"موضة" جديدة تكتسح حالياً المحطات التلفزيونية في لبنان بعد "موض" عدة اشهرها على الاطلاق "غزو" المسلسلات المكسيكية المدبلجة التي سيطرت سنوات على المحطات التلفزيونية كافة. "الموضة" الجديدة هي عرض البرامج الكوميدية أو "الميني شونسونييه" اذا جازت التسمية. واسبوعاً بعد آخر يطل برنامج جديد وفي الشهرين الأخيرين ازداد عدد هذه البرامج وباتت المحطات كافة تقدم كل ليلة، تقريباً، برنامجاً من هذا النوع. بداية هذه البرامج كانت قبل سنوات عبر شاشة "M.T.V." من خلال برنامج حمل اسم "أثقل شي" وكان يعده شربل خليل الآتي من مسرح الشونسونييه عبر فرقة حديثة أطلق عليها اسم LES RIGOLOTS ولكن سرعان ما وقع الخلاف بين ادارة المحطة وشربل خليل ليتابع زميله في البرنامج نعيم حلاوي الاشراف على "أثقل شي" ووصلت المشكلات بين خليل وM.T.V الى المحاكم، والبرنامج المذكور ما زالت تعرضه الشاشة ومن دون أي توقف حتى اليوم ويعتبر من أنجح البرامج شعبياً. ومع الوقت انتشرت هذه البرامج كالفطر في مختلف المحطات ووجد شربل خليل نفسه في تلفزيون لبنان وقدم "تق - رير" لكن السياسيين في لبنان، أو بعضهم لم يتحملوا هذا البرنامج فأعوزوا الى ادارة التلفزيون بايقافه وهذا ما حصل. وبعد توقف قليل أطل شربل خليل من "المؤسسة الللبنانية للارسال" في برنامج "تعليق سي قاسي" الذي لا يزال يعرض حتى اليوم. وفي الشهر الماضي وبعد سنوات طويلة من الغياب ظهر "رئيف البابا" المعروف بشخصية "أبو زهير" انطلق مع فريق أثقل شي ببرنامج جديد ومن شاشة المؤسسة اللبنانية للإرسال أيضاً في برنامج عنوانه "شي حلو" وكانت محطة M.T.V سبقت المؤسسة اللبنانية للارسال بزهاء شهر باطلاق برنامج حمل اسم "L.M.T.V" لكنه لم يحقق ما يصبو اليه من نجاح، حتى الآن على الأقل. وثمة برامج أخرى آتية على ما نعتقد. وككل موضة فإن ثمة خاسراً ورابحاً من جرائها، لعل أول أو أكثر المستفيدين من هذه البرامج شركات الاعلان والمحطات التلفزيونية من جهة، وبعض "نجوم" هذه البرامج الذين أصبحوا من أصحاب الشهرة والسلطة. أما أكبر المتضررين من هذه البرامج فهو المسرح في شكل عام ومسرح الشونسونييه في شكل خاص الذي ابتعد منه الجمهور، وأوقفت معظم الفرق المسرحية أعمالها واختفت وجوه هذا المسرح الذي انتشر كالفطر في السنوات الأخيرة من الحرب ومع بدايات السلم الأهلي في لبنان وأبرز فرقة في تاريخ مسرح الشونسونييه توقفت قبل أربع سنوات وهي فرقة وسيم طبارة الذي عرضت عليه بعض المحطات التلفزيونية تقديم برامج إلا أن شيئاً من هذا لم يحصل. ويعزو البعض السبب الأكبر والأساس لابتعاد الجمهور من الشونسونيين إقدام التلفزيونات على عرض المسرحيات بعد انتهاء عرضها في المسرح، ثم الى غياب ما يسمى بعامل الاشتياق الى نجوم مسرح الشونسونييه بعد أن باتوا يرونه في هذه البرامج وهم في منازلهم، ومن دون أي عناء سواء أكان هذا العناء مادياً أم لأسباب أخرى. وثمة أسباب أخرى يذكر منها مارك قديح "عامل الرقابة الذي فرض نفسه كثيراً على مسرح الشونسونييه وحد من حريته وقيد حركة الكاتب والممثل" وثمة سبب آخر في رأيه وهو "تأثير السينما في المسرح وانحياز الجيل الجديد اليها خصوصاً ان بطاقة الدخول الى السينما اسعارها زهيدة 5 آلاف ليرة كأن يشاهد الجمهور أضخم أو أهم الأفلام ويتمتع بالتكنولوجيا الحديثة والراحة التي تقدمها الصالات السينمائية". أما اندره جدع فإنه يضع المسؤولية "على الوضع الاقتصادي والنفسي في البلد وكثرة اللبنانيين الراغبين في الهجرة. وهذا ما كنا نلمسه في شكل متزايد في كل رحلاتنا الى الخارج". ويضيف "من هنا اخترت عنوان أو موضوع مسرحيتي الجديدة "فيزا" التي تعبر تماماً عن الواقع اللبناني". أما بالنسبة الى البرامج الكوميدية التلفزيونية من الناحية النقدية فإن ثمة تناقضاً في الآراء يمكن ان نوجزها بأن البعض يرى انها باتت تكرر نفسها والأفكار لا تتجدد وهناك من يرى في بعضها شيئاً من الاباحية التي تخدش الحياء خصوصاً لدى الأطفال. وثمة من يقول ان شروط الكوميديا الحقيقية شبه غائبة والأمر يقتصر على تقليد الشخصيات السياسية والفنية. وعلى كل حال فإن رأي الجمهور يبقى عموماً، من غير فاعلية. فطالما ان المعلن يجدها مربحة والمحطات التلفزيونية تعتبرها غير مكلفة بالمقارنة مع البرامج التمثيلية والدرامية أو الثقافية فإن سوق هذه البرامج سيبقى منتعشاً ونشطاً حتى بروز "موضة" اخرى بديلة تحمل الشروط الآنفة. وهذا الأمر يدعونا الى ترقب "موضة" جديدة أخذت "تكتسح" بدورها سوق التلفزيونات هي برامج الجوائز المالية. فبعد النجاح الهائل الذي حققه برنامج "من سيربح المليون" الذي بثته محطة M.B.C ويقدمه الزميل جورج قرداحي تسابقت المحطات في بيروت على تقديم هذه البرامج وبعض المحطات تحضر لاطلاق سلسلة منها لاقتناعها بأنها في مقابل "الملايين" التي ستنفقها ستكسب ملايين من المشاهدين لمشاهدة ومتابعة أحدث موضة تعرضها التلفزيونات.