دعا قيادي بارز في حزب الاتحاد الاشتراكي المغربي الى فتح تحقيق في المعلومات الجديدة عن تفاصيل خطف المعارض السابق المهدي بن بركة في باريس وتعذيبه وقتله ونقله الى الرباط حيث ذُوّبت جثته. وصف عضو بارز في حزب الاتحاد الإشتراكي المغربي إفادة ضابط الاستخبارات أحمد البخاري في شأن ملابسات اختفاء المعارض المهدي بن بركة سنة 1965 بأنها "حاسمة". وقال نائب الأمين العام للحزب الحاكم السيد محمد اليازغي، في مقابلة مع "الحياة" أمس، ان البخاري قدّم أدلة كافية تتيح بدء التحقيق في الملف، مشيراً الى انها المرة الأولى التي يتحدث فيها مسؤول سابق في الاستخبارات عن التفاصيل المرعبة لخطف بن بركة وتعذيبه وقتله في باريس ثم نقل جثته الى الرباط وتذويبها في حوض أسيد في معتقل "دار المقري". وقدّم البخاري أيضاً، لصحيفتين فرنسية ومغربية، أسماء مسؤولين في جهاز الاستخبارات يُزعم انهم تورطوا في قضية بن بركة وبعضهم لا يزال حيّاً. وزعم البخاري، في مقابلة مع "لوموند" الفرنسية و"لوجورنال" المغربية، ان بن بركة عُذّب تعذيباً وحشياً على أيدي الجنرال محمد أوفقير ومساعده الرائد أحمد الدليمي في فيلا جنوبباريس قبل تذويب جثته الى الرباط. وقال اليازغي ان إفادة البخاري في شأن نقل جثة بن بركة الى الرباط بطائرة عسكرية من باريس "يتطلب تواطؤاً من أعلى مستوى في فرنسا". وطالب السلطات الفرنسية برفع السرية عن كل الملفات المرتبطة بظروف اختفاء بن بركة وقتله. ورأى السياسي المغربي ان هناك مؤشرات عدة الى "نضج الملف قضائياً وإمكان تعميق البحث فيه". ولفت، في هذا الإطار، الى زيارة قام بها القاضي الفرنسي جان باتيست، المكلّف التحقيق في اختفاء بن بركة، الى المغرب في حزيران يونيو الماضي. وأوضح ان القاضي، في زيارته الأولى للمغرب، بحث مع المسؤولين في ظروف لجوء ضباط أمن فرنسيين متورطين في "عملية بن بركة" الى الرباط إثر انكشاف أمر خطفه في باريس في تشرين الأول اكتوبر 1965. وأضاف ان هذه هي المرة الأولى التي يُجري فيها قاض فرنسي اتصالات داخل المغرب منذ بدء التحقيق في ملف بن بركة قبل 36 سنة. وعن المزاعم بضلوع الاستخبارات الأميركية في عملية خطف المعارض المغربي الراحل، قال اليازغي ان وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية لديها ثلاثة آلاف وثيقة عن بن بركة ترفض حتى الآن رفع السرية عنها. واستبعد ان تكشف اميركا هذه الوثائق "البالغة الأهمية بالنسبة الى تقدّم التحقيق في ملف اغتيال الناشط" المغربي. وسُئل عن سبب عدم إبداء حكومة السيد عبدالرحمن اليوسفي موقفاً معلناً من تفاصيل إفادة البخاري، قال اليازغي ان الحكومة "تؤمن بدور القضاء والدور الذي يمكن ان يلعبه لجهة كشف الحقيقة والاستماع الى المتورطين" المزعومين في جريمة قتل بن بركة. وأضاف ان الاتحاد الاشتراكي نصّب نفسه طرفاً مدنياً في الملف، وطلب من قاضي التحقيق الاستماع الى البخاري في شأن ملف بن بركة وملفات أخرى مرتبطة بظروف اختفاء عشرات آخرين في سنوات الاحتقان السياسي في المغرب. واعتبر اليازغي ان من الطبيعي ملاحظة بعض البطء في التعاطي مع ملف بن بركة، لافتاً الى ان القضاء الفرنسي "قضى ما يزيد على 36 عاماً في التحقيق في هذا الملف من دون الحسم فيه". وأضاف: "هذه القضية لن تُحسم في ساعات وتتطلب دقة ومتابعة حثيثة". ودافع اليازغي عن موقف حزبه من تفاعلات إفادة البخاري، رداً على كلام البشير بن بركة نجل المعارض الراحل ان الاتحاد الاشتراكي تأخر في دعوة القضاء المغربي الى التحقيق في الملف في انتظار المعلومات التي كشفها البخاري. وأشار الى ان حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية الذي انشق عنه الاتحاد الاشتراكي، أوفد رئيس الوزراء الحالي السيد اليوسفي الى باريس لتولي أمر البحث عن بن بركة ورفع دعوى قضائية للتحقيق في ملابسات اختفائه في العاصمة الفرنسية في السنة 1965.