تفاعل الخلاف المغربي - الجزائري على خلفية "اعتداء" قام به مؤيدو جبهة "بوليساريو" على شبان مغاربة شاركوا في المؤتمر الدولي للشباب في العاصمة الجزائرية. واعتبرت الجزائر أمس ان الرباط "تفتعل" أزمة ديبلوماسية "لا أساس لها". غادر الوفد المغربي المشارك في المهرجان الدولي للشباب الجزائر، صباح أمس، بعد رفض السلطات الجزائرية تلبية طلبه "توفير الحماية الأمنية الكاملة" لأعضائه الذين تعرضوا للضرب غداة إفتتاح المهرجان، مساء الأربعاء في ملعب "5 جويليه". وقالت الحكومة الجزائرية في أول رد فعل بعد الإعتداء على الوفد المغربي أنها "لن تخضع لأي جدل أو إستفزاز من حيث أتى". وعبرت عن أسفها لكون قرار السلطات المغربية "غير متكافئ" مع ما وصفته ب "الحادث المؤسف الذي حدث بين الوفدين المغربي والصحراوي". وجددت رغبتها في "العمل بثبات وقناعة لتدعيم العلاقات بين البلدين الشقيقين لإحلال السلام والإستقرار في المنطقة". أما وزارة الخارجية فقالت في بيان انها "تحترم القرار السيد للمغرب بسحب وفده". لكنها انتقدت العبارات التي استخدمتها وزارة الشؤون الخارجية المغربية في بيانها في شأن حادثة الاعتداء على وفد الشبان المغاربة. وعلمت "الحياة" أمس أن أحد أعضاء الوفد المغربي "مفقود" ويجري البحث عنه إذ انه لم يغادر الجزائر ولم يظهر حتى المساء في المهرجان. وقال وفد جبهة "بوليساريو" مساء أمس أن الوفد المغربي هو الذي بدأ ب "استفزازات متكررة بما في ذلك استعمال العنف". ولفت الى أن المغاربة اعتدوا مساء الثلثاء على "جناح معرض الوفد الصحراوي في جامعة باب الزوار"، ثم تهجموا قبل إفتتاح المهرجان على "مجموعة من 40 شاباً صحراوياً". وكان أعضاء في الوفد المغربي المكون من 142 شاباً اشتبكوا مع أعضاء من وفد "بوليساريو" قبل لحظات من انطلاق العروض في الملعب الأولمبي. ولم ترد تفاصيل عن الجهة التي بدأت المواجهة، لكن بلاغاً صدر، أمس، عن اللجنة الوطنية لتنظيم المهرجان تحدث عن "نيات عدائية" و"استفزازية" للوفد المغربي. وقال بعض المصادر أن أعضاء من الوفد المغربي تعرضوا بعد المواجهات مع شباب "بوليساريو"، لإعتداء على ايدي بعض الجزائريين الحاضرين في الملعب الذين رموهم ببعض القارورات. وقال ل "الحياة" مصدر قريب من السفارة المغربية في الجزائر أن عدد الجرحى أربعة وأن قرار المغادرة اتخذ مساء الخميس وتأجل رحيل الوفد إلى صباح الجمعة بسبب تأخر الطائرة الخاصة التي أقلّتهم. وقال رئيس اللجنة الوطنية للمهرجان النائب السيد بلعيد عبدالعزيز في تصريح الى "الحياة"، أمس، أن المواجهات وقعت قبل إنطلاق الحفلة في الملعب وأن مغربياً أصيب بكسر في يده "أما البقية فكانت اصاباتهم خفيفة: مجرد خدوش على الجلد". وتابع: "اشترط المغاربة على الحكومة وضع تعزيزات أمنية على أعضاء الوفد. لكن ذلك غير مقبول بالنسبة الينا كلجنة وطنية لأن دور الحكومة حفظ الأمن. وأمن المشاركين يتكفل به أعوان أمن من الطلبة الجزائريين وهو التقليد المعمول به في كل دول العالم". واستدرك: "هل يعقل أن نضع تدابير أمنية استثنائية في عرس الشباب؟". وفي الرباط، أصدرت وزارة الخارجية بياناً احتجت فيه في شدة على "اعتداء" مناصري جبهة "بوليساريو" على أعضاء في الوفد المغربي. واستدعت الوزارة السفير الجزائري لابلاغه احتجاجاً مماثلاً. ولاحظت مصادر سياسية ان الأزمة الجديدة المغربية - الجزائرية لها طابع سياسي على خلفية نزاع الصحراء الغربية. وأشارت الى ان المغرب كان وجه الى الجزائر رسالة ترفض فيها موقف الجزائريين من قضية الصحراء، خصوصاً في ضوء الانتقادات الموجهة الى مشروع "الاتفاق - الإطار" الذي اقترحته الأممالمتحدة ويعطي الصحراويين حكماً ذاتياً لمدة خمس سنوات تبقى فيها المنطقة تحت السيادة المغربية. كذلك لاحظت المصادر ان المغاربة أصرّوا، وعلى أعلى المراجع، على عودة وفدهم من الجزائر وان يعالج الجرحى في مستشفيات مغربية وليس في الجزائر. يُذكر ان ملف العلاقات المغربية - الجزائرية يعرف خلافات عدة. إذ إضافة الى الخلاف على موضوع الصحراء، هناك قضية الحدود البرية المغلقة منذ 1994، وقضية المغاربة ال 35 الفاً الذين طردتهم الجزائر في 1974 على خلفية قضية الصحراء، وإن كان التبرير الذي قُدّم رسمياً هو ان اقاماتهم غير شرعية.