تجري شركة النفط الجزائرية "سوناطراك" منذ أشهر مفاوضات جديدة مع عدد من زبائنها التقليديين في اوروبا بهدف توسيع حجم إنتاجها السنوي وضمان تسويقه في هذه القارة، ضمن خطة تشمل، على المدى المتوسط، تسويق الغاز الجزائري في أميركا الشمالية. وترتكز هذه الإستراتيجية على استغلال أفضل للاحتياط الذي يقدر ب 3700 بليون متر مكعب والاستجابة لخطة الحكومة الهادفة الى تحسين الموارد المالية بالعملة الصعبة. وتشمل المفاوضات الجارية مع عدد من الدول الأوربية تمديد عقود الاستغلال والبيع والشراء مع مراجعة العقود السابقة وتحديثها إضافة إلى البحث في فرص جديدة لتسويق الغاز الجزائري في أوروبا وأميركا الشمالية من خلال إنشاء أنبوبين جديدين يصل الأول الجزائر بإسبانيا مباشرة عبر البحر الأبيض المتوسط ويربط الثاني الجزائر بإيطاليا عبر ليبيا. ففي ما يتعلق بالتعاون مع الشركات الفرنسية، يجري إعداد دراسات لتسويق الغاز الجزائري بعد تأسيس شركة مختلطة بين "سوناطراك" ومؤسسة "غاز فرنسا"، إذ القوانين الأوروبية كانت تمنع الشركات الأوروبية من إعادة بيع الغاز الجزائري في أسواق أخرى ما عدا الأسواق المحلية. وفي هذا الإطار سيتم قريبا بدء تنفيذ برنامج على المدىين القصير والمتوسط لبيع الغاز وتسويقه في الأسواق الأوربية وأميركا الشمالية. وكانت الجزائر وباريس اتفقتا قبل فترة على إعادة النظر في العقود الطويلة المدى الخاصة بتسويق الغاز الطبيعي المسيل في فرنسا وحل المشاكل المرتبطة بالتسعيرة. أما في ما يتعلق بإسبانيا، فقد أقدمت "سوناطراك" على مبادرات عدة لضمان تموينها بأكبر قدر من الغاز سواء من خلال الاتفاق الذي وقعته أخيراً مع "بريتش بتروليوم" بالاشتراك مع شركتي "كليوغ براون أن روتس كوندور" و"بيكتل" الأميركيتين وشركة "جي.جي.سي" اليابانية لتوسيع حقل عين صالح والمساهمة في تزويد أنبوب الغاز الثاني لإسبانيا. وكان البلدان بدآ مطلع السنة الجارية في إعداد دراسات الجدوى في شأن مضاعفة الصادرات الجزائرية إلى إسبانيا عبر أنبوب ثان يصل الجزائر بإسبانيا مباشرة عبر البحر. كما وقعت "سوناطراك" أخيراً اتفاقاً مع المجموعة الألمانية "باسف" لإنجاز مصنع وتزويده بالغاز الجزائري في منطقة تاراغون الإسبانية بعد منافسة شديدة مع المؤسسات النروجية لتزويد المحطات الكهربائية في شمال إسبانيا بالغاز. وتتوقع الشركة الجزائرية أن يتم توسيع مجالات التعاون مع اسبانيا ما يعزز موقع "سوناطراك" كأول ممون لأوروبا بالغاز الطبيعي المسيل بنسبة تصل الى ربع حاجتها من هذه المادة. من جهة أخرى، بدأت قبل أسبوعين مشاورات بين الحكومتين الجزائرية والليبية لدرس إمكان اقامة أنبوب غاز يصل الجزائر بايطاليا عبر الاراضي الليبية في اطار سلسلة من المشاريع الطموحة ل"سوناطراك" لرفع حصتها في السوق الإيطالية. ويأتي هذا المشروع في الموازاة مع قرار مشترك بين البلدين لرفع قدرة الضخ لأنبوب الغاز من 24 بليون متر مكعب إلى 29 بليوناً. وكانت "سوناطراك"ومؤسسة "سونلغاز" المختصة بتسويق الغاز والكهرباء وقعت في 12 آذار مارس الماضي بروتوكولاً مع مؤسسة "اينيلباور" الإيطالية المتخصصة في الدراسات الهندسية والتنمية لإنتاج ونقل الكهرباء ونقل وتوزيع الغاز إضافة إلى إنشاء مراكز توليد الكهرباء في الجزائر والخارج. وتم تأسيس شركة مختلطة تهدف إلى تصدير الغاز الطبيعي الجزائري إلى إسبانيا من خلال تحويله إلى طاقة كهربائية بطاقة 2000 ميغاواط تخصص منه 1200 ميغاواط للسوق الإسبانية والبقية للسوق الجزائرية. كما تنوي الشركة الجزائرية العمل على الاستجابة للحاجات المتزايدة للبرتغال من الغاز، بعدما اتفقتا على ان تزود "سوناطراك" محطة توليد بالغاز في منطقة سين جنوبلشبونة يتوقع أن يدخل حيز التنفيذ نهاية سنة 2003. وتشمل المراجعات التي تقوم بها "سوناطراك" تركيا. اذ وقعت في آذار مارس الماضي إتفاقاً ملحقاً جديداً مع شركة "بوطاس" التركية يكمل مضمون عقد سابق لبيع الغاز الطبيعي. كانت الشركة الجزائرية وقعته مع المؤسسة العامة التركية عام 1988 وينص على تموين السوق التركية بكميات من الغاز تقدر بأربعة ملايين متر مكعب سنويا ولمدة 25 عاماً. وسيتم ضمان تسويق الغاز عبر ناقلات، وستدخل التعديلات التجارية لهذه العقود حيز التنفيذ خلال السنوات الثلاث المقبلة. وتقدر احتياطات الغاز الجزائري ، حسب آخر الاحصاءات، ب3700 بليون متر مكعب مع معدل صادرات سنوي لا يتجاوز ال60 بليون متر مكعب منها 29 بليون متر مكعب عبر أنبوب الغاز الجزائري الإيطالي و23 بليون متر مكعب عبر أنبوب الغاز الجزائري الإسباني. ويؤكد آخر التقديرات الرسمية الواردة من مؤسسة "سوناطراك"، التي تعد ثاني منتج لغاز البروبان المسيل في العالم وثالث أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسيل، أن الاستثمارات المقررة لهذه الشركة بين عامي 2000 و2004 تقدر بنحو 23 بليون دولار.