرض تلك الصور التي تسهم في تزوير تاريخ فلسطين مع استمرار قتل الشعب الفلسطيني الاعزل. كان المصور لارشون من الاوائل الذين هاجروا الى فلسطين بذريعة الهجرة الدينية لملاقاة المسيح المنتظر، وبدأ يعمل كمصور من الاراضي المقدسة وارسل عشرات الآلاف من الصور الى اوروبا من اجل الابحاث والدراسات. احدثت صور لارشون في الفترة الاخيرة ضجة اعلامية كبيرة خصوصاً انه بعد دراسات اجريت لمضمون تلك الصور تبينت مساهمتها بتزوير التاريخ عبر تصوير فلسطين بأنها ارض من دون شعب ولا توجد فيها الا مجموعات من البدو من دون حضارة مترابطة او عادات وتقاليد مشتركة مع بقية الوطن العربي. قالت مصادر ثقافية في السويد ان قرار اقفال المعرض قبل شهر من انتهاء فترة العرض قد يكون سببه الوضع المتدهور في فلسطينالمحتلة، ولكن في اتصال ل"الحياة" مع المسؤولة عن المعرض ايفا دالمان، قالت ان "قرار الاقفال اتى بعد ان اكتشفنا ان تلك الصور القديمة حساسة للغاية ويوجد خطر عليها في حال بقيت في الضوء فترة طويلة" ونفت ان يكون اقرار الاقفال علاقة بالتهم التي وجهت الى المصور وعلاقته بالعصابات الصهيونية او النقاش الذي اثير حول اهداف تلك الصور.