} تبدو الأزمة الدولية والعربية التي نجمت عن الغزو العراقي للكويت قبل 11 سنة مستعصية على الحل. فالولاياتالمتحدة ما زالت تعتبر النظام العراقي خطراً على جيرانه وعلى مصالحها القومية، وأعلن الرئيس جورج بوش الثلثاء تمديد العقوبات الاقتصادية التي فرضها والده على بغداد المحاصرة، وتتوقع "اعتداء اميركياً" وشيكاً. وأعلنت الكويت غير مرة انها ليست مستعدة للمصالحة مع نظام الرئيس صدام حسين الذي اتهمته بالتخطيط "وبدأ فعلاً حملة تخريب في داخل البلاد". واشنطن، القاهرة - "الحياة" - لا يزال العراق يمثل بعد 11 سنة من اجتياحه الكويت وهزيمته عام 1991 ازعاجاً للولايات المتحدة التي لا تستبعد توجيه ضربات عسكرية جديدة إليه وارجأت الى الخريف مساعيها لفرض نظام جديد من العقوبات الدولية عليه. واعلن الرئيس جورج بوش الثلثاء بلهجة متصلبة تمديد العقوبات الاقتصادية التي فرضها والده على بغداد في آب اغسطس 1990. وقال ان "الحكومة العراقية تواصل نشاطاتها المعادية للاستقرار في الشرق الاوسط ولمصالح الولاياتالمتحدة في المنطقة"، مضيفاً ان "الاعمال العراقية تمثل تهديداً دائماً ... للامن القومي" الاميركي. وتدين الولاياتالمتحدة "العدائية" العراقية المتزايدة ضد مقاتلاتها التي تفرض منطقة حظر جوي في جنوبالعراق. واكد وزير الدولة العراقي للشؤون الخارجية ناجي صبري الثلثاء ان بغداد مصممة على "الرد" على "المعتدين" الاميركيين على رغم تهديدات واشنطن. وحاول العراق الاسبوع الماضي اسقاط طائرة تجسس من طراز "يو-2" بواسطة صاروخ وفق ما اعلنت وزارة الدفاع الاميركية. وافاد مسؤول عسكري ان طياراً في طائرة استطلاع اميركية "اواكس" كان يقوم بدورية شاهد صاروخاً عراقياً اطلق باتجاه الطائرة. لكن بغداد نفت الحادث. وذكرت شبكة التلفزيون الأميركية "سي بي اس" ان البنتاغون يعد رداً كبيراً سيستهدف شبكة الدفاع الجوي العراقي. وقال الناطق باسم البنتاغون كريغ كويغلي: "نحتفظ بحق ضرب اهداف تهدد طواقمنا في الوقت والمكان الذي نقرره" مشيراً الى حصول 370 "عملاً استفزازياً" عراقياً في الجنوب خلال هذا العام مقابل 221 عام 2000. وبعد عشر سنوات من هزيمته في حرب الخليج امام قوات الائتلاف بقيادة الولاياتالمتحدة ما زال نظام الرئيس العراقي صدام حسين قائماً وتمكن من تسجيل نقاط من خلال التقارب مع دول عربية مثل مصر وسورية. واوضح مسؤول في وزارة الخارجية الاميركية طلب عدم كشف هويته "بالطبع ما زال صدام حسين في مكانه ... لكن سياستنا لم تستهدف يوماً اطاحته". واكد المسؤول ان العراق "تمكن من تقليص عزلته الديبلوماسية. لكنه انغلق على نفسه منذ عشر سنوات ولم يعد يشكل تهديداً لجيرانه ... ومن ثم يمكن القول اننا نجحنا". قال مسؤولون في الكويت امس ان بلادهم لا تزال تشعر بالقلق من التهديد العراقي، وان سياسات النظام في بغداد في الثاني من آب اغسطس 2001 لم تتغير عما كانت عليه في 2 آب 1990، واعربوا عن عدم الممانعة في زيادة النشاط التجاري العربي مع العراق "لان القادة العرب لن يقفوا ضد الحق الكويتي مقابل مكاسب تجارية مع العراق"، واكدوا انهم غير معنيين بما يمكن ان تتخذه الولاياتالمتحدة من اجراءات عسكرية ضد العراق "لكن لا تطلبوا من الكويت ان تقف في وجه اجراءات تتخذ ضد العراق ويسعى اليها النظام سعياً". وتحدث عدد من اقطاب الحكومة الى الصحافة لمناسبة الذكرى السنوية الحادية عشرة للغزو فاعتبر النائب الاول لرئيس الوزراء وزير الخارجية الشيخ صباح الاحمد ان النظام العراقي "بؤرة خطر تهدد الكويت والمنطقة ولا يزال يواصل نهجه العدائي"، في حين دعا وزير الدفاع الشيخ جابر مبارك الصباح الى "تعزيز قدرات الكويت الدفاعية وتطوير رؤيتها الاستراتيجية والتعاون مع الاشقاء والحلفاء بما يضمن امنها واستقرارها ويحفظ سيادتها واستقلالها". وعقد وزير الاعلام الشيخ احمد فهد الصباح امس لقاء مع وفود اعلامية فقال ان الكويت تطالب بضمانات بعدم تكرار العدوان عليها، واستبعد تكرار عملية الغزو الآن "لكن العراق يخطط وبدأ فعلاً تنفيذ خطط تخريب في الكويت على يد اجهزة مخابراته، والغزو الجديد قد ينفّذه العراق بالمخدرات والمجموعات التخريبية"، وتابع ان الكويت تتشدد في بعض القضايا لاتصالها بأمنها وخوفاً من تكرار الماضي. ولدى سؤاله عن موقف الكويت من ضربة اميركية محتملة ضد العراق قال "المسألة ليست ابيض واسود، فاذا كان النظام العراقي يدفع في اتجاه الضربة العسكرية فكيف يطلب منا ان نقول لا، وهل سيقف الآخرون الولاياتالمتحدة مكتوفي الايدي اذا ما تعرضوا للتهديد". وتابع: "احياناً يجب ان يكون هناك رد حاسم ولكن هذا ليس قضية تقررها الكويت وما يهمنا هو امننا واستقرارنا ونتمنى الا يفتعل النظام الازمات". وحول الاتهام العربي للكويت بالتصلّب تجاه العراق قال: "نعتقد ان التاريخ سينصفنا في هذا الشأن وبتنا نخشى ان يطالب بعضهم الكويت بالاعتذار من العراق عما حدث عام 1990". في القاهرة، دعا الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى إلى "السمو فوق الخلافات والسعي لتحقيق المصالحة العربية، والامتناع عن كل ما من شأنه النيل من التضامن العربي أو تهديد الأمن العربي، وما يمس الأمن القومي لأي من الدول العربية". وأكد أن الأمة العربية ستتجاوز محنتها، بل ستتجاوز كل محنها إذا صح العزم، وتم ترتيب النظام العربي ليصبح هو المانع أمام أي تدهور في العلاقات العربية - العربية، والحامي لأمنها وسيادة دولها وحقوق شعوبها.