منح الرئيس الاميركي جورج بوش العلماء الاميركيين حقاً محدوداً في إجراء ابحاث على خلايا أساسية مأخوذة من أجنة مؤكد موتها، الأمر الذي وصفته الكنيسة الكاثوليكية ب"غير المقبول أخلاقياً"، وتلقفه العلماء في تحفظ بسبب المعوقات التي تضمنها. كراوفورد الولاياتالمتحدة - "الحياة"، أ ف ب، أ ب - أجاز الرئيس الاميركي جورج بوش، بعد تردد طويل، تمويل الابحاث عن الخلايا الاساسية الجنينية، باستخدام أموال فيديرالية، لكنه فرض قيوداً قاسية عليها جعلها أدنى من طموحات الباحثين. وأعلن الرئيس الاميركي، مساء أول من امس، بعد ستة أشهر من التفكير والمشاورات الكثيفة، في خطاب متلفز الى الأمة من مزرعته في كراوفورد ولاية تكساس "اجازة استخدام الاموال الفيديرالية في تمويل سلالات الخلايا البكر المكتشفة بالفعل والتي سبق ان اتخذ في شأنها قرار الحياة او الموت"، أي ما يقصر التمويل الاتحادي على أبحاث خلايا المنشأ المأخوذة من أجنة البشر على 60 جنيناً ماتوا بالفعل. وعمد بوش، في وضوح، الى طمأنة ناخبيه والاوساط الدينية والمحافظة، مؤكداً عدم السماح باستخدام أموال عامة في تمويل أي بحث على خلايا بكر مستخرجة من أجنة جديدة. وقال: "علينا السير في حذر" في هذا المجال. وكان بوش أكد خلال الحملة الانتخابية معارضته أي تمويل فيديرالي للأبحاث التي "تؤدي الى القضاء على أجنة بشرية". وبموقفه هذا تخطى بوش امتحاناً صعباً في السياسة الداخلية خصوصاً ان الرأي العام الاميركي لم يحسم موقفه من المسألة، اضافة الى ان الكونغرس منقسم حولها بين محافظين وليبراليين وجمهوريين وديموقراطيين. ويكون بوش بذلك أعطى دليلاً الى انه لا يزال مؤمناً ب"المحافظة الرحيمة" التي جعل منها شعاره في الانتخابات الرئاسية، وذلك من دون اغضاب قاعدة الحزب الجمهوري المحافظة. وفي الوقت نفسه يخطو بوش خطوته الاولى باتجاه الوسط بعدما أرضى المحافظين في كثير من القضايا منذ تولى ادارة البيت الابيض. ومن حيث المبدأ يمكن سلالات الخلايا هذه ان تتكاثر الى ما لا نهاية في المختبر، وإن كانت الوسيلة التكنولوجية لتحقيق ذلك ما زالت في طور التجربة. واعتبر بوش أن قضية الخلايا البكر المأخوذة من أجنة تثير مشكلة ضمير ودين، آملاً من جهة اخرى بتشجيع الأبحاث الخاصة بالخلايا الأساس التي يمكن الحصول عليها من مصادر اخرى، لا خلاف كبيراً عليها مثل "الحبل السري الخلاص والمشيمة والخلايا البالغة والحيوانية". وسعى بوش الى ان يشرح لمواطنيه الآمال المعقودة على هذه الابحاث ومخاطرها، قائلاً: "الابحاث المتعلقة بالخلايا الجنينية واعدة جداً لكنها تنطوي ايضاً على مخاطر جمة". ويأمل الباحثون أن يتمكنوا من استخدام هذه الخلايا البكر في توليد سلالات من الخلايا النوعية المتخصصة مثل خلايا الدم والكبد والعضلات والقلب... وغيرها تستخدم يوماً ما في "اصلاح" اعضاء بشرية تالفة، وفي علاج أمراض مستعصية مثل بعض انواع السرطانات ومرض السكري وباركنسون او ألزهايمر. وأوضح بوش انه تردد طويلاً قبل اتخاذ قراره، وانه استشار الكثير من الخبراء والشخصيات السياسية والاخلاقية والدينية. وأكد انه سيشكل لجنة من كبار العلماء والخبراء في اخلاقيات علم الاحياء والقانون وعلم اللاهوت وآخرين "لوضع اطار وقواعد تشمل كل النتائج والانعكاسات الطبية والعرقية للاكتشافات المتعلقة بالعلاج البيولوجي". وعهد برئاسة اللجنة الى الدكتور ليون كاس الاختصاصي في اخلاقيات البيولوجيا الطبية. ووصف رئيس الأساقفة الكاثوليك في الولاياتالمتحدة المطران جوزيف فيورنزا قرار بوش ب"غير المقبول أخلاقياً". وقال في بيان "إن السلطات الاميركية الاتحادية ستمول، للمرة الاولى، أبحاثاً تعتمد قتل كائنات لا حول لها ولا قوة لمصلحة غير مؤكدة لكائنات اخرى". وعلى رغم أهمية قرار بوش هذا، فإنه جاء أدنى من تطلعات العلماء الذين حرموا استخدام الأجنة الزائدة عن الحاجة والمجمدة في عيادات التخصيب، وبات عليهم الاكتفاء بسلالات الخلايا البكر الموجودة بالفعل، ومعظمها ان لم تكن كلها، اكتشفها القطاع الخاص وتحميها براءات اختراع.