بدأ الشارع الثقافي السويدي - الاسكندينافي يعود الى حياته الطبيعية بعد شهر كامل من انشغال الجهاز الاعلامي والثقافي بتوزيع جوائز نوبل وتقويم أهمية أعمال حامل نوبل للأدب 2000 الكاتب الصيني - الفرنسي غاو كسينغياغ. وحملت الأيام الأولى للعام الجديد حدثين ثقافيين لهما أهمية واسعة للعالم الأدبي السويدي والعربي والعالمي. اسكندينافياً، تم توزيع جوائز "المسرح القومي الاسكندينافي" لأول مرة في العاصمة النروجية أوسلو وحصلت مسرحية "سوناتا الاشباح" للمخرج انغمار برغمان على الجائزة الأولى بقيمة 500 الف كرون نروجي أعطيت للفرقة، ووقع اختيار اللجنة على المسرحية من بين عدد كبير من المسرحيات الاسكندينافية لبراعة اخراجها ومضمونها الحي الذي يتطابق مع موضوعات اجتماعية لها بعد عالمي. المسرحية تستند الى نص لأوغست ستريندبرغ يعود تاريخه للسنوات الأخيرة من القرن التاسع عشر، وقام المخرج برغمان بإعطاء النص بعداً مجرداً من التواريخ فأصبح يتطابق مع واقع كل انسان في أي مكان من الأرض. وتحكي المسرحية عن شاب طموح للدخول الى عالم الثراء المالي وبعد جهد جهيد يصل الى داخل عالم المال، لكنه يكتشف ان كل العوالم البشرية تحمل مشكلات شبيهة ببعضها بعضاً، لكنها تتفاوت في الحجم، ومضمونها واحد هو الركض نحو السعادة غير الملموسة. وفور اكتشاف الشاب عالم الثراء يصاب بإحباط نفسي وبكره للأعمال البشرية التي تتعارض والأسس الانسانية. وينجح برغمان في اعطاء صورة لتلك المشكلات والطموحات، فهو يقوم بإبراز جروح على أجساد الممثلين ترمز الى الجروح الموجودة في الروح. لذا حصل برغمان شخصياً على جائزة أفضل مخرج بقيمة 100 الف كرون نروجي لبراعته في الاخراج. وتقرر استخدام مبلغ جائزة الفرقة لعرض المسرحية في أوسلو وكوبنهاغن، أما برغمان فاختار منح مبلغ جائزته لفرقة محلية نروجية "تهتم بالمسرحيات الراقصة" لتعزيز عمل الفرق المسرحية الحرة. الحدث الثاني الذي بدأت تتسرب اخباره في الأوساط الثقافية السويدية ان هناك مشاورات تدور بين سفراء من وزارة الخارجية السويدية وبعض الجمعيات الثقافية العربية في السويد من اجل تأسيس معهد عربي للثقافة، شبيه بالمعهد السويدي الذي افتتح أخيراً في مدينة الاسكندرية المصرية. ومن المقرر ان يكون مركز المعهد في العاصمة استوكهولم وله هيئة ادارية مكونة من شخصيات ثقافية عربية وسويدية، وهدف المعهد خلق جسر تواصل بين الثقافتين العربية والسويدية، والعمل من اجل تبادل ثقافي على مستوى الكتاب والمسرحيين بين البلدين. والجدير بالذكر انه جرت قبل الآن محاولات لتأسيس جمعية ثقافية عربية في السويد لكن معظمها لم يعط ثماراً ترضي الشارع الثقافي السويدي ولم يقنع المهاجر العربي بجدية عملها. لكن احد السفراء المعنيين بتأسيس المعهد أكد ل"الحياة" ان المساعي الجارية الآن هي جدية للغاية، خصوصاً ان سفراء سويديين خدموا في الدول العربية يضغطون من اجل وضع أسس لمعهد له مضمون عربي وطريقة عمله سويدية. وقال السفير ان الشارع الثقافي السويدي في حاجة الى معهد يهتم بالثقافة العربية بعدما ازداد عدد المهاجرين العرب الى السويد في السنوات العشر الأخيرة، ويتراوح عددهم الآن بين 150 الى 200 ألف شخص من اصل عربي. ويتوقع ان يسهل المعهد التواصل الثقافي على صعيد الفرق المسرحية والكتّاب الأفراد بين السويد والبلدان العربية. ستوكهولم - قاسم حمادي