} سجل الإصلاحيون في ايران "نصراً" على المحافظين، إذ أصدر مجلس تشخيص مصلحة النظام قراراً يقضي بالسماح لمجلس الشورى البرلمان الاصلاحي بإجراء تحقيق في عمل المؤسسات الخاضعة لمرشد الجمهورية آية الله علي خامنئي، بإيعاز من المرشد نفسه. ورفض الاصلاحيون قراراً قضائياً يقضي بتنفيذ "الاحكام الاسلامية" علناً بحجة "منع انتشار الفساد". عزز مجلس الشورى البرلمان الإصلاحي في ايران دوره الرقابي ليشمل المؤسسات التابعة لمرشد الجمهورية آية الله علي خامنئي والتي يسيطر عليها المحافظون، وذلك بموجب قرار أصدره مجلس تشخيص مصلحة النظام برئاسة الرئيس السابق هاشمي رفسنجاني. وجاء هذا القرار بإيعاز من المرشد نفسه بعد سجال بين المحافظين والاصلاحيين خلال الشهرين الماضيين على صلاحية البرلمان في الرقابة على المؤسسات التابعة للمرشد كمؤسسة الإذاعة والتلفزيون ومؤسسة المستضعفين. وحسم خامنئي الموقف حينها باعلانه ان من حق البرلمان التحقيق في عمل تلك المؤسسات ومراقبتها، وطلب من مجلس تشخيص مصلحة النظام "رفع العوائق القانونية" الناجمة عن الاختلاف في موقفي كل من البرلمان ومجلس صيانة الدستور الذي يضم غالبية محافظة. ويسمح القرار الجديد للبرلمان بإجراء تحقيق في عمل أي من هذه المؤسسات بعد أخذ إذن من المرشد، ما سيعزز من اشراف الاصلاحيين، رقابياً، على ما يقوم به خصومهم المحافظون في تلك المؤسسات التي تتمتع بموازنات ضخمة تقدر ببلايين الدولارات، كما هو الحال بالنسبة الى مؤسسة المستضعفين. وتكمن أهمية القرار ايضاً في ان هذه المؤسسات غير خاضعة لإشراف حكومة الرئيس محمد خاتمي. وعقدت جلسة مجلس تشخيص مصلحة النظام برئاسة رفسنجاني، وغياب خاتمي، وحضور رئيس القضاء والبرلمان هاشمي شاهرودي ومهدي كروبي، وبقية الأعضاء اضافة الى اعضاء مجلس صيانة الدستور برئاسة آية الله أحمد جنتي محافظ. ويشكل القرار نصراً للاصلاحيين على المحافظين في معركة ممارسة البرلمان دوره الرقابي على كل المؤسسات، وهو قرار قد يُعدل نتيجة التنافس بين الطرفين بعدما خسر البرلمان أخيراً معركة "الأزمة الدستورية" أمام القضاء في شأن انتخاب أعضاء حقوقيين للمجلس الدستوري، اذ رضخ النواب للتسوية التي فرضها مجلس تشخيص مصلحة النظام وقبلها المرشد، وتقضي بإعادة انتخاب اثنين من الحقوقيين من أصل أربعة رشحهم رئيس القضاء ورفضهم البرلمان طالباً تغييرهم. لكن المجلس اضطر في النهاية الى اعادة عملية الانتخاب واحتساب النتيجة بالأكثرية النسبية بدل الاكثرية المطلقة. وأدى انهاء هذا الخلاف الى اقامة مراسم تنصيب خاتمي امام البرلمان، بحضور كل اعضاء المجلس الدستوري، بعد تأجيل استمر اياماً. وفي جديد السجال بين البرلمان والقضاء رفض الاصلاحيون قراراً لرئيس السلطة القضائية يقضي بتنفيذ العقوبات بموجب الاحكام الاسلامية امام الملأ لوقف انتشار الفساد الاخلاقي. وكان شاهرودي أعلن بدء تطبيق هذه الاحكام ابتداء من الشهر الايراني المقبل، اي بعد عشرة أيام، في عشر محافظات. وقال: "ان ايادي الاعداء تقف وراء الهجمة الثقافية، مثل ترويج الاباحية وعدم الاخلاق، وهي مفاسد أشار اليها أخيراً قائد الثورة المرشد خامنئي أثناء المصادقة على انتخاب خاتمي رئيساً لولاية ثانية". واضاف شاهرودي: "لقد تمت مصادرة مليون زجاجة من المشروبات الكحولية خلال الشهور الثلاثة الأخيرة، لم يمض على انتاج بعضها سوى اسبوع واحد خارج ايران"، مشيراً الى انها "تدخل الأراضي الايرانية مع أقراص كومبيوتر اباحية عبر شبكات مافيا منظمة من خارج ايران"، مشدداً على "عدم التعاطي معها كأمر عادي، بل ينبغي على المحكمة العليا ان تصادق سريعاً على الاحكام الصادرة بحق المتورطين لتنفيذها علناً". ورد رئيس اللجنة القضائية في البرلمان النائب ناصر قوامي على ما أعلنه شاهرودي، فرفض أسلوب تنفيذ العقوبات في الساحات العامة وخصوصاً المتعلقة بالفساد الاخلاقي، واعتبر: "ان تنفيذ هذه الاحكام أمام الملأ في الظروف الراهنة لن يؤدي الى وقف الفساد بل سيزيد من انتشاره"، ورأى ان هذا الاسلوب "يهدف الى قطع الطريق على العلاقة التي اقامها خاتمي مع العالم، مما سيؤثر سلباً على العلاقات الخارجية لايران". وذكر قوامي انه حتى في السنوات الأولى بعد انتصار الثورة لم يتم تنفيذ العقوبات في الساحات العامة، وكان ذلك يحظى بمعارضة مجلس القضاء الأعلى في حال حصوله الذي كان يمنع مثل هذا الاجراء. واثار النائب الاصلاحي مسألة كيفية التثبت من حصول جرم شرب الخمر أو الزنا "فإذا كانت ستتم عبر شهادة أربعة رجال عدول فإن ذلك شبه مستحيل، واذا تم ذلك عبر الاعتراف فإن الفقه يعطي القاضي حق العفو لأن الاعتراف يعني الندم عما تم ارتكابه". وشهدت الساحات العامة في طهران وبعض المدن الكبرى الشهر الماضي عمليات جلد بحضور المارة، وذلك بأمر مباشر من القضاء اثر احكام أصدرها بحق عدد من المتهمين بتهمة "شرب الخمور أو المشاركة في مجالس اللهو". واعترض وزير الداخلية عبدالواحد موسوي لاري على هذا الاسلوب العلني في تنفيذ الاحكام، وأعلن عدم اطلاع الحكومة على هذه الاجراءات. وازدادت في الفترة الأخيرة ظاهرة "بائعات الهوى"، وقتل بعضهن، كما حصل في مدينة مشهد شرق، كما عثر على ثلاث جثث لبائعات هوى في العاصمة طهران.